مقالات مختارة

انتخاب رئاسي لجنرالات الجزائر

1300x600
إعلان وزارة الداخلية الجزائرية عن تاريخ الانتخاب الرئاسي في 17 نيسان (ابريل) المقبل يطرح السؤال حول ما اذا كانت المؤسسة العسكرية في الجزائر سترشح الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة مجدداً لولاية رابعة رغم تراجع حالته الصحية نتيجة الجلطة التي تعرض لها او انها تعد لترشيح رئيس آخر. ان التقليد في الانتخابات الرئاسية في الجزائر أصبح معروفاً ولو ان ما يجري داخل المؤسسة العسكرية يبقى غامضاً وسرياً.

 ولا يعرف ما تريده التيارات في هذه المؤسسة إلا عبر اشاعات تعطى لوسائل الاعلام بمثابة بالونات اختبار. تمكن الرئيس بوتفليقة خلال ولايته الرئاسية ان يحكم ويتخذ عدداً من القرارات لم تكن دائماً بوحي او بطلب من المؤسسة العسكرية مما جعل جزءاً من الجنرالات يختلف مع نهجه في حين ان البعض الآخر في المؤسسة العسكرية أيّده. واليوم وبوتفليقة في وضع صحي ضعيف، رغم ان القلائل الذين التقوه يقولون ان الجلطة لم تؤثر على تفكيره وعلى وعيه التام للأمور، هل تتوحد المؤسسة العسكرية لترشيحه مجدداً مع احتمال تعيين رئيس حكومته الحالي عبدالملك سلال من مواليد 1948 نائباً للرئيس، وهو مسؤول يحظى باحترام كبير في الخارج وفي المؤسسة العسكرية ام ان الجنرالات يقررون ترشيح شخص من بين المرشحين المعلنين الجديين وهم: علي بن فليس رئيس الحكومة السابق او الوزير السابق احمد بن بيطور او مولود حمروش رئيس الحكومة السابق او عبدالملك سلال.

ان انتخاب الرئيس في الجزائر له خصوصيات لا مثيل لها في بلد آخر. فالمؤسسة العسكرية تختار بضعة مرشحين تمتحن تفاهمهم مع متطلباتها ثم توافق على ترشيحهم جدياً ومن اصل ثلاثة او اربعة مرشحين جديين تتفق في النهاية على الرئيس الاكثر تناسباً مع شروط الجنرالات. ان مما لا شك فيه ان حظوظ ترشيح بوتفليقة مجدداً كبيرة ولو ان جزءاً من المؤسسة العسكرية يقاوم ذلك. فلا شك ان الجنرالات المؤيدين لبوتفليقة لا يريدون ترشيح خصم له ولهم والحفاظ على كل أوساطه وما قام به. أما الذين اختلفوا مع بوتفليقة فهم يتطلعون الى مرشح يزيل كل اوساط الرئيس وكل ما قام به. ولكن في نهاية الامر تقتضي مصالح المؤسسة العسكرية ايجاد توافق بينهم حول مرشح سواء كان التجديد لبوتفليقة مع نائب رئيس يكون رئيس الحكومة او ترشيح سلال للرئاسة مع حماية بوتفليقة والحفاظ على محيطه. فاليوم هناك 14 مرشحاً ومرشحة للرئاسة. ولكن هناك بعض المقالات الصحافية الجزائرية تتحدث عن شقيق بوتفليقة الاصغر سعيد. فقالت حدة حزام في جريدة الفجر: «نعم ليترشح بوتفليقة السعيد، وليسترح عبدالعزيز الرجل الذي هزمه المرض، وكفانا حكماً من وراء الستار وكفانا انتحالاً للصفة. هذه الجريمة التي يعاقب عليها القانون.»

فالانتخابات الرئاسية الجزائرية تظهر نوعية وخصوصية النظام في الجزائر. انه حكم عسكري ولكن مع حرية صحافة وانتقاد وكلام تعكسه الصحافة والاعلام الجزائري عموماً. ولكن هامش القرار السياسي ليس للشعب فعلاً بل للمؤسسة العسكرية ومن تختاره لتنفيذ شروطها بوفاء حتى لو انقلب احيانا على ارادتها مثلما فعل بوتفليقة في بعض القرارات عندما كان في كامل صحته.

مكنت اسعار النفط وعائدات الجزائر من مبيعاتها الغازية والنفطية من جمع حوالى 200 بليون دولار في خزينة الدولة. ولا شك ان بوتفليقة قام بانجازات على صعيد البنية التحتية من طرق ومبان. الا ان هذا البلد الذي عدد سكانه اكثر من 38 مليون نسمة 70 في المئة منهم شباب يعاني من بطالة متزايدة. اضافة الى قطاع سياحي معدوم وخدمات غير موجودة في حين انه كان بامكان البلد ان يقدم الكثير بمناظره الخلابة. فخلال عقود من عائدات نفطية مرتفعة تفاقمت البطالة وزاد عدد المطالبين بمغادرة البلد للبحث عن فرص عمل في الخارج.

ان مسؤولية المؤسسة العسكرية عن هذا الفشل اساسية. فالآن والبلد على عتبة انتخاب رئاسي على الجنرالات ان يعوا خطر ترك الشباب الجزائري من دون عمل والنظر في مستقبل افضل لهم وإلا انفجرت مشكلة خطيرة في وجههم مجدداً.

(الحياة اللندنية)