صحافة دولية

كاتب أمريكي: واشنطن تنفي عنصرية "إسرائيل" والأخيرة تتفاخر بها علنا

الكنيست أقر قانونا للتعديل القضائي فجر غضبا بدولة الاحتلال- جيتي
قال الكاتب الأمريكي إيشان ثارور، إن تصويت الكنيست الإسرائيلي على التعديلات القضائية، كشف عن الوهم الأمريكي بشأن دولة الاحتلال، خاصة مع احتفاء واشنطن برئيسها إسحق هرتسوغ في الكونغرس.

وأوضح ثارور بمقاله له في صحيفة واشنطن بوست، ترجمتها "عربي21"، أن مراقبين رأوا في التصويت الأخير على قانون "المعقولية" صفعة قوية لما تبقى من آليات رقابة في الديمقراطية الإسرائيلية، وخطوة قاتمة نحو استبداد الأغلبية.

وقال جون الترمان من برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: "من حق الناخب الإسرائيلي الحصول على تغير نشوئي، لكن الأفكار الحالية حول  الإصلاحات هي ثورية من ناحية أثرها"، فما سيحصل هو أن "مشرعين دون قيود سيهددون الديمقراطية بنفس الطريقة التي يهددها رئيس تنفيذي مطلق".

ويرى الترمان أن الخطوة الأخيرة محفوفة بالمخاطر، وهي "مسار ثالث" بعد عامي 1948 و1967. ففي الوقت الذي يريد حلفاء نتنياهو المتطرفون تحركات راديكالية مثل عزل النائب العام، تفكر النقابات المهنية والعمال بالإعلان عن إضراب عام. وقال الكاتب إن واشنطن كافحت من أجل التعامل مع الظرف المتحرك.

فقد عبر النواب الديمقراطيون في بيان عن قلقهم، وأصدر البيت الأبيض بيانا مقتضبا دون ذكر نتنياهو، معبرا عن الأسف والدعم لجهود هيرتزوع والقادة الإسرائيليين لبناء إجماع عبر الحوار السياسي.

لكن لا يوجد هناك حوار، فالرئيس الإسرائيلي الذي احتفل به الكونغرس بدا متفرجا أمام العاصفة، ومنح خطاب الرئيس بايدن الخجول فرصة للجمهوريين لانتقاده، خاصة أنهم تعلقوا بسارية الحكومة الإسرائيلية التي لم تخف نيتها بضم الضفة الغربية.

وفي مؤتمر للمسيحيين الصهاينة الأسبوع الماضي، سخرت المرشحة نيكي هيلي من بايدن وتدخله في "النقاش الداخلي" الإسرائيلي. وقالت: "لا نريد قادة لا يحترمون فقط إسرائيل، بل وحق شعبها بحكم نفسه"، دون الإشارة للاحتجاجات الواسعة، ومضت للشكوى من عدم دعوة بايدن نتنياهو إلى البيت الأبيض خلال الأشهر السبعة الماضية.

وانشغل الجمهوريون الأسبوع الماضي بالهجوم على النائبة الديمقراطية براميلا جايابال؛ لوصفها إسرائيل بالدولة العنصرية، مع أنه وصف دقيق للواقع حسب منظمات حقوق الإنسان الدولية والإسرائيلية، كما ربطوا نقد إسرائيل بمعاداة السامية والأجانب.

وقال الكاتب إن النقاش الحاد بشأن إسرائيل في واشنطن يضع قيودا على أي إدارة تريد الحديث عن حقوق الفلسطينيين أو وضع الديمقراطية المتآكلة في إسرائيل.

وأشار ديفيد أرون ميلر من وقفية كارنيغي للسلام العالمي، إلى أنه "لا يحب الرؤساء الأمريكيون المواجهة مع رؤساء الوزارات الإسرائيلية؛ لأنه قتال فوضوي يحرف النظر، ويكون مكلفا في ظل ظهور الحزب الجمهوري كحزب يدعم إسرائيل مخطئة أو مصيبة". وقال إن بايدن تحدث عن الاستيطان والتعديلات القضائية، دون أن يضع تداعيات أو ثمن.


وما كشف عنه المسرح السياسي هي الفجوة العميقة بين السياسة في واشنطن والوضع على الأرض.

وفي الوقت الذي يغضب فيه الجمهوريون ضد أي نقد لإسرائيل ووصفها بالعنصرية، يتحدث الوزراء في حكومة نتنياهو علانية عنها وعما  يريدون تحقيقه، وكمثال تصريحات وزير العدل ياريف ليفين، التي قال فيها إن التعديلات القضائية تحافظ على التفوق اليهودي في ظروف معينة: "يشتري العرب شققا في المجتمعات اليهودية بالجليل، وهذا يدفع اليهود لترك هذه المدن؛ لأنهم غير مستعدين للعيش مع العرب"، و"نريد التأكد من وجود قضاة في المحكمة العليا يفهمون هذا".

وعندما يتحدث النواب الأمريكيون عن القيم المشتركة، يعبر النظراء لهم في إسرائيل عن طبيعة هذه القيم التي يريدونها، فعندما سئل وزير الأمن، إيتمار بن غفير، عن إمكانية استفادة إسرائيل من المعايير والضوابط في الدستور الأمريكي، قال: "أريد الاستفادة من الأشياء الجيدة في أمريكا"، و"أعتقد أن حكم الإعدام للإرهابي ممتاز، وأعتقد أن توزيع السلاح على الناس للدفاع عن أنفسهم ممتاز".

وبن غفير ووزير المالية بتسلئيل سمورتيش هما في مقعد القيادة بالحكومة الإسرائيلية، ويتم التصفيق لهما ضمنيا من قطاع واسع داخل المؤسسة السياسية الأمريكية.

وللكثير من الإسرائيليين، فهذا عار، وكما قال رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت لمجلة رولينغ ستونز: "تحكمنا اليوم عصبة من المتطرفين والقوميين والشوفييين والراديكاليين" "متهورون، غير مسؤولين ودون تجربة أيا كان".

وأضاف أنه لو اتخذت إدارة بايدن مواقف متشددة ضد سياسات نتنياهو وأجندته، ووضعت العلاقة الخاصة مع إسرائيل على المحك، ولو حدثت هذه، "فحدسي أنها كانت ستترك أثرا ضخما".