سياسة عربية

هل يعرقل تفجير خط الغاز بسيناء الصفقة المصرية الإسرائيلية؟

وقائع تفجير خط الغاز بين القاهرة وتل أبيب تكررت نحو 15 مرة إبان ثورة 25 يناير 2011- رويترز

بعد نحو أسبوعين من ضخ الغاز من إسرائيل إلى مصر تنفيذا لاتفاق بقيمة 15 مليار دولار مدّته 15 سنة؛ وقع تفجير بخط الغاز الرابط بينهما في منطقة بئر العبد بشمال شبه جزيرة سيناء التي تشهد أحداثا ملتهبة على مدار السنوات السابقة وصراعا بين الجيش والمسلحين.

وحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن مجموعة مسلحين ملثمين يستقلون سيارة رباعية الدفع، فجروا خط الغاز بمنطقة التلول، الواقعة على بعد حوالي 80 كلم غرب مدينة العريش، وذلك بوضع متفجرات أسفله، مساء الأحد.

وعلى الرغم من أن الوكالة الفرنسية قالت إن التفجير وقع في خط محلي فرعي يزود العريش ومصنع الإسمنت في سيناء بالغاز، أكدت وسائل إعلام مصرية وإسرائيلية، أن التفجير استهدف خط أنابيب يربط بين حقل ليفياثان القادم من إسرائيل لمصر.

ويمر غاز الصفقة الإسرائيلية بخط الأنابيب الواصل بين عسقلان والعريش والمملوك لشركة شرق البحر المتوسط للغاز (إي إم جي)، ويبلغ طوله 89 كيلومترا، ويصل قطره لنحو 26 بوصة، وينقل 700 مليون متر مكعب غاز سنويا.

"خط فرعي"

"عربي21"، تواصلت مع أحد أهالي شمال سيناء الذي أوضح أنه "توجد على الخط الرئيسي (عسقلان- العريش) غرف خرسانية تنشأ حول المحابس الرئيسية للتوزيع في الشبكات المحلية، وتلك الغرف هي التي توضح أن هنا خط الغاز، بينما باقي الخط غير مرئي، لأنه مدفون في الرمال".

وجزم بأن "التفجير وقع في خط فرعي، وأن الملثمين استهدفوا الغرفة التي بها المحبس الموصل لمنطقة وسط سيناء".

ويأتي ذلك التفجير بعد نحو 5 أيام من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن "صفقة القرن"، المثيرة للجدل، والتي لاقت رفضا وغضبا شعبيا بالدول العربية والإسلامية.

 

اقرأ أيضا: وزير إسرائيلي يستعرض مكاسب تصدير الغاز إلى مصر والأردن

"ليست الأولى"

وتكررت وقائع تفجير خط الغاز نحو 15 مرة إبان ثورة يناير 2011، وبداية من شباط/ فبراير 2011، ولمدة عام نصف مستهدفة خط (عسقلان- العريش) ما تسبب في وقف تصدير الغاز المصري في نيسان/ أبريل 2012، إلى إسرائيل بعد سنوات من اتمام الصفقة الموقعة عام 2005.

وعلى إثر ذلك التوقف توجهت تل أبيب لمقاضاة القاهرة دوليا، وفي كانون الأول/ ديسمبر 2015، ألزم التحكيم الدولي التجاري، مصر بدفع مليار و76 مليون دولار تعويضات لشركة الكهرباء الإسرائيلية، فيما اتفق الطرفان في حزيران/ يونيو 2019، ودّيا على دفع القاهرة خمسمائة مليون دولار.

"بين الاكتفاء.. والاستيراد"

ولكن وبعد نحو 6 سنوات، من وقف مصر تصدير غازها لإسرائيل، ففي شباط/ فبراير 2018، أُعلن عن اتفاق عكسي بتصدير الغاز من إسرائيل لمصر لأول مرة في صفقة بين شركة ديليك الإسرائيلية، وشركة "دولفينوس هولدينغ" بمصر.

وهي الصفقة التي أغضبت المصريين وأثارت الجدل حول قيمتها ومدتها وسعر الغاز الأعلى من المعدل العالمي فيها، وخاصة أنه تبعها إعلان مصر عن اكتفائها الذاتي من الغاز في أيلول/ سبتمبر 2018، بعد اكتشاف حقل ظُهر عام 2015.

وبالفعل وفي 16 كانون الثاني/ يناير الماضي، بدأ ضخ الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مصر، في صفقة تبلغ 64 مليار متر مكعب سنويا ولمدة 15 سنة بنحو 15 مليار دولار، وهو ما سبقه حديث حكومي عن تحول مصر لمركز إقليمي للطاقة.

ولكن، وعلى غير المتوقع، شكّك محللون وخبراء في إمكانية تحقيق هذا الحلم المصري، ففي بداية كانون الثاني/ يناير 2020، وقعت إسرائيل واليونان وقبرص اتفاقية مد أنبوب غاز إلى أوربا بدون مصر، ما أثار التساؤلات حول مصير الغاز المتدفق من إسرائيل.

كما أنه وبعد تدفق الغاز الإسرائيلي، أعلنت السلطات المصرية في 22 كانون الثاني/ يناير الجاري أيضا تخفيض إنتاجها من الغاز بحقل "ظهر" لنحو 2.4 مليار قدم مكعبة غاز يوميا، بدلا من 3 مليارات.

"كلفة باهظة يتحملها الشعب"

وفي تعليقه قال الأكاديمي المصري، عادل دوبان، إنه بالفعل وحسب المنشور بوكالات الأنباء فقد تم إيقافه تدفق الغاز بالخط بعد التفجير الأخير.

وعن حجم خسائر مصر المحتملة هذه المرة من تفجيرات خط الغاز، أضاف لـ"عربي21": "لا بد أنها ستكون بالملايين من أجل إصلاح الخط وتوقف الشحنات".

وأشار دوبان، إلى أن مصر ستدفع الثمن مجددا، متوقعا أن "يتم تحميل مصر مسؤولية توقف الشحنات، سواء الجانب الإسرائيلي، أو محطات تسييل الغاز التي لدينا معها قضايا مرفوعة على مصر بسبب توقفها عن العمل".

ولفت أيضا إلى ما قد تتحمله الحكومة المصرية "من المستهلكين الجدد في الداخل من أصحاب شركات الحديد والإسمنت التي تتلقى وتستهلك الغاز المصدر لمصر".

وختم دوبان بقوله: "للأسف كلفة هذه الصفقة على مصر ستكون باهظة، والشعب المصري هو من سيدفع التعويضات الكبيرة".

"دور وظيفي بصفقة القرن"

وفي تعليقه قال الناشط اليساري السيناوي، أشرف أيوب، إن "ما تم استهدافه هو الخط الواصل لتغذية مصنعي الإسمنت بوسط سيناء، مصنع أسمنت العريش التابع للقوات المسلحة بطريق (الجفجافة- أبوعجيلة) بين منطقتي القسيمة والشيخ زويد، ومصنع أسمنت سيناء بمنطقة بغداد".

أيوب، أكد لـ"عربي21"، أن منطقة التفجير "جنوب بئر العبد، عند المنطقة التي يتمركز فيها تنظيم داعش، ما بين قرية تفاحة حتى منطقة سبيكة"، نافيا ما تردد بوسائل إعلام مصرية من أنه الخط الرئيسي، وموضحا أنه "جنوب قرية التلول الموصلة لبحيرة البردويل والمجاور لمنطقة سبيكة".

ويعتقد أن "الهدف من مثل تلك العمليات هو وقف المشاريع الإنتاجية في سيناء"، مشيرا إلى أن "مثل ذلك الحادث يتسبب في توقف العمل في ملاحات النصر للملاحات بمنطقة سبيكة".

وأوضح أنه "سبق لتلك الجماعات الداعشية خطف وقتل العمال والمدنيين في هذه المنطقة، بكل أريحية دون مواجهة حقيقية لها"، مضيفا: "وعلى ما يبدو أن لها دورا وظيفيا في صفقة القرن".