مقالات مختارة

وأخيراً..ها هي "داعش"

1300x600
عندما يثبت أنَّ «أمير» كتائب عبد الله عزام المدعو ماجد الماجد ،الذي مات قبل أيام في لبنان، قد تدرب في معسكرات لـ»القاعدة» في إيران وكان قبل ذلك قد ثبت أن بعضاً من أبناء أسامة بن لادن كانوا يقيمون في طهران وأن التابعين لهذا التنظيم ،الذي غدا مطارداً في العالم بأسره، كانوا يتنقلون وربما لا زالوا في المثلث الإيراني-الأفغاني-الباكستاني وأنهم كانوا ينطلقون من هذه المنطقة للقيام بعمليات إرهابية وتأسيس قواعد سرية في العديد من دول هذه المنطقة.. ومن اليمن وسيناء المصرية.

عندما يثبت هذا فإنه يجب أنْ يصبح مالا نقاش فيه هو أن دولة العراق وبلاد الشام الإسلامية «داعش» هي صناعة مخابراتية إيرانية-سورية وأنها أنشئت لتلعب دور الطابور الخامس داخل المعارضة السورية والقيام بجرائم وحشية ضد المدنيين السوريين لتشويه صورة هذه المعارضة وهذا بالإضافة إلى إستهداف خيرة ضباط الجيش الحر وإشغال الثورة السورية بمعارك جانبية تبدو للمتابعين عن بعد بأنها معارك عبثية دافعها الإقتتال على الغنائم.

وحقيقة أنَّ إيران قد برعت في هذه اللعبة الخطيرة فهي في سنوات سابقة قد تمكنت من إختراق بعض الفصائل الأفغانية المسلحة وتجنيد بعضها ،مثل الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار، وتحاشي الإعتماد على الأقلية الشيعية «الهزارة» خوفاً من تعريضها للإنتقام المذهبي وحرصاً على أنْ تكون فاعلة في أفغانستان من خلال الأكثرية السنية التي هي منْ شكَّل حاضنة الثورة ضد الإحتلال السوفياتي الذي كان رحيله مهزوماً بداية إنهيار المنظومة الإشتراكية في العالم كله.

ثم ولقد ثبت أيضاً أن «فتح الإسلام» ،التي إستدرجت دماراً شبه شامل لمخيم نهر البارد الفلسطيني بالقرب من مدينة طرابلس اللبنانية، كانت صناعة مخابراتية سورية فالمعروف أنَّ أكثر الحروب تأثيراً هي التي تشن على الخصم من داخل صفوفه وحقيقة أن الدور الذي قامت به «داعش» قد زعزع صفوف المعارضة السورية أكثر مما زعزعتها المواجهة العسكرية المستمرة على مدى نحو ثلاثة أعوام مع القوات الحكومية والميليشيات الطائفية المتحالفة معها.

والمشكلة هنا هي أن الأميركيين ومعهم دول الإتحاد الأوروبي قد لجأوا ،بدل دعم الجيش الحر وتمكينه من التصدي لـ»داعش» وكل الإختراقات الإرهابية المدفوعة والموجهة، إلى التشكيك بهذا الجيش وبكل المعارضة السورية المعتدلة وبهذا فإنهم قد صبُّوا الحب في طاحونة بشار الأسد وأنهم أعطوا مصداقية لإدعاءاته بأن معركته ليس مع الشعب السوري وإنما مع الإرهاب وبالتالي فإنه بمساعدة روسيا بات يستعد للذهاب إلى مؤتمر جنيف2 بجدول أعمال من نقطة واحدة هي :إمَّا التنظيمات الإرهابية وإمَّا هذا النظام العلماني المعادي للتطرف والأصولية.

وبهذا فإن الأميركيين ومعهم الغرب الأوروبي هم المسؤولون عن هذه الصورة القبيحة التي أُلصقت بالجيش الحر وبالمعارضة المعتدلة والآن وقد ثبت أنَّ هذه الـ»داعش» صناعة مخابراتية سورية-إيرانية فإنه على الولايات المتحدة ،إنْ هي فعلاً معنية بمستقبل سوريا كدولة ديموقراطية وتعددية لكل أهلها من كل الأعراق والأديان والطوائف، أن تسارع ومعها الدول الأوروبية إلى التخلي عن تخاذل الأعوام الثلاثة الماضية وتقديم كل ما يمكِّن المعارضين السوريين المعتدلين من القضاء على هذا الوباء الإرهابي الأصفر ومنعه أن يتفشى أكثر وأكثر.. وإلاَّ فإن الغرب كله سيدفع الثمن وكل هذا بالإضافة إلى هذه المنطقة والشرق الأوسط كله.

(الرأي الاردنية 4 كانون الثاني/ يناير 2014)