طالبت منظمة حقوقية سورية بتعويض عائلات ضحايا عمليات قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في
سوريا، ووثقت سقوط أكثر من ثلاثة آلاف ضحية.
وجاء في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان أن "الضربات الموجعة التي شنها التحالف الدولي نجحت في إيقاف تمدد تنظيم
داعش، ثم انحساره، وصولاً إلى حصره ضمن بؤر صغيرة جداً، ولكن هذا النجاح قد ترافق مع خسائر مادية وبشرية وسياسية".
ودعا التقرير الذي جاء في 13 صفحة، وصدر بالتزامن مع ذكرى بدء عمليات التحالف الدولي في سوريا، إلى "تتويج الانتصار العسكري بانتصار سياسي عبر البدء بتأسيس هيئة محلية ممثلة لجميع فئات المجتمع والبدء في عمليات تعويض الضحايا، وكذلك إعادة البناء في مناطق اندحر منها تنظيم داعش".
وسجل التقرير مقتل 3039 مدنياً، بينهم 924 طفلاً، و656 سيدة (أنثى بالغة) على يد قوات التَّحالف الدولي منذ تدخلها العسكري في سوريا في 23 أيلول/ سبتمبر 2014 وحتى 23 أيلول/ سبتمبر 2020. وكان العامان الثالث والرابع لتدخل التحالف قد شهدا سقوط العدد الأكبر من الضحايا.
كما أشار التقرير إلى تغير تكتيك التحالف الدولي في التعامل مع تنظيم داعش عبر السنوات، موضحا أنه منذ نهاية عام 2016 أصبحت هجمات قوات التحالف الدولي "أكثر عشوائية، وقد تسببت هذه الهجمات في قرابة 79 في المئة من حصيلة الضحايا الذين سجل التقرير مقتلهم في السنوات الست الماضية على يد التحالف الدولي".
وطبقاً للتقرير، فقد تم تسجيل ما لا يقل عن 172 مجزرة ارتكبتها قوات التحالف الدولي، وما لا يقل عن 181 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية بينها 25 حادثة اعتداء على مدارس، و16 حادثة اعتداء على منشآت طبية، وأربع حوادث اعتداء على أسواق، منذ بدء العمليات ضد التنظيم وحتى 23 أيلول/ سبتمبر 2020. كما أشار التقرير إلى وقوع ما لا يقل عن خمس هجمات باستخدام ذخائر حارقة.
وجاء في التقرير أن العمليات العسكرية في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة قد تسببت في نزوح ما لا يقل عن 550 ألف نسمة، "تتحمل كل من قوات التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية مسؤولية تشريدهم، إضافة إلى تنظيم داعش الإرهابي الذي اتخذهم دروعاً بشرية"، وفق التقرير.
وأشار التقرير إلى أنه منذ بداية عام 2020 شاركت قوات التحالف الدولي بعمليات دهم واعتقال قامت بها قوات سوريا الديمقراطية بدعوى ملاحقة خلايا تنظيم داعش، عبر عمليات إنزال جوي على المناطق التي ينتشر فيها مطلوبون لقوات سوريا الديمقراطية، وبشكل رئيس في محافظتي دير الزور والرقة، إضافة إلى ريف الحسكة الجنوبي. وبحسب التقرير فقد تم تسجيل حالات احتجاز لمدنيين لا صلات لهم بتنظيم داعش، وذلك بناءً على تقارير أمنية من قوات سوريا الديمقراطية (
قسد).
وأضاف: "لن يكون هناك معنى لمجرد إحراز نصر عسكري ما لم يترافق مع عمليات تعويض عائلات الضحايا الذين قتلوا، وإعادة المشردين، والإفراج عن المحتجزين ضمن المخيمات، والعمل على إعادتهم إلى قراهم وبلداتهم، وإطلاق عملية انتخابات محلية ديمقراطية، كي لا يشعر أهالي المناطق أنهم محكومون بالقوة العسكرية مجدداً بعد أن تخلصوا من تنظيم داعش".
وشدد التقرير على ضرورة العمل على تحرير المحتجزين في مخيمات المنطقة الشمالية الشرقية الذين اعتبرهم التقرير في عداد المحتجزين قسرياً، لعدم تمكنهم من العودة إلى مناطقهم، أو الخروج من المخيمات "التي تحول بعضها إلى ما يشبه معتقلات واسعة".
وأشار التقرير إلى أن مناطق عديدة في الجزيرة شهدت مظاهرات شعبية غاضبة، وبشكل خاص في محافظة دير الزور؛ "نظراً لانعدام العملية الديمقراطية بعد مضي أكثر من عام ونصف العام على هزيمة تنظيم داعش".
وشدد على ضرورة "اتخاذ موقف حازم من عمليات بيع قوات سوريا الديمقراطية النفط والغاز للنظام السوري وخصوصاً بعد تطبيق قانون قيصر"، وطالب "بالكشف عن مصير عوائد بيع النفط والغاز المالية".
وأكد التقرير على أهمية الإشراف على قضية المقابر الجماعية، معتبراً "ملف المقابر الجماعية من القضايا العالقة ولا تزال الجهود المبذولة فيه متعثرة وغير كافية".
كما أكد التقرير أن مما يقوّض عودة الأهالي بشكل منتظم هو الانتشار الواسع للألغام الأرضية والعبوات الناسفة المعدة للانفجار بمجرد ملامستها، "والتي تتوزع بشكل عشوائي في الطرقات وبين أنقاض المنازل، وحتى في أثاث المنازل".
وقد وثق التقرير مقتل ما لا يقل عن 435 مدنياً بالألغام الأرضية في محافظتي الرقة ودير الزور والحسكة بين تشرين الأول/ أكتوبر 2017 (أي بعد انسحاب تنظيم داعش من محافظة الرقة) وأيلول/ سبتمبر 2020.
ولا يزال 8648 مواطنا مختفين لدى تنظيم داعش، بينهم 319 طفلاً و225 سيدة، وحث التقرير قوات التحالف على العمل للكشف عن مصيرهم، "في ظل عدم تعاون جدي من قبل قوات سوريا الديمقراطية".
كما لفت التقرير إلى وجود خلايا نشطة لتنظيم الدولة في مناطق شمال شرق سوريا، "والتي لا تزال مستمرة في عمليات ترويع للسكان، كما تطالب أصحاب المحال بدفع ضرائب وجزى لا سيما في بلدات البصيرة والشحيل والزر والحوائج وذيبان، مشيراً إلى أن هذه الخلايا تستغل الوضع السياسي والأمني الهش في المناطق المتأزمة، وتعمل بشكل متناسق على إعادة انتشار التنظيم وتمكين صفوفه".