اقتصاد عربي

طارق عامر: 200 مليار دولار دخلت مصر آخر 4 سنوات.. أين ذهبت؟

اعتبر خبراء ومختصون تصريحات محافظ بنك مصر المركزي دليلا على وجود حسابات سرية لرموز الانقلاب العسكري- أ ف ب/ أرشيفية

أثارت تصريحات محافظ البنك المركزي طارق عامر، بدخول 200 مليار دولار لمصر خلال الفترة من 2015 وحتى 2019، تساؤلات واسعة في الأوساط الاقتصادية والسياسية حول مصير تلك الأموال وأين ذهبت؟

 

واعتبر خبراء ومختصون أن تصريحات عامر، دليل على وجود حسابات سرية لرموز نظام الإنقلاب العسكري، برئاسة عبد الفتاح السيسي، لا يعرف عنها أحد شيئا.


وأكد المختصون الذين تحدثوا لـ "عربي21"، أن الأرقام التي أعلنها محافظ البنك المركزي، إما أنها تحمل مبالغة كبيرة، أو أنها تحمل دليل إدانة لفساد النظام العسكري، خاصة وأن الأرقام الرسمية التي سبق وأعلنها البنك المركزي، لا تصل لهذا الرقم بأي حال، مطالبين محافظ البنك، والحكومة المصرية، بتوضيح رسمي حول سبل إنفاق هذا المبلغ الضخم.


وكان طارق عامر، كشف خلال مؤتمر المصارف العربية، الذي عقد بالقاهرة الأحد الماضي، أن إجمالي التدفقات الدولارية على مصر بلغت 200 مليار دولار خلال الأربع سنوات الماضية؛ بفضل نجاح برنامج السياسات المالية والنقدية الذي تنفذه مصر، مؤكدا أن مصر أصدرت سندات لمدد تصل إلى 40 عامًا.


يأتي ذلك في وقت كشف فيه التقرير التحليلي للأداء الاقتصادي، عن النصف الأول من موازنة 2018/2019، الصادر عن البنك المركزي، أن الدين الداخلي قفز على أساس سنوي، في آذار/ مارس 2019، بنسبة 18.8 %، حيث وصل إلى 4.204 تريليونات جنيه (256.2 مليار دولار)، مقابل 3.538 تريليونات جنيه (215 مليار دولار) في نفس الشهر من 2018.


كما وصل الدين الخارجي إلى 106.2 مليارات دولار في نهاية آذار/ مارس 2019، مقابل 88.16 مليار دولار في نفس الفترة من 2018، ما يجعل إجمالي الدين العام الداخلي والخارجي يقرب من 6 تريليونات جنيه.

 

اقرأ أيضا: هكذا علق طارق عامر على قرار السيسي بالتجديد له (فيديو)

دليل إدانة


وفي تقييمه للأرقام التي أعلنها محافظ البنك المركزي، أكد الاقتصادي المصري، ورئيس الأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي، أشرف دوابة، لـ"عربي21" أن الرقم مبالغ فيه جدا، خاصة وأنه يتحدث عن الفترة من 2015 وحتى 2019، كما أن طرح المبلغ بهذا الشكل الغامض، ودون توضيح، يطرح العديد من التساؤلات التي تمثل إدانة واضحة للنظام المصري.


وتساءل دوابة قائلا: "هل يشمل هذا المبلغ مثلا، الأموال النقدية فقط، وهل يدخل فيه عوائد السياحة، وتحويلات المصريين بالخارج، وقناة السويس، وأموال الخليج التي حصل عليها السيسي بعد الانقلاب العسكري في تموز / يوليو 2013، ووصلت قيمتها وفقا للأرقام الرسمية المعلنة لنحو 30 مليار دولار حتى حزيران/ يونيو 2016، وهل من ضمنها مبلغ الـ 8 مليارات، التي أدخلها السيسي في موازنة الدولة من أموال الخليج".


وحسب دوابة، فإن الاحتياطي النقدي وفقا لآخر بيان للبنك المركزي المصري وصل إلى 45 مليار دولار، والتكلفة النهائية للمرحلة الأولي من إنشاء العاصمة الإدارية، تصل لـ 45 مليار دولار، ما يعني أن باقي مكونات مبلغ 200 مليار دولار، دخلت في حسابات سرية خاصة برموز نظام الإنقلاب العسكري، إما للإنفاق على مشروعات مثل العاصمة الإدارية، بعيدا عن موازنة الدولة، وحتى لا تخضع لأي رقابة، أو للاستفادة الشخصية، كما أعلن المقاول المصري محمد علي، والذي كان قريبا من المنظومة العسكرية الاقتصادية.


ويشير الاقتصادي المصري إلى أنه وبعيدا عن الغموض الذي غلف تصريحات محافظ البنك المركزي، ، فإن المسؤولين بمصر، اعتمدوا سياسة اقتصادية قائمة على سياسة التداين، وترقيع القروض، ولذلك فإن السؤال الذي يحتاج لاجابة وتوضيح هو أين أنفق النظام المصري مبلغ 200 مليار دولار، في ظل أن الاحتياطي النقدي الذي لا يتجاوز 45 مليار دولار، معظمهم ودائع خليجية.


ويوضح دوابة أن مصر تعيش في أسوأ مراحل دولة الفساد، ولذلك فإن هذا الرقم يحمل دليل إدانة للنظام العسكري، الذي رسخ باستبداده، وأسلوب إدارته للدولة، منظومة الفساد وغياب النزاهة والشفافية.

 

اقرأ ايضا: ما سر تجديد السيسي لمحافظ البنك المركزي المصري؟

ديون المستقبل


ويؤكد عضو البرلمان المصري السابق عزب مصطفى لـ"عربي21"، أن الأرقام التي أعلنها محافظ البنك المركزي، والأخري التي يتغنى بها رئيس الإنقلاب وأعضاء حكومته، لا يشعر بها المواطن المصري الذي يعاني من الفقر والجهل والمرض، وهو ما يجعل التساؤلات حول مصير كل هذه الأموال، وهل كانت جزءا من عملية التنمية المستدامة في مصر، أم لا؟


وحسب مصطفى الذي كان عضوا سابقا باللجنة الاقتصادية بالبرلمان المصري، فإن محافظ البنك المركزي كشف عن كارثة حقيقية سوف تعيشها الأجيال القادمة، وهي بيع سندات مصرية لمدة 40 عاما قادمة، وهو ما يعني أن الأجيال الحالية والقادمة والتي بعدها، هم الذين سوف يسددون قيمة هذه القروض التي توسع فيها النظام العسكري.


ويشير البرلماني السابق، إلى أن معظم هذه الأموال لم تدخل خزانة الدولة، ولم يستفد منها المواطن المصري، وإنما ذهبت للحسابات السرية والخاصة بقيادات النظام العسكري، وما يؤكد ذلك، فشل الجنيه في المحافظة على قيمته مقابل الدولار، وإلا كان أولى بهذا المبلغ أن يحافظ على سعر الصرف الحقيقي للجنيه المصري.


وتساءل مصطفى قائلا: "إذا كان محافظ البنك تحدث عن الفترة من 2015 وحتى 2019، فما هو مصير الأموال التي حصلت عليها مصر خلال الفترة من 2013 وحتى 2015، والتي قدرتها الدراسات الاقتصادية التابعة للنظام نفسه، بأنها تجاوزت 50 مليار دولار، حصيلة 35 قرضا حصل عليهم السيسي لدعم انقلابه العسكري، منهم 31 مليار دولار خلال عام 2014 فقط".