حقوق وحريات

مصر بذيل قائمة الدول الأقل حرية لعام 2024.. دول عربية بنفس التصنيف

التقرير قال إن التعبير عن المعارضة يمكن أن يؤدي إلى الملاحقة الجنائية والسجن- جيتي
تذيلت مصر مؤشر الحرية العالمي 2024 وفق تقرير منظمة بيت الحرية أو "فريدم هاوس" السنوي (حرية العالم)، الذي يقيم درجة الحريات السياسية والحريات المدنية في 210 دول، وتضاءلت الحقوق السياسية والحريات المدنية إلى مستوى متدن.

وجاءت مصر ضمن الدول العربية الأقل حرية إلى جانب الإمارات واليمن والسودان والسعودية بحصولها على 18 درجة فقط من أصل 100 درجة، فيما احتلت سوريا المركز الأول في المؤشر الذي يقر بانعدام الحرية بمجموع نقاط نقطة واحدة.

وجاء في التقرير، الذي صدر مطلع الشهر الجاري أنه تكاد لا توجد معارضة سياسية ذات معنى، حيث إن التعبير عن المعارضة يمكن أن يؤدي إلى الملاحقة الجنائية والسجن. وتخضع الحريات المدنية، بما في ذلك حرية الصحافة وحرية التجمع، لقيود صارمة. وترتكب قوات الأمن انتهاكات لحقوق الإنسان دون عقاب. ويظل التمييز ضد النساء، والمثليين، والمجموعات الأخرى يمثل مشكلة خطيرة، وكذلك المعدلات المرتفعة للعنف القائم على النوع الاجتماعي.


"انتخابات بالأمر المباشر"
في تعليق المنظمة على انتخابات الرئاسية في مصر، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، التي حصل السيسي فيها على فترة ولايته الثالثة لمدة ست سنوات، أشارت إلى أن الانتخابات شهدت حملة من الاعتقالات والترهيب وفرض شروط صارمة على مرشحي المعارضة، وهي الإجراءات التي قضت بشكل أساسي على أي منافسة حقيقية.

ووصف فوز السيسي بنسبة 89.6% من الأصوات بأنه جاء بعد حملة اتسمت باعتقال المعارضين، والترهيب، وشروط الأهلية الصارمة للمرشحين، والتي عرقلت بشكل جماعي أي منافسة ذات معنى. وكان من المقرر أصلاً إجراء الانتخابات في ربيع عام 2024، لكن السيسي أرجأها، حيث توقع المحللون أنه سعى إلى إجراء الانتخابات قبل تنفيذ إصلاحات اقتصادية صعبة.

وفي تقديرها "للحوار الوطني" الذي استثنى الحديث عن المعارضة الإسلامية، ذكر التقرير أنه في أيار/ مايو 2013، افتتح ممثلو النظام وأحزاب المعارضة والقادة النقابيون والجهات الفاعلة في المجتمع المدني وغيرهم من أصحاب المصلحة "الحوار الوطني" الذي دعا إليه الرئيس السيسي في عام 2021. وقد قوبل الحوار بالتشكك من قبل المعارضة والمجتمع المدني، ولم يفض إلى أي إصلاحات مهمة قبل أن يتم إيقافها مؤقتًا قبل الانتخابات الرئاسية.

عسكرة الدولة ومضايقات للقطاع الخاص
عسكرة الدولة كانت إحدى أكثر المحاور في تقرير المنظمة الذي قال إنه في عهد السيسي، أصبحت السلطة العسكرية جزءا لا يتجزأ من العديد من جوانب الاقتصاد المصري. ويدير الجيش الشركات، وينتج السلع، ويدير المشاريع الضخمة والبنية التحتية التي تستفيد من الإعفاءات الضريبية والجمركية، والعمالة المجانية من خلال الجنود المجندين، والافتقار إلى الرقابة على الميزانية العامة، وتخصيص الأراضي من خلال مراسيم رئاسية.

وبحسب التقرير فإن الفرص المتاحة للشركات الخاصة محدودة. وقد واجه رجال الأعمال البارزين المضايقات السياسية والاعتقال والمنع من السفر والتشهير في وسائل الإعلام المملوكة للدولة. وفي كانون الأول/ ديسمبر 2023، وفي مواجهة ضغوط من المقرضين الدوليين وتدهور الاقتصاد المصري، وافق الرئيس السيسي على خطة لخصخصة العديد من الشركات المملوكة للدولة، بما في ذلك عن طريق بيعها لمستثمرين استراتيجيين. ومعظم هذه الشركات ليست مملوكة للجيش الذي يحتفظ بدور مهيمن في الاقتصاد.
‌‌
أما عن ممارسات الشرطة وسجون مصر، فقد فند التقرير مواصلة قوات الأمن (المصرية) استخدام القوة غير المشروعة مع الإفلات من العقاب. وتقدم قوانين مكافحة الإرهاب تعريفا غامضا للإرهاب، وتمنح موظفي إنفاذ القانون صلاحيات واسعة وحصانة في التنفيذ.

سجون سيئة.. وفساد مستشر
أما في ما يتعلق بظروف السجن فهي سيئة للغاية. ويتعرض النزلاء للإيذاء الجسدي والاكتظاظ والظروف غير الصحية والحرمان من الرعاية الطبية. وفي ظل حكم (الرئيس) السيسي، مات العشرات في الحجز وسط تقارير عن التعذيب والحرمان من الطعام والماء والعقاب الجسدي لأولئك الذين يحتجون أو يطالبون بمعاملة أفضل أو الحرمان من الرعاية الصحية الكافية وفي الوقت المناسب. ونظام السجون مليء بالابتزاز والرشوة والفساد، بما في ذلك التهريب المربح للمخدرات والهواتف المحمولة من قبل المشرفين ذوي الحصانة.

وركز التقرير على الفساد المنتشر على جميع مستويات الحكومة. ولا تزال الآليات الرسمية للتحقيق في الأنشطة الفاسدة ومعاقبتها ضعيفة وغير فعالة. ويسيطر السيسي على هيئة الرقابة الإدارية، وهي الهيئة المسؤولة عن معظم مبادرات مكافحة الفساد. فهو يفتقر إلى المصداقية والشفافية والنزاهة، ولا يمكنه مراقبة الأنشطة الاقتصادية الكبيرة التي يمارسها الجيش.

نظام السيسي لا يكترث بتحسين مناخ الحريات
اعتبر الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، الدكتور ممدوح المنير، أن "التقرير مؤشر واضح على أن النظام المصري ليس معني بمسألة الحريات أو الديمقراطية أو حرية التعبير، لا توجد نظم عسكرية تصل إلى الحكم تطبق نظام حكم ديمقراطي لأنها أول من ستحاسب به.

وأكد لـ"عربي21" أن "النظام المصري لا يهتم سوى بالدعم الخارجي له السياسي والمالي ولا يوجد اعتبار لأي شيء آخر لديه لذلك فإنه يمكن فهم جلسات الحوار الوطني في هذا السياق ليس إلا. وتقارير المنظمات الحقوقية الدولية التي تدين سلوكيات النظام المصري في مجال الحريات تصدر منذ 2013 ولم يكترث بها على الإطلاق".

وتابع المنير: "فضلا عن أن النظام ارتكب في 2013 مجازر مروعة حيث قتل في 12 ساعة فقط في رابعة والنهضة ما قتله الاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة في نحو شهر؛ وبالتالي وصل إلى السقف في قمع الحريات منذ أول يوم وما بعده هو تفاصيل لهذا السقف المرتفع له".

واستدرك: "السيسي في تصريح له شهير قال نصا ( لا تسمعوا كلام أحد غيري) و بالتالي فهو صادر حرية الجميع مقدما لصالح شخصه، فضلا عن العديد من القوانين المكبلة للحريات وسحق المعارضة وتفريغ المؤسسات الرسمية والشعبية من مضمونها، لا حرية في ظل الاستبداد".

انعدام الجدية لدى النظام
في تقديرها، تقول المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، هبة حسن: "الحقيقة أن هذا الموقع والتصنيف لمصر بالقائمة ربما يمثل أكثر من حقها وفقا لواقع الحريات فيها، والحديث عن أي جدية في رفع سقف الحريات مجرد خيال ووهم يصدره النظام في الإعلام".

مضيفة لـ"عربي21" أنه "إلى جانب ما يصدره النظام من تقارير ملفقة ومضللة يقدمها في المحافل الدولية ويرددها المسؤولون في تصريحاتهم، فلا دليل ولا خطوات حقيقية تثبت أي تطور سوى التدهور للأسوأ بمرور الوقت، إلى جانب الحظر الحقوقي الكامل على كل ما هو إسلامي".

ورأت حسن أن "الحوار الوطني هو لا يعدو كونه صالونا للفضفضة ولا يجمع إلا الحد الأدنى من المعارضين اسميا وليس حوارا جادا حقيقيا، ولم ينتج عنه سوى بعض التصريحات، والواقع يحفل بمزيد من التضييق والاعتقالات والانتهاكات للمعتقلين وكتم أي أصوات تطالب بحق أو حرية وغلق أو إسكات أي منبر يرصد الحقيقة".