صحافة دولية

NYT: هكذا قتل الأمريكيون قاسم سليماني في بغداد

نيويورك تايمز: مقتل سليماني يعد تصعيدا من ترامب في المواجهة المتزايدة مع طهران- تويتر

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا، لمراسليها ديفيد كرولي وفالح حسن وإريك شميدت، عن الغارة الأمريكية التي قتلت قائد فيلق القدس قاسم سليماني قرب مطار بغداد ليلة الخميس. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الرئيس دونالد ترامب أمر بقتل المسؤول الأمني والعسكري، لافتا إلى أن طائرة مسيرة "أم كيو- 9 ريبر" أطلقت صواريخ على موكب كان يحمل سليماني وقائد مليشيا كتائب حزب الله أبا مهدي المهندس. 

 

ويلفت الكتّاب إلى أنه على مدى العقدين الماضيين كان سليماني مهندس عملية التمدد الإيراني في الشرق الأوسط كلها، مشيرين إلى أن الغارة الأمريكية تعد تصعيدا من ترامب في المواجهة المتزايدة مع طهران، التي بدأت بمقتل متعهد أمريكي في العراق الشهر الماضي. 

 

وتنوه الصحيفة إلى تصريحات المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي، التي قال فيها إن "رحيله لن ينهي طريقه ومهمته"، وتعهد بالانتقام من القتلة والمجرمين الملوثة أيديهم بدمائه، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تحضر نفسها لحرب إلكترونية أو إرهابية ضد مصالحها ومصالح الدول الحليفة لها، فيما تحضر إسرائيل نفسها لهجمات جديدة، حيث أغلقت معالم سياحية، مثل منتجع التزلج في جبل الشيخ. 

 

ويفيد التقرير بأن سليماني أدى منذ بداية الحرب الأهلية السورية دورا مهما في حماية رئيس النظام السوري بشار الأسد، وعمل على جمع عدة مليشيات محلية وقوى إقليمية، بما فيها روسيا، لتوفير الدعم للنظام السوري، مستدركا بأنها لم تكن الجبهة الوحيدة التي عمل عليها سليماني، فيتهمه الأمريكيون بقتل مئات الأمريكيين أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

 

ويقول الكتّاب إن أمريكا تتهم سليماني بالقيام بتدبير نشاطات مثيرة للفوضى في المنطقة، استهدفت الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية، وهو ما ورد في بيان البنتاغون، الذي قالت فيه إنه كان يخطط وبنشاط للقيام بهجمات ضد الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين، مشيرين إلى أن البنتاغون لم توضح المعلومات التي قادتها لتحديد موقع سليماني وملاحقته وقتله. 

 

وتشير الصحيفة إلى أن العملية بدأت بعد مقتل المتعهد الأمريكي في 27 كانون الأول/ ديسمبر، بحسب ما قاله مسؤول أمريكي.

 

ويجد التقرير أنه بقتل سليماني فإن ترامب يكون قد اتخذ قرارا رفضه الرئيسان جورج دبليو بوش وباراك أوباما؛ خشية أن يقود إلى مواجهة مع إيران. 

 

ويلفت الكتّاب إلى أنه في الوقت الذي برر فيه عدد من النواب الجمهوريين قرار اغتيال سليماني، إلا أن نقاد سياسة الإدارة الإيرانية اعتبروا الهجوم متهورا وتصعيدا من جانب واحد، قد يؤدي إلى تداعيات غير محسوبة، التي سيتردد صداها بعنف في الشرق الأوسط كله. 

 

وتنقل الصحيفة عن السيناتور الديمقراطي عن كونكتيكت، كريستوفر ميرفي، قوله: "كان سليماني عدوا للولايات المتحدة، ولا جدال في هذا الأمر.. السؤال، وكما تشير التقارير، هل قامت أمريكا دون تفويض من الكونغرس، باغتيال ثاني أكبر مؤثر في إيران، بشكل فتح الباب أمام حرب إقليمية واسعة؟".

 

وينوه التقرير إلى أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف حمل أمريكا تداعيات العملية "الإرهابية المارقة"، مشيرا إلى أن ترامب حمل إيران مسؤولية اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد، وقال في منتجعه في مار- إي- لاغو في فلوريدا: "لا أعتقد أن ذلك سيكون فكرة جيدة لإيران ولن يدوم ذلك طويلا"، ورد على سؤال عن الحرب، قائلا: "هل أريدها؟ لا، أريد السلام، وأنا أحب السلام". 

 

ويقول الكتّاب إن ترامب عادة ما يبدو متحفظا في مواقف كهذه، لكنه كان فرحا بالأخبار عن مقتل سليماني، ووضع صورة العلم الأمريكي على تغريدة من تغريداته، فيما رد مستخدمو "تويتر" الإيرانيون بوضع صور للعلم الإيراني مرفقة بردود انتقامية. 

 

وتذكر الصحيفة أن هذا الهجوم جاء بعد تحذير من وزير الدفاع مارك إسبر يوم الخميس، تحدث فيه عن تغير قواعد اللعبة، وقالت البنتاغون إن الهجوم كان يهدف لمنع هجمات إيرانية في المستقبل، فيما قال الصقور الإيرانيون في واشنطن إن العملية تعد ضربة قوية للقيادة الإيرانية. 

 

ويورد التقرير نقلا عن المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، مارك دوبوفيتز، تعليقه قائلا: "هذا أمر مدمر للحرس الثوري الإيراني والنظام وطموحات خامنئي الإقليمية"، وأضاف: "لـ23 عاما فإنه كان بمثابة رئيس هيئة الأركان المشتركة ومدير (سي أي إيه) لإيران، ووزير الخارجية الحقيقي.. إنه شخص لا يمكن تعويضه" للمؤسسة العسكرية الإيرانية. 

 

ويجد الكتّاب أنه لهذه الأسباب، فإن المحللين الإقليميين توقعوا أن ترد إيران بقوة وكثافة، فيقول مدير مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، روبرت مالي: "من المنظور الإيراني فإنه من الصعب تخيل فعل مستفز ومقصود مثل هذا.. من الصعب تخيل ألا ترد إيران بطريقة عدوانية للغاية، وسواء كان يقصد ترامب ذلك أم لا، فإن هذا الأمر بمثابة إعلان للحرب". 

 

وتستدرك الصحيفة بأن بعض المسؤولين في الولايات المتحدة ومستشاري إدارة ترامب قدموا سيناريو أقل حدة، فقالوا إن العملية قد تردع إيران عن القيام بأعمال جديدة، وتقنعها بأن تصرفاتها أصبحت خطيرة، وبأن ثمن التصعيد بات مكلفا. 

 

وينقل التقرير عن مسؤول بارز في الإدارة، قوله إن الرئيس ترامب أعطى عددا من الإشارات لإيران لتواصل أعمالها، منها قراره وقف الهجوم الذي كان في طريق التنفيذ بعدما أسقطت إيران طائرة أمريكية مسيرة في الخليج الصيف الماضي.

 

ويؤكد الكتّاب أن متابعة أثر سليماني كانت أولوية للإدارة وأجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية، مشيرين إلى قول المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين إن غارة ليلة الخميس قامت بناء معلومات سرية من عملاء وتنصت إلكتروني وطائرة استطلاع وعمليات رقابة أخرى. 

 

وتشير الصحيفة إلى أنه قتل مع سليماني، زعيم كتائب حزب الله أبو مهدي المهندس، ومدير العلاقات العامة في الحشد الشعبي محمد رضا جابري، لافتة إلى أن المسؤولين قالوا إن الصواريخ التي ضربت قافلة سليماني تم تنسيقها من قيادة العمليات المشتركة. 

 

ويورد التقرير نقلا عن المسؤولين العسكريين، قولهم إنهم على علم بإمكانية رد عنيف من إيران وجماعاتها، ويتخذون الخطوات لحماية الأمريكيين في الشرق الأوسط. 

 

وينقل الكتّاب عن جنرال عراقي، قوله إن مدير العلاقات في الحشد الشعبي والجنرال سليماني وصلا إلى مطار بغداد الدولي من سوريا، وانتظرتهما سيارتان أمام سلم الطائرة، ونقلتهما بشكل سريع، حيث كان المهندس في واحدة منهما، وعند مغادرة السيارتين المطار تم ضربهما بالصواريخ. 

 

وتلفت الصحيفة إلى أن هذا الهجوم يأتي بعد أيام من قصف الطائرات الأمريكية موقعا تابعا لكتائب حزب الله، قرب الحدود العراقية السورية، ردا على مقتل متعهد أمريكي في قاعدة عسكرية قرب كركوك، وردت المليشيات على الغارات الأمريكية بالزحف نحو السفارة الأمريكية في بغداد، ومحاصرتها، مع أنه لم يصب أحد من طاقمها بأذى. 

 

وبحسب التقرير، فإن البنتاغون اتهمت سليماني بالوقوف وراء اقتحام السفارة، مشيرا إلى أن هجمات المليشيات الشيعية على الأمريكيين زادت منذ شهور، فيما نشرت البنتاغون حوالي 14 ألف جندي في المنطقة منذ أيار/ مايو الماضي. 

 

وينوه الكتّاب إلى أن إسبر اتهم الحكومة العراقية يوم الخميس بأنها لا تعمل ما يكفي لوقف الهجمات، ودعاها لطرد الإيرانيين ووقف تأثيرهم على الحكومة.  

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن "سليماني لم يكن مسؤولا عن التنسيق وجمع المعلومات الأمنية فحسب، بل كان داهية وشخصية مقربة من المرشد الأعلى، ويحضر لتولي منصب مهم في البلاد، ووصف سليماني نفسه لمسؤول أمني عراقي بأنه (السلطة الإيرانية الوحيدة للعمل في العراق)". 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)