قبلة على جبين الأم ذلك ما كان يحتاجه حين أعلن عن فوز المغرب "أسود الأطلس" على منتخب إسبانيا المرشح لبطولة كأس العالم.
وبالارتماء في أحضان السيدة الوالدة اكتملت الفرحة وتوهجت الشمس من جديد، وكان مساء يفيض ببركة الأمهات، أمهات اللاعبين اللواتي تواجدن في المدرجات لمؤازرة قلوبهن وأرواحهن التي تركل الكرة في مرمى الخصم.
إلى جانب التكنيك والتكتيك الفني يرتدي قفاز التحدي ويعلن "سنقاتل بقوة، لكن لا يمكننا تقديم أي وعود، الشيء الوحيد الذي أعد به هو أننا سنكون منافسين ومقاتلين".
وليد الركراكي، مدرب منتخب المغرب، المولود في عام 1975، في منطقة كورباي إيسون، وهي بلدية تقع على نهر السين، بالضواحي الجنوبية للعاصمة الفرنسية باريس، بدأ مسيرته الكروية مع فريق "راسينغ باريس"، ثم انتقل إلى "تولوز" عام 1999، وبعدها بعامين انضم إلى فريق "أجاكسيو"، من فرق دوري الدرجة الثانية الفرنسي.
وحصل مع هذا الفريق على جائزة أفضل لاعب، كما نجح في قيادة الفريق إلى الصعود للدرجة الأولى، قبل أن يرحل إلى إسبانيا ليوقع عقد انتقاله إلى "راسينغ سانتاندير" في عام 2004. وما لبث أن عاد من جديد إلى فرنسا لينضم إلى فريق "ديجون"، انتقل بعدها إلى نادي "غرينبول" الذي كان آخر محطة له في الملاعب الأوروبية.
دافع الركراكي عن قميص منتخب المغرب في 44 مباراة، ووصل مع المنتخب إلى المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية عام 2004، التي فاز بها منتخب تونس، وحصل على لقب أفضل مدافع بالبطولة.
نحت اسمه بكل جهد وتعب بعد اعتزاله اللعب فاتجه إلى عالم التدريب، حيث تلقى العديد من الدورات التي تؤهله للعمل في مجال التدريب الكروي.
فعمل مساعدا للمدرب رشيد الطاوسي مع منتخب المغرب ما بين عامي 2012 و2013.
وقدم الركراكي مسيرة كروية ناجحة في مجال التدريب انطلقت مع فريق "الفتح" الرباطي عام 2014 وحقق الركراكي مع الفريق التتويج بلقب كأس المغرب لموسم 2013-2014، ولقب الدوري المغربي في موسم 2015-2016. وتمكن من الوصول إلى نصف نهائي كأس الاتحاد الأفريقي قبل أن يقصيه نادي "الزمالك" المصري بفارق الأهداف.
وجرب الركراكي حظه في التدريب خارج المغرب فتولى في عام 2020 تدريب فريق "الدحيل" القطري. ورغم أنه نجح في تتويج "الدحيل" بدوري نجوم قطر، لكن خروج الفريق من دوري أبطال آسيا من دور المجموعات دفعه إلى العودة إلى المغرب.
ثم استعاد مجده في التدريب من جديد بقيادة فريق "الوداد" البيضاوي العام الماضي، ونجح في قيادة الفريق إلى التتويج بالدوري المغربي، وقبلها كان يوقف احتكار "الأهلي" المصري للقب دوري أبطال أفريقيا، وانتزعه منه في أيار/مايو الماضي.
وكان حلمه أن يحقق مع "الوداد" "الثلاثية التاريخية" لكنه خسر نهائي كأس العرش أمام "نهضة بركان" بركلات الترجيح، ليغادر على أثرها "الوداد".
كما خسر جائزة أفضل مدرب في أفريقيا التي ذهبت إلى أليو سيسيه مدرب منتخب السنغال، المتوج بكأس الأمم الأفريقية والذي وصل مع "أسود التيرانغا" إلى كأس العالم في قطر.
وكان تعيينه مدربا للمنتخب مطلبا شعبيا قبل انطلاق كأس العالم في قطر، بسبب الأزمات التي حدثت في عهد البوسني المخضرم وحيد خاليلوزيتش قبل أقل من ثلاثة أشهر من موعد انطلاق البطولة.
ورغم أن المدرب خليلوزيتش هو الذي قاد "الأسود" إلى حجز مقعد في المونديال بعد فوزه على الكونغو الديمقراطية، إلا أن الركراكي أثبت في مونديال قطر علو كعبه وبأنه يستحق المكانة التي هو فيها، فقاد "أسود الأطلس" لتحقيق نتائج مبهرة وتصدر مجموعته في الدور الأول، قبل إخراج إسبانيا، ليواجه البرتغال في ربع النهائي، وليسجل اسمه في قائمة الإنجازات والتاريخ بوصفه أول مدرب عربي وأفريقي ومغربي يصل لهذا الدور.
الركراكي (47 عاما) لم يحقق الكثير مع منتخب المغرب كلاعب في كأس العالم، حيث غاب المغاربة عن البطولة أثناء لعبه للمنتخب ما بين عامي 2002 و2011، وكان أفضل ما حققه على الصعيد الدولي الوصول لنهائي كأس أمم أفريقيا 2004 قبل الخسارة أمام تونس، ولذا يأمل في تعويض ذلك بالنجاح في قيادة الأسود لتقديم أداء جدير يبقى للتاريخ.
الركراكي يبدي إعجابه الشديد بكل لاعبي منتخب المغرب. يقول: "الفريق صلب ومنظم جيدا ويعج بالمواهب. وظيفتي الآن هي ضمان أن تعمل المنظومة ككل بأفضل شكل ممكن، وذلك حتى نستطيع منافسة الأمم الكروية الكبيرة".
يبدي إعجابه بالمدربين، جوارديولا وسيميوني وبشكل خاص أنشيلوتي لكنه يستدرك بقوله: "لكني أمتلك أسلوبي الخاص والذي يقوم على الأخذ بعين الاعتبار قدرات اللاعبين والتأقلم معها".
الأسود حققوا أعلى من الطموح المتوقع، ورهان الركراكي على أن يكونوا مقاتلين نجح بامتياز في كتابة أسمائهم في تاريخ البطولة بالذهب، ببركة تواجد الأمهات في المدرجات.
مكارثي مرشح الضرورة لرئاسة "الكونغرس"
اغتيال حشاد.. ذاكرة تونسية تنتظر العدالة (بورتريه)
رحيل السنعوسي.. "الأب الروحي" للإعلام المرئي بالكويت