سياسة دولية

قبرص: استئناف محادثات الوحدة والطرفان متفائلان

قبرص
أكد القادة القبارصة اليونانيون والقبارصة الأتراك رغبتهم في التوصل إلى تسوية "في أسرع وقت ممكن"، من أجل إعادة توحيد الجزيرة، وذلك خلال استئناف المفاوضات بين الطرفين الثلاثاء، بعد تعليقها لسنتين.

ويأتي ذلك وسط تفاؤل بأن تشكل حقول النفط والغاز البحرية قبالة الجزيرة دافعا لإحراز تقدم.

وعقد الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس والزعيم القبرصي التركي درويش أروغلو، لقاء استمر ساعة ونصف الساعة في نيقوسيا عند الخط الأخضر، المنطقة الخاضعة لسيطرة الأمم المتحدة والفاصلة بين شطري الجزيرة المقسومة منذ حوالي أربعين عاما.

وقال أناستاسيادس: "أمل أن يكون اليوم بداية النهاية لهذا الوضع غير المرغوب فيه وغير المقبول الذي قسم جزيرتنا وشعبنا طيلة أربعين عاما".

أنقرة تدفع باتجاه تحقيق الوحدة
 
وفي أنقرة، أعرب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن أمله بانتهاء تقسيم الجزيرة المتوسطية.

وقال: "نحن نسير نحو عملية جديدة في قبرص، وإن شاء الله لن يكون هناك أي تراجع وسنحل المسألة القبرصية".

إشراف أممي
 
وتلت ممثلة الأمم المتحدة رئيسة البعثة الدولية ليزا باتنهايم، بيانا مشتركا بعد اللقاء، جاء فيه: "إن القادة هدفهم التوصل إلى حل في أسرع وقت ممكن لتنظيم عمليتي استفتاء منفصلتين إثر ذلك".

وأعلنت مسؤولة الأمم المتحدة أن اللقاء المقبل بين المفاوضين يرتقب أن يعقد "هذا الأسبوع".

بيان مشترك
 
والبيان المشترك يلخص الإطار الذي اتفق عليه الرجلان، للتفاوض حول إعادة توحيد الجزيرة التي أصبحت ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى، بهدف استغلال ثروات الغاز في الجزيرة وإنهاء الركود الاقتصادي التاريخي الذي تعاني منه جمهورية قبرص.

وأكد البيان المشترك أن التسوية في حال تمت الموافقة عليها في عمليتي استفتاء، فستكون على أساس "دولة فدرالية بمجموعتين ومنطقتين"، تشكل فيها قبرص "كيانا قانونيا موحدا على الصعيد الدولي ذا سيادة واحدة".

وأعلن المتحدث باسم الحكومة القبرصية خريستوس ستيليانيدس، أن لقاء الثلاثاء طابعه إجرائي، وسيقوم كبيرا المفاوضين في الأيام المقبلة بزيارة أنقرة وأثينا لدفع العملية قدما.

خارطة طريق أولية
 
وبعد أشهر من المحادثات الصعبة، اتفق الرئيس القبرصي والزعيم القبرصي التركي الجمعة على خارطة طريق أعدتها الأمم المتحدة تحدد إطار المحادثات.

وفيما تعارض عدة أحزاب قبرصية يونانية استئناف المحادثات، أكد أناستاسيادس الجمعة، أن هذا الاتفاق على خارطة الطريق ليس سوى خطوة أولى من مرحلة صعبة.

وقال: "الأمور الأصعب مقبلة، والبيان المشترك لا يشكل الحل للقضية القبرصية وإنما يحدد الأطر التي يفترض أن تتبعها المجموعتان، وتركيا، للمضي قدما من أجل إيجاد حل مقبول للقبارصة اليونانيين بدون تجاهل حقوق القبارصة الأتراك".

ترحيب أمريكي وأوروبي
 
ورحب البيت الأبيض بـ"شجاعة" و"رؤية" الزعيمين القبرصيين اليوناني والتركي، واعدا بـ"التزام دبلوماسي من قبل الولايات المتحدة".

بدوره، رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق على البيان المشترك، مشيرا إلى أن على الجانبين أن "يعالجا المواضيع المهمة بسرعة والتوصل إلى نتائج سريعة في المفاوضات".

ورحب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي استقلت قبرص عن بلاده في 1960، بالاتفاق ووصفه بانه "خطوة مهمة" باتجاه "تحقيق الهدف المشترك بجزيرة موحدة ومزدهرة".

تداعيات محلية

 واعتبر هوبير فوستمان، أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في جامعة نيقوسيا، أن استئناف المحادثات "يشكل أكبر فرصة للسلام منذ العام 2004 بسبب النفط والغاز".

وقال: "واشنطن وضعت ثقلها كثيرا في هذا الجهد الأخير للسلام لأن الغاز والنفط يغيران اللعبة في إطار أكثر شمولية. إنه وضع رابح للجميع".

تاريخ قريب

 وقبرص مقسومة إلى شطرين منذ الاجتياح التركي عام 1974، ردا على انقلاب قام به قوميون قبارصة يونانيون بهدف إلحاق الجزيرة باليونان.

وانضمت قبرص إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 بعد فشل خطة أولى لإعادة توحيد الجزيرة وافق عليها القبارصة الأتراك بكثافة خلال استفتاء، فيما رفضها القبارصة اليونانيون في الشطر الجنوبي.

والمحادثات بين الطرفين التي كانت بطيئة بعد فشل خطة عام 2004، علقها القبارصة الأتراك في صيف 2012، حين تولت الحكومة القبرصية اليونانية الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. ثم حالت الأزمة المالية في جمهورية قبرص دون استئناف المحادثات.

وأدى اكتشاف حقول الطاقة قبالة الجزيرة وقرب السواحل الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، إلى تغيير المعطيات الإقليمية والدولية، وبعث ببعض التفاؤل حيال احتمال تقدم المفاوضات.

أطماع استعمارية

 و"إسرائيل" التي تفكر في تصدير الغاز عبر انبوب غاز يمر في المياه القبرصية ثم إلى تركيا، وفي الاستثمار في مصنع للغاز المسال في الجزيرة المتوسطية، "لن تسلم غازها لقبرص إلا إذا كان هناك حل".

وترغب الولايات المتحدة وكذلك الاتحاد الأوروبي اللذان يمكن أن يستفيدا من هذه الموارد، بنزع فتيل توتر في المنطقة، حيث إن تركيا تعارض استغلال نيقوسيا للغاز والنفط باعتبار أنهما لكل سكان الجزيرة.

من جانب آخر، وفيما اضطرت قبرص التي كانت على وشك الإفلاس، لقبول شروط صارمة مقابل خطة إنقاذ دولية، فإن هذه الموارد تعتبر لدى كثيرين كخشبة خلاص.

وفي هذا الشأن أعلنت ترويكا الجهات الدائنة لقبرص الثلاثاء، أن برنامج إعادة هيكلة الاقتصاد القبرصي يسلك الطريق الصحيح مع أداء مالي أفضل من المتوقع، لكن الوضع يبقى صعبا.

وجاء في بيان مشترك للترويكا (الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي)، أن "البرنامج الموضوع لقبرص يسلك الطريق الصحيح مع نتائج أفضل مما هو متوقع على مستوى القطاعات الاقتصادية".

وقد انتهى للتو ممثلون للاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي من إنجاز ثالث عملية تدقيق في مدى احترام التعهدات التي قطعتها قبرص، مقابل حصولها على خطة إنقاذ مالية دولية بقيمة 10 مليارات يورو في آذار/ مارس 2013.