قال الصحفي
بن هوبارد إن تحطيم الشعور بالأمن لدى "إسرائيل"
هدف رئيسي بالنسبة لحماس.
وأضاف
في تقرير في صحيفة "
نيويورك تايمز" أن المظالم المتصاعدة غذت قرار
حماس
بالهجوم صباح 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
ونقل
التقرير عن طارق بقعوني، وهو مؤلف كتاب عن حماس في
غزة، قوله: "ما تفعله حماس هو
محاولة قلب الطاولة مرة أخرى على الإسرائيليين، قائلة إنه لا يمكنكم نسيان القضية
الفلسطينية، ويمكننا تقويض أسطورة أنكم لا تقهرون"، مضيفا أن "هذا في حد
ذاته تحول هائل في المخيلة الفلسطينية، ولا أعتقد أننا نستطيع أن نرى أو نفهم
تداعياته حتى الآن".
وقد
تعهد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتدمير حماس، وتحشد القوات
الإسرائيلية على حدود غزة استعدادا لغزو بري محتمل. وتعهد زعماء حماس بمواصلة
القتال ودعوا القوى الأخرى المناهضة لإسرائيل إلى الانضمام إليهم مما يثير شبح حرب
إقليمية.
ومن
المرجح أن من سيدفع الثمن الأعلى في غزة هم المدنيون، الذين هم من بين المئات
الذين قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية منذ يوم السبت.
وقالت
دانا الكرد، الأستاذة المساعدة في العلوم السياسية بجامعة ريتشموند: "إن هذا
يشير إلى حقيقة أن هذا النوع من الجماعات أو الحركات لها أهداف سياسية تسعى إلى
تحقيقها".
إن فك
رموز دوافع حماس يتطلب فهم الكيفية التي ترى بها الجماعة نفسها في التاريخ
الفلسطيني. وتأسست حماس في أواخر الثمانينيات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد
إسرائيل كمجموعة إسلامية مكرسة لتحرير كامل فلسطين.
وفي حين
سمح قادتها في الآونة الأخيرة بإمكانية التوصل إلى حل الدولتين، وهو الحل النظري
لعقود من جهود السلام في الشرق الأوسط، إلا أنها لم تسع قط إلى إجراء مفاوضات مع "إسرائيل"،
على عكس الفصائل الفلسطينية الأخرى.
وبدلا
من ذلك، فإنها تعتبر وجود إسرائيل غير شرعي، واصفة الدولة اليهودية بأنها مشروع
استعماري، ووصفت نفسها بأنها حركة مناهضة للاستعمار.
ومنذ عام
2007، أصبحت حماس الحاكم الفعلي لقطاع غزة، وفرضت "إسرائيل" حصارا صارما
على القطاع، وفي أغلب الأحيان بالتزامن مع مصر.
ويقيم رئيس
المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، في قطر. ويقيم مسؤولون كبار آخرون في بيروت،
حيث يحتفظون بعلاقات وثيقة مع حزب الله، الجماعة اللبنانية.
ولتجنب
الاغتيال على يد "إسرائيل"، فإنه نادرا ما يظهر قادة حماس في غزة علنا،
ويُعتقد أنهم يتحركون في أنحاء المنطقة عبر الأنفاق التي تربط المخابئ تحت الأرض.
والعديد منهم مطلوبون من الدولة اليهودية.
وأمضى
زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، عقدين من الزمن في السجن بتهمة قتل جنود
إسرائيليين. وتم إطلاق سراحه عام 2011 في صفقة تبادل أسرى وعاد إلى غزة.
ولم
يظهر الضيف، رئيس الجناح العسكري لحركة حماس، علنا منذ سنوات. وقد حاولت "إسرائيل"
اغتياله مرارا، وربما أدى ذلك إلى تشويهه أو إصابته بالعمى في عين واحدة. وقصفت "إسرائيل"
منزله في عام 2014، ما أسفر عن مقتل زوجته وابنه الرضيع.
يقول بن
هوبارد إن التزام حماس بالكفاح المسلح هو ما يميزها عن السلطة الفلسطينية، التي
تأسست أثناء عملية السلام كنوع من الحكومة الفلسطينية المنتظرة والتي تتمتع الآن
بسيطرة محدودة على أجزاء من الضفة الغربية.
ويقول
مسؤولو حماس إن عملية السلام قد خذلت الفلسطينيين.
وفي
الأشهر الأخيرة، واجهت حماس استياء متزايدا بسبب فشلها في تحسين الظروف المعيشية
في غزة، حيث يعيش معظم السكان عالقين، وينتشر الفقر، وينقطع التيار الكهربائي دائما.
ومن
المرجح أن هجوم يوم السبت سعى إلى لفت الانتباه بعيدا عن ذلك مع تعزيز أوراق
اعتماد حماس
المقاومة بين الفلسطينيين.
وقالت
الكرد: "لقد تخلت السلطة الفلسطينية تماما عن فكرة تمثيل الفلسطينيين في أي
نوع من أنواع المقاومة، سواء كانت سلمية أو عنيفة، لذا فقد ارتدت حماس الآن هذه
العباءة". وأضافت الكرد أن حماس، بمثل هذا الهجوم الجريء، تسعى لتثبت
للفلسطينيين أنها "حصن المقاومة".
إن
العديد من سكان غزة لا يعتنقون أيديولوجية حماس بالكامل، ولكن هناك دعم واسع النطاق
لحربها ضد "إسرائيل". ومعظم سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة هم من
اللاجئين الذين ينحدرون من الفلسطينيين الذين فروا أو طردوا من ما يعرف الآن
بإسرائيل خلال الحرب التي أعقبت قيامها عام 1948.
وتعود
جذور بعض سكان غزة إلى القرى التي كانت قائمة ذات يوم في موقع هجوم يوم السبت.
وفي
الأيام التي تلت الهجوم، أشاد قادة حماس بالهجوم باعتباره ناجحا، لكنهم لم يقدموا
سوى القليل من المطالب المحددة، ما يشير إلى أن المزيد من الحرب في المستقبل.
لقد
قصفت "إسرائيل" غزة بشكل متكرر على مر السنين، ما أسفر عن مقتل أعداد
كبيرة من أعضاء حماس والمدنيين، ولكن دون إضعاف الجماعة بشكل كبير.
ورفض بقعوني،
المؤلف، فكرة أن الجيش الإسرائيلي قادر على تدمير حماس لأن العديد من الفلسطينيين
سيستمرون في دعم نضالها ضد "إسرائيل".
وأضاف:
"هذه ليست مجرد منظمة. إنها أيضا أيديولوجية، وهذه الأيديولوجية لن تذهب إلى
أي مكان".
ويبقى
من غير الواضح ما إذا كانت التكلفة الباهظة التي يتحملها المدنيون سترتد على حماس.
وحتى عندما تهاجم حماس أولا، فإن سكان غزة يميلون إلى إلقاء اللوم على "إسرائيل"
كسبب لبؤسهم.
وقال
عماد السوس، الباحث من غزة في معهد "ماكس بلانك" للأنثروبولوجيا
الاجتماعية في ألمانيا: "مما أسمعه من سكان غزة، فإنها حرب متكررة
للغاية". والجملة التي قال إنه يسمعها من الأصدقاء والعائلة هي: "ليس
لدينا ما نخسره".
والقول
الشائع الآخر في غزة هو إعلان حماس أنها انتصرت.