قضايا وآراء

مبشرات مسيرة الأعلام الصهيونية

1300x600
بالرغم من مأساوية المشهد الذي رأيناه الأحد، هذا المشهد غير المسبوق في تاريخ المسجد الأقصى، حيث استطاع الصهاينة اقتحام المسجد الأقصى بعدد يتجاوز 1500 مستوطنٍ، واستطاعوا تأدية طقوسهم التوراتية علانية لأول مرة داخل حرم المسجد الأقصى، واستطاع المستوطنون للأسف رفع علم الكيان الصهيوني في ساحات المسجد الأقصى، وذلك تحت حراسة مشددة من شرطة الاحتلال، ووصلت مسيرة الأعلام إلى باب العامود، ودخلوا البلدة القديمة رافعين أعلامهم، وكعادتهم قاموا بالاعتداء على الأهالي، كما دخلوا إلى حي الشيخ جراح، وعربدوا فيه.. إلا أن الأمور ليست بهذه السوداوية، فهناك مؤشرات وقراءات مختلفة عما شاهدناه الأحد، فالقدس لم تخسر، والعلم الفلسطيني لم يخسر كذلك، فما حدث في القدس لا يثبت وجود سيادة إسرائيلية على القدس.

فهناك قراءة لعلّي أوجزها في النقاط التالية:

الأهالي في داخل مدينة القدس لم يتركوا الأقصى وحيداً، فهم كما عهدناهم كانوا معتكفين منذ ليل السبت وحتى الفجر في المسجد الأقصى، وكان الآلاف من المرابطين متواجدين في ساحات المسجد الأقصى.

النقطة التالية هي الأعلام الفلسطينية التي تم رفعها في كل أحياء مدينة القدس، فوُضِعت الأعلام على أسوار المدارس وأسيجة الملاعب، وفي كل زقاق وناحية في المدينة، وتم تتويج ذلك بالطائرة المسيرّة التي رفعت العلم الفلسطيني، ورفرفت به فوق قطعان المستوطنين.. هذا العلم بألوانه الأربعة، الأحمر والأسود والأبيض والأخضر، هو العلم الشرعي الوحيد، وهو العلم الحقيقي الذي ينسجم مع الزمان والمكان، وما دونه من أعلام تأتي تحت حماية وحراسة قوات الاحتلال ما هي إلا أعلام المستوطنين الإرهابيين.
الأعلام الفلسطينية التي تم رفعها في كل أحياء مدينة القدس، فوُضِعت الأعلام على أسوار المدارس وأسيجة الملاعب، وفي كل زقاق وناحية في المدينة، وتم تتويج ذلك بالطائرة المسيرّة التي رفعت العلم الفلسطيني، ورفرفت به فوق قطعان المستوطنين

البشارة التالية أنه بعد 55 عاماً على احتلال مدينة القدس لم تستطع دولة هذا الكيان أن تفرض سيطرتها على المدينة، وهذا ما ثبت بالأمس، فلولا وجود هذا العدد الكبير من قوات شرطة الاحتلال لما استطاع مستوطن واحد أن يعبر من باب الأسباط، وأتحدى أي إسرائيلي يحمل علم هذه الدولة المارقة أن يمر في المدينة بدون حراسة وحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، فهذا الخوف الذي يتملك المستوطنين بدا جلياً بالأمس. وهذا العلم بألوانه الأربعة يشكل خوفاً، بل فوبيا لكل مستوطن على أرض فلسطين، وذلك لأن هذا المستوطن سارق يزيف الحقائق، لا يريد أن يرى إلا علم دولته الملعون.

البشارة الثالثة هي تحرك الفلسطينيين في داخل القدس، والضفة الغربية، والفلسطينيين في غزة، بالإضافة إلى البعد الذي أتى من المخيمات في لبنان وغيرها.. هذا التحرك أعطى تناغماً فلسطينياً كبيراً، فوحدة الحال بين الداخل والخارج تناغم معه فلسطينيو الشتات، ومنهم فلسطينيو أوروبا الذين خرجوا بالأمس في عدة مدن وعواصم أوروبية، رافعين العلم الشرعي لفلسطين.

البشارة الأخرى هي تفنيد مقولة الصهاينة بأن القدس موحدة تحت السيطرة والسيادة الإسرائيلية، فقد ظهر جلياً بالأمس أن هذا الادعاء كاذب جملة وتفصيلاً، فالقدس ليست تحت سيطرتهم، فقد رأينا بالأمس أكثر من 3000 شرطي إسرائيلي، بالإضافة إلى ثلاث كتائب من الجيش الإسرائيلي، فضلاً عن أجهزة الأمن والمستعربين الذين كانوا موجودين في القدس لحماية قطعان المستوطنين.
تحرك الفلسطينيين في داخل القدس، والضفة الغربية، والفلسطينيين في غزة، بالإضافة إلى البعد الذي أتى من المخيمات في لبنان وغيرها.. هذا التحرك أعطى تناغماً فلسطينياً كبيراً، فوحدة الحال بين الداخل والخارج تناغم معه فلسطينيو الشتات، ومنهم فلسطينيو أوروبا

لنعد إلى سبب هذه المسيرات:

اعتاد الاحتلال منذ 30 سنة أن يسيّر مسيرات في هذا اليوم الذي يصادف ذكرى احتلال القدس، وذلك رغبة منه بإظهار سيطرته المزعومة على مدينة القدس، لكن على العكس تماماً، فقد كان ما شهدناه الأحد استعراضاً لفشله في هذا المشروع.

فاستمرارهم على مدى 30 سنة يثبت فشلهم الذريع في تحقيق مشروع القدس الواحدة، وينفي كل ادعاءاتهم بأن القدس تحت سيطرتهم وسيادتهم، ويشير إلى أن هذا المشروع لن يتحقق بإذن الله.

ويشكل الفلسطينيون 40 في المائة من سكان مدينة القدس، وهذا العدد مرشح للزيادة خلال الأعوام العشرين القادمة، فهذا التفوق الديموغرافي كفيل ببث الرعب، وزرع الذعر في عقول وقلوب هؤلاء المستوطنين الصهاينة.

أقول رغم سوداوية المشهد، فالفلسطينيون أصحاب الصف الأول المرابطون في المسجد الأقصى المبارك، والمدافعون عن مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وعن أولى القبلتين؛ يستحقون الشكر، ويستحقون تحية إكبار وإجلال، ولهم كل الدعم والمساندة من أهلهم في الشتات.
كان أهل القدس اليوم وكل يوم خير مثال في الدفاع عن المدينة بما أُتيح لهم من قوة، فمعركة القدس لم تبدأ اليوم، ولن تنتهي اليوم، وما جرى جزء بسيط من حلقة من سلسلة من الحلقات التي بدأت منذ عام 1967

فقد كان أهل القدس اليوم وكل يوم خير مثال في الدفاع عن المدينة بما أُتيح لهم من قوة، فمعركة القدس لم تبدأ اليوم، ولن تنتهي اليوم، وما جرى جزء بسيط من حلقة من سلسلة من الحلقات التي بدأت منذ عام 1967، حيث تم احتلالها ومن ثم ضمها. وبرنامج حمايتها لا يجوز أن يبقى مبنياً فقط على ردود الفعل، بل سر النجاح في عنصر المبادرة المدروسة، لذا لا مبرر لأي خيبات امل.

هذه قضية فلسطين من يرفعها يرفعه الله، ومن يقترب من قدسها يقدسه الله، ومن يخذلها ويتآمر عليها يخذله الله.

إلى جولات أخرى إن شاء الله ترفع فيها كلمة فلسطين والعلم الفلسطيني، دون أي أعلام لقطعان المستوطنين.