نشر موقع "
بارا أناليز" التركي مقال رأي للمحلل الاقتصادي أتيلا يشيلادا تناول فيه جهود
الفريق الاقتصادي التركي الجديد لكبح جماح
التضخم في
تركيا.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن مهمة وزير المالية محمد شيمشك وفريقه تتمثل في حلّ المشاكل الثلاثة الكبيرة التي يعاني منها الاقتصاد التركي حاليا وهي التضخم والعجز التجاري والعجز في الميزانية، مقابل الحفاظ على الأولوية التي لا نتنازل عنها أبدًا وهي النمو.
ولفت إلى أنه "في الحياة، كل شيء جميل له ثمن، وثمن كبح التضخم هو الركود، ولهذا السبب، يبذل محمد شيمشك قصارى جهده لتحويل المربع إلى دائرة".
وقدم الكاتب إجابة حول أسباب إخفاق الاقتصاد التركي في خفض التضخم إلى خانة الآحاد مع أن ذلك حدث سابقا في فترة حكم حزب العدالة والتنمية الأولى، بتسجيل أرقام قياسية في النمو وكفاءة المدخلات الإجمالية وأسرع فترة لخفض التضخم في القرن الحادي والعشرين.
وقال إنه "يمكننا دعوة صندوق النقد الدولي والقيام باتفاق ائتماني معه. ونظرًا لأن احتياطيات البنك المركزي التركي ستزداد وسترتفع مصداقية السياسة الاقتصادية، سيجلب ذلك رؤوس الأموال الساخنة إلى النظام بل وحتى رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة".
وأضاف الكاتب أن "هذه التدفقات ستضغط على التضخم الناجم عن سعر الصرف، وستحل مشكلة التضخم والعجز التجاري بتشديد السياسة النقدية والميزانية بشكل أقل، ونظرًا لأن الكثير من الأموال تدخل من الخارج، فإنه يمكن تمويل العجز التجاري دون أن يؤدي إلى انفجار في سعر الصرف. مع ذلك، يجب أن يأخذ النمو شكلًا قائمًا على الصادرات في نفس الوقت".
وشدد الكاتب يشيلادا على أنه "في فترة حكم حزب العدالة والتنمية الأولى، زادت الإنتاجية بشكل كبير، وازدهرت صادراتنا، وإذا كان استدعاء صندوق النقد الدولي يخلق حالة من الاضطراب السياسي أو النفسي، فإننا نلجأ إلى الإصلاحات الهيكلية. فعلى سبيل المثال، نقوم بإصلاح نظام الضرائب، ونجمع الضرائب من الدخل وليس من ضريبة القيمة المضافة أو ضريبة الاستهلاك الخاص".
وتابع القول: "سيدفع أكثر من يكسب أكثر، وعندما تغلق عجز الميزانية، فإن الطلب الداخلي وعجز الحساب الجاري سينخفضان بشكل طبيعي إلى حجم مستدام أو يمكن رفع سن التقاعد من خلال إصلاح النظام التقاعدي. حينها سيزداد عدد العاملين، وسيقلل ذلك من الموارد التي تتدفق إلى نظام الضمان الاجتماعي من الميزانية. ونظرًا لأن زيادة عدد العمال ستوسع العرض، فإن تأثيرات الطلب الداخلي على التضخم ستخف".
"التقشّف هو حل المشكلة"
وأشار الكاتب إلى أنه لن يحدث أي من هذا في سنة 2024، فالرئيس
أردوغان يريد أن يستخدم الميزانية مثل محفظته، ويخفض التضخم أيضًا، فعلى سبيل المثال إذا قمنا بالانتقال إلى مناقصات القطاع العام الشفافة، فإننا سنحقق توفيرات كبيرة من الميزانية.
وبدلًا من زيادة الحد الأدنى للأجور، وأجور موظفي الخدمة العامة، ومعاشات التقاعد وفقًا للتضخم المتراكم، فإنه يمكنك زيادة هذه الأجور بقدر التضخم المستهدف المذكور في البنك المركزي أو في برنامج متوسط المدى. سيساعد ذلك في تثبيت توقعات التضخم، وسيقلل أيضًا من الطلب الداخلي والعجز التجاري. ولكن في هذه الحالة، سيخسر رئيسنا شعبيته في الانتخابات المحلية في آذار/ مارس.
ما مقدار التقشف المطلوب؟
أفاد الكاتب بأنه يجب إيقاف القروض الاستهلاكية نهائيًا لتغيير هيكل النمو. من ناحية أخرى، سيقدم البنك المركزي التركي قروضًا منخفضة الفائدة بقيمة 100 مليار ليرة تركية لمشاريع الاستثمار والتصدير لمدة ثلاث سنوات لتسريع الصادرات وضمان مرونة العرض.
وأضاف الكاتب أنه إذا لم يكن ممكنًا تغيير الهيكل الاقتصادي، فيجب خنق الطلب الداخلي جيدًا لخفض التضخم. إيقاف القروض الاستهلاكية هو أبسط طريقة، لكنه غير كافٍ ذلك أن السياسة النقدية الأكثر صرامة ضرورية. حسنًا، لكن ماذا تعني "الصرامة؟" بحلول نهاية العام، سترتفع أسعار الفائدة للسياسة النقدية للبنك المركزي التركي إلى 42.5 بالمئة. هل هذا يكفي؟
وينقل الكاتب عن أردال صاغلام، ووصفه بأنه لديه أفضل مصدر للمعلومات من أنقرة، فإن الإدارة الاقتصادية تعتبر أن معدلات الفائدة على الودائع بنسب 45 إلى 50 بالمئة ومعدلات الفائدة على القروض أعلى قليلاً من 50 بالمئة كافية لتقليص الطلب الداخلي.
في هذه المرحلة، تكون الإدارة الاقتصادية متفائلة للغاية. حتى البنك المركزي التركي اعترف الآن بأن محرك التضخم هو التوقعات المشوهة. فعند ارتفاع جميع الضرائب والرسوم بنسبة 58 بالمئة في بداية العام، ومنح الجميع الذين يحصلون على دخل من الحكومة أو يعيشون بأجر أدنى على الأقل 45 بالمئة، وربما 50 بالمئة زيادة، فلا يمكن حينها تثبيت توقعات التضخم دون 50 بالمئة. بالإضافة إلى ذلك، فإنه كلما استمر التضخم الرئيسي لفترة أطول عند مستويات عالية، أصبحت التوقعات أكثر التصاقًا.
البنك المركزي التركي متفائل بشأن التضخم
لخفض معدل التضخم إلى مستوى هدف البنك المركزي التركي البالغ 36 بالمئة بحلول نهاية 2024، ستكون هناك حاجة إلى سياسة نقدية أكثر صرامة بكثير. فعلى سبيل المثال، من المرجح أن يصل سعر الفائدة للسياسة النقدية إلى 50 بالمئة بعد الانتخابات المحليّة، حتى مع أكثر التقديرات تفاؤلاً. ولن ينخفض سعر الفائدة على الودائع إلى أقل من 60 بالمئة (سنويًا). وستكون أسعار الفائدة على القروض في حدود الـ70 بالمئة.
وبعد تجاوز الانتخابات المحلية لسنة 2024 بسلام، يمكن تطبيق سياسة التقشف. وإذا تمكن أردوغان من تقديم الدستور للاستفتاء في أواخر 2024 لإعادة انتخابه، فسوف يتأخر تطبيق هذه السياسة. قد يصمد الاقتصاد مرة أخرى لمدة 3- 6 أشهر، لكنه في نهاية المطاف سيمر بمرحلة صعبة.