ملفات وتقارير

فايننشال تايمز: أحكام الإعدام تهز الثقة بحكومة مصر

حكم الأعدام الجماعي بمصر يذهل الناس والإعلام العالمي - عربي21

عندما سمعت مها سيد أن زوجها أحمد عيد كان من بين الذين حكموا بالإعدام في قضية مقتل ضابط الشرطة، أغمي عليها. وقالت لمراسلة صحيفة "فايننشال تايمز" إنها تتوقع أن يكون زوجها أول من سيتم إلغاء الحكم عنه. وكانت مها تتحدث في بلدة ماتايا جنوب القاهرة. 

وتوثق الصحيفة أنه، عندما أصدر القاضي سعيد يوسف الشهر الماضي حكما على 529 متهما في أقل من ساعة، لم تكن كافية حتى لقراءة أسماء المتهمين أو إعطاء محامي الدفاع عنهم الفرصة لتقديم أوراقه ومرافعاته، ترك ذلك جراحا في نفوس سكان هذه البلدة.

وتلفت إلى أنه رغم أقوال الخبراء القانونيين بأن حكم الإعدام لن يتم تنفيذه أو سيتم إلغاؤه عندما يقدم المحامون الاستئناف، إلا إن الحكم أدهش الناس وأضعف ثقة الأهالي بالنظام القانوني، وأثار المخاوف في هذه المنطقة الفقيرة في جنوب مصر

وتشير إلى أن معظم المتهمين كانوا من مؤيدي الرئيس (المنتخب) محمد مرسي، الذي أطاح به انقلاب عسكري في تموز/ يوليو العام الماضي. ووجهت المحكمة لهم تهما مشابهة، وهي قتل نائب مدير شرطة ماتايا، ومحاولة قتل ضابط آخر، والهجوم على مركز الشرطة وحمل السلاح. وتعود الحوادث إلى 14 آب/ أغسطس، وهو اليوم الذي فضت فيه الشرطة اعتصام ميدان رابعة، وقتلت فيه أكثر من ألف معتصم. 

وتعود بالذاكرة إلى شريط الأحداث في بلدة المنيا، حين اندلعت انتفاضة احتجاجية لمدة ثلاثة أيام متوالية، هاجم فيها المتظاهرون الشرطة والمحلات العامة وحرقوا سيارات الأمن الذي كان عناصره يطلقون عليهم الرصاص الحي. ومنذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، تعرضت جماعته (الإخوان المسلمين) لعملية قمع وملاحقة، وصنفت جماعة إرهابية، واعتقلت الشرطة معظم قياداتها وأكثر من 16 ألفا من أعضائها ومن إسلاميين آخرين وناشطين ليبراليين.

وتروي أنه مع ذلك، فقد أكدت مها السيد أن زوجها -وهو محام- لم يكن ناشطا سياسيا أو عضوا في الإخوان المسلمين أو له علاقة بالعنف. وتقول إنه اعتقل في كانون الثاني/ يناير، عندما ساعد في الإفراج بكفالات عن بعض المعتقلين بالقضية. وتقول: "قمت بإرسال الاستعطافات للرئيس ولوزير العدل، ولكن لا ردود منهما".

وأشارت إلى أن محاميها أحمد شبيب، قال إن العائلات متخوفة كثيرا من اتخاذ خطوات جماعية نيابة عن المعتقلين، و"الناس يخشون فعل أي شيء احتجاجا على أحكام الإعدام"، مضيفا أن هناك الكثير من الغضب والسخط.

وتؤكد أنه حتى الناقدون للإخوان المسلمين مثل طارق فودة، رئيس فرع نقابة المحامين في المنيا، يشخص الحكم واحدا من أخطاء العدالة الفادحة واعتبره حكما يدعو إلى تفاقم الغضب ويؤدي إلى العنف. وقال: "كان للحكم أثر سلبي وزاد من التعاطف مع الإخوان". وأضاف: "صحيح أن التظاهرات في المنيا صغيرة، ولكن الموضوع المهم هو ما يكمن في نفوس الناس من الغضب"، ففي الوقت الحالي لا يفعلون الكثير ولكنهم قد ينفجرون في أي وقت.

ويقول التقرير إن منظور انزلاق مصر نحو الحرب الأهلية محتمل، خاصة بعد قيام الجيش بتعزيز قبضته على الحكم وزيادة عدد القتلى بشكل يومي.
 
وتروي "فايننشال تايمز" قصة هناء جمال، زوجة إمام المسجد الذي أفرج عنه بكفالة واختفى قبل صدور الحكم.. فإن قرار القاضي دليل على أن البلاد تسير نحو طريق قاس، وتقول إن هناك قسوة تمارس مع كل من دعم النظام السابق ويعارض النظام الحالي. وتؤكد هي الأخرى أن زوجها لم تكن له علاقة بالعنف ولم يشارك فيه، وقيل له أثناء التحقيق إن لديه "ميولا إخوانية".

وتشير إلى أن هناء تركت بيتها، وقالت للصحيفة إنها انتقلت لبيت أهلها الصغير خشية أن تتعرض لهجمات الشرطة.. كما أنها لا تناقش أي شيء مع غرباء، وتقول: "أتحدث مع كل الذين يشاركونني الرأي"، وإنه عندما أعلن خبر الإطاحة بمرسي سمعت صراخا من  كل البيوت حولها، ولكن الناس تحولوا إلى مؤيدين للسيسي، وزير الدفاع السابق!