حول العالم

عواصف رعدية وسيول جارفة تجتاح المغرب.. ما تداعياتها؟ (شاهد)

خبير بيئي: من المؤكد أن يكون لهذه الظواهر المناخية تأثير كبير على صحة الإنسان- cc0
لا يزال الارتفاع القياسي في درجات الحرارة يتسبب في عدد من "الكوارث الطبيعية" المغرب، آخرها الحرائق التي اندلعت في محمية "سيدي بوغابة" ضواحي مدينة القنيطرة (غرب البلاد)، والسيول التي شهدتها مدينة "بني ملال"، ثم العاصفة الرعدية المرفقة برياح هوجاء، الخميس، في كل من مدينتي أكادير ومراكش، أدّت إلى وفاة شخص في عقده الرابع. 

وفي حادث مؤلم، توفي الرجل الأربعيني، جراء سقوط شجرة عليه، بحديقة "عرصة البيلك" بمدخل ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش، إثر عاصفة رعدية ورياح قوية شهدتها المدينة الخميس.

وحسب مصادر محلية، فقد هرعت عناصر الشرطة وممثلو السلطة المحلية إلى مكان الفاجعة، من أجل نقل جثمان الهالك صوب مستودع الأموات، فيما تم فتح بحث في الموضوع.


تفاصيل ليلة عاصفة 
خلّفت عاصفة رملية وصفت بـ"الهوجاء" موجة خوف وهلع  في قلوب ساكنة كل من مدينتي أغادير ومراكش، الخميس، حيث تسببت في اقتلاع مجموعة من الأشجار بعدد كبير من الأماكن بالمدينة، وحجبت العاصفة أشعة الشمس، حتى بدت المدينتان وكأنهما مغلفتان بغطاء أحمر، وسرعان ما تبعت هذه العاصفة أمطار رعدية قوية.

ورصدت "عربي 21" تفاعل المغاربة، على منصات التواصل الاجتماعي، معبّرين فيها عن خوفهم من التقلبات الفجائية لأحوال الطقس، متداولين مجموعة صور ومقاطع فيديو لحظات انطلاق العاصفة الهوجاء، خاصة من قلب "ساحة جامع الفنا"، التي تعتبر القلب النابض للسياحة في المغرب. 


بدوره، رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، في تغريدة على حسابه الشخصي في منصة "إكس" (تويتر سابقا) بكتابة: "عاصفة رملية قوية تضرب اليوم الخميس مدينة مراكش، وأسفرت عن مصرع شاب يبلغ من العمر 18 سنة، بعد أن سقطت عليه شجرة بعرصة البيلك بساحة جامع الفنا، رحمة الله عليه. اللهم لطفك بعبادك".


وفي مدينة أغادير، حجبت العاصفة الرملية القوية، الرؤية لدى المواطنين، وحولت المدينة السياحية المكتظة إلى أماكن فارغة، حيث غطّت الزوابع الرملية كورنيش المدينة، وعزلت باقي الأحياء، فيما هرع المواطنين إلى الاختباء من العاصفة.


ما أسباب العواصف؟
قال الخبير البيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، مصطفى  بنرامل؛ إن "هذه الظواهر التي يعرفها المغرب اليوم، لا تختلف عن الحالة التي تعيشها دول البحر الأبيض المتوسط لشمال أفريقيا وجنوب أوروبا، حيث تعرف طقسا متطرفا نتيجة ما يعرف بـ"بالقبة الحرارية"، وهي نتيجة لامتداد ظاهرة النينيو، التي تنشأ هي الأخرى بسبب تغير مناخ كوكب الأرض، منذ بداية تموز/ يوليوز 2023".

وأوضح الخبير البيئي، في حديثه لـ"عربي21" أنه من المؤكد أن تكون لهذه الظواهر المناخية تأثيرا كبيرا على صحة الإنسان، والنظم البيئية، والاقتصادات، والزراعة، وإمدادات الطاقة والمياه"؛ مذكرا بقول الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتيري تالاس، إن "هذا يؤكد الحاجة الملحة المتزايدة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بأسرع ما يمكن، وبعمق قدر الإمكان للحد من تغير المناخ والوقاية من كل أشكال أحوال الطقس المتطرفة، مثل الارتفاع الشديد لدرجة الحرارة والفيضانات والعواصف الرعدية الشديدة".

أما بخصوص الأسباب المتعلقة بظهور اللون البرتقالي في سماء كل من أغادير ومراكش، فهو راجع بحسب بنرامل إلى "السحب المحملة بالغبار والرمال الدقيق قادمة من الصحراء، نتيجة قوة الحمل والتعبئة القوية للرياح التي تعرفها المنطقة، مما يمنح السماء لونا أصفر يميل إلى البرتقالي"، مشيرا إلى أنه "مؤشر لإمكانية حدوث عاصفة رعدية مصحوبة بضباب كثيف مشبع بجزيئات من الرمل الدقيقة والمتطايرة، التي يمكن أن تسبب بعض المضاعفات التنفسية عند كبار السن، أو المصابين بأمراض تنفسية والربو وأمراض العيون".

وختم الخبير البيئي حديثه لـ"عربي21" بالقول؛ إنه "يمكن حدوث نفس الظاهرة في مناطق الحرائق، حيث يحول دخان الهشيم الهواء إلى اللون البرتقالي، لنفس السبب الذي يجعل الهواء النقي السماء تبدو زرقاء، ويتعلق الأمر بنوع الجسيمات الدقيقة الموجودة في الهواء، وعددها وطول الموجة التي تحجبها"، مردفا: "ذلك لأن ضوء الشمس يضم كل ألوان قوس قزح، ففي أثناء مروره عبر الغلاف الجوي للأرض، يضرب ضوء الشمس جميع الجزيئات الموجودة في الهواء، وتتشكل حسب مكونات العوالق الموجودة في الهواء، مما يعطي للأرض ألوانا تختلف حسب المناطق البحرية أو الجبلية أو السهول المنبسطة، كما أن الأوساط القروية أو الحضرية تؤدي دورا في تغير لون السماء". 

تجدر الإشارة إلى أن مديرية الأرصاد الجوية، كانت قد حذرت في نشرة إنذارية من المستوى الأحمر، من ارتفاع في درجات الحرارة ستتجاوز خلالها 48 درجة في مجموعة من المناطق، وانتشار زوابع رملية ورياح قوية في المناطق الجنوبية، وذلك بسبب التقلبات المناخية الحالية التي يشهدها المغرب.