صحافة إسرائيلية

سفير إسرائيلي: الصين أكثر أهمية لتل أبيب من أمريكا

ضعف أمريكا وجفاء أوروبا يجعلها بحاجة إلى الارتماء في أحضان الصين - أرشيفية

دعا الكاتب الإسرائيلي عاموس نداي، في مقالته الافتتاحية التي نشرتها صحيفة "يديعوت أحرنوت" الثلاثاء، إسرائيل إلى توطيد علاقاتها مع الصين، بحيث تتجاوز البعد الاقتصادي إلى مجالات السياحة والثقافة والعلوم. وأكد أن إنشاء استراتيجية دبلوماسية قوية مع الصين، ذات الخصائص التاريخية والحضارية، واللاعب المهم على المسرح العالمي، من شأنه أن يعوض التراجع في الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة لصالح إسرائيل في وقت تتزايد فيه الكراهية الأوروبية لها، وبخاصة أن الصين نفسها تعتبر إسرائيل مثالا يحتذى.

وحذر نداي من الالتفات إلى الآراء الغوغائية تجاه الصين، لأنها تضر بمصالح إسرائيل الحيوية. وفي ما يأتي نص المقالة:

أصبحت وسائل الاعلام غارقة في المدة الأخيرة بتصريحات عن العلاقات بالصين. وأكثرها أقوال لا أساس لها قد تضر ضررا كبيرا بمصالح إسرائيلية حيوية. وأنا أدهش بصفتي كنت أشتغل أكثر حياتي المهنية في آسيا والصين، أُدهش للخليط الغريب من رهاب الصين والجهل والمصالح والغوغائية التي تحرك هذا الجدل المهم.

إن الخطأ الرئيس هو أن يُحكم على السلوك الصيني بحسب المعايير المعمول بها عندنا دون أن تؤخذ في الحسبان الخصائص التاريخية والحضارية التي تميز الصين.

تُجذب الصين إلى مركز المسرح العالمي بسرعة لم يكن لها مثيل في التاريخ. ففي غضون ستين سنة تحولت من دولة فيها 400 مليون معدم إلى واحدة من أكثر الدول تأثيرا في العالم. ولم يجعل الصينيون هدفهم بلوغ هذه المنزلة وكانوا يفضلون لو استمرت هذه المسيرة وقتا أطول كثيرا.
         
كانت القيادة الصينية منذ عهد القياصرة إلى اليوم تنظر إلى الأمام قبل كل شيء، وبرغم أنها قدست دائما سلامة أراضيها فلم تكن عندها -ولا توجد- مطامح توسع، فالتحدي الرئيس الذي تجابهه القيادة الصينية هو الحفاظ على معدل النمو الاقتصادي الذي هو الدعامة الرئيسة لاستقرار نظام الحكم.

وتتوجه إجراءات الصين في مجال السياسة الخارجية هي أيضا لنفس الهدف. فليس عند الصين اهتمام بإنشاء منطقة تأثير هنا أو في منطقة أخرى ما عدا تأمين الأسواق وقرب تناول الطاقة والموارد الطبيعية الأخرى.

في حين أخذ يضعف تأييد الولايات المتحدة لإسرائيل وأصبحت تقوى في أوروبا العداوة والكراهية لإسرائيل، يوجد بين القيادة والجمهور الصينيين قاعدة دعم واسعة لإسرائيل تعتمد على كونها عضوا لم تعرف معاداة السامية، وتؤمن بالعقل اليهودي. والصين ترى أن إسرائيل قدوة يُحتذى بها. والإنتاج للفرد في هذا البلد وعدد الفائزين بجوائز نوبل في العلوم موضوع إجلال عند الصينيين.
         
تجري على الصين إجراءات اقتصادية واجتماعية يمكن أن تسهم إسرائيل فيها. وليس من شيء يدعو إلى أن تتخلى دولة إسرائيل على اختلاف قدراتها وخصائصها المميزة بالنسبة للصينيين، عن فرص تشغيلية بمقادير جدية، والإمكانات غير محدودة تقريبا.
         
قبل نحو ثلاث سنوات، اشترت شركة صينية 60% من أسهم "مختاشيم أغان". وتم التعبير قبيل الشراء عن مخاوف من السيطرة الصينية وتم الحديث عن إقالات جماعية وفقدان سيطرة، ولم توجد إقالات، ولم يتدخل الصينيون بالإدارة الجارية للشركة المشتركة التي قد تصبح واحدة من أكبر الشركات في مجالها في العالم.
         
إن أكثر الشركات الإسرائيلية التي تعمل في الصين ليست هي بنفس القدر، فأكثرها صغيرة أو متوسطة ويصعب عليها دخول السوق الصينية المعقدة. ولا تفعل الحكومة ما يكفي لمساعدة هذه الشركات، فكانت النتيجة أن مستوى النشاط الإسرائيلي في الاقتصاد الصيني لا يلائم الطاقة الكامنة.
         
قيل الكثير في سلوك الصين تجاهنا في المجال السياسي. ومن المهم أن ندرك أن صورة تصويتها في الأمم المتحدة تشبه سلوك أصدقائنا من أوروبا؛ فسلوكها في الشأن الذري الإيراني ينبع من رؤيتها للمصلحة في الساحة الدولية ولا ينبع على الإطلاق من سياسة معادية لإسرائيل.
         
وتُذكر علاقاتنا بالولايات المتحدة أيضا في هذا السياق. فقد زُعم أن بؤرة صينية كسكة الحديد إلى إيلات لم تتقبلها حليفتنا بتفهم، وهذه الأقوال هي نتيجة واضحة للجهل. وأستطيع باعتباري اشتغلت بذلك المجال وكانت لي صلة أيضا بمقرري السياسة في الولايات المتحدة، أن أقول في يقين إن التعاون الاقتصادي مع الصين لا يفترض أن يُعرض علاقاتنا بالولايات المتحدة للخطر، فالولايات المتحدة نفسها تتصل بالصين بمنظومة تعاون مالي واقتصادي وصناعي.
         
إن إدارة حكيمة لمنظومة العلاقات الاقتصادية بالصين هي ذات أهمية استراتيجية لاقتصادنا المتقلص. فيجب علينا أن نستمر على زيادة عمق العلاقات بالصين وأن نوسعها في مجالات أخرى أيضا كالسياحة والعلوم والثقافة. وهذه نافذة فرص لن تبقى مفتوحة إلى الأبد.