كتاب عربي 21

إشغال فنادق تونس 100 %.. ومصر؟

1300x600
مهما قيل عن نجاح الثورة في تونس، فإنه يبقى كلاما في الهواء طالما أن المواطن لا يشعر بأنه استعاد حياته الطبيعية. فالثورة في تونس بخاصة، و"الربيع العربي" بعامة، كانا ثورة كرامة قبل كل شيء، لا ثورة جوعى وفقراء.

وعندما منحت الحكومة السورية الشعب زيادة عاجلة في الراتب بعد انطلاق شرارة الثورة في درعا، هتف أهلها: "يا بثينة يا شعبان.. شعب درعا مش جوعان".

غير أن ذلك لا يعني أن الشعوب الثائرة منذورة للفقر والجوع. فبعد نجاح الثورة، لا بد من تحقيق نجاحات اقتصادية، تثبت أن الديمقراطية هي التي تحقق الإدارة الكفؤة للدولة؛ سياسة واقتصادا، لا الاستبداد.

نجح التوانسة في الانتصار على الاستبداد وعلى الثورة المضادة معا. ويستعد الجميع للحظة اختبار صناديق الاقتراع المتوقع في أواخر العام. والأهم من ذلك كله أن عجلة الاقتصاد عادت للدوران، وليس أدل على ذلك من أن نسبة إشغال الفنادق بلغت 100 % للموسم السياحي هذا العام. وهذا بحد ذاته شهادة من العالم بأن تونس بلد آمن، ومستقر وجميل.

فالسائح لا تهمه كثيرا هوية النظام السياسي، فتلك من شأن أهل البلد لا السياح. وليس مهما أن تعتقد أنك آمن، المهم أن يعتقد السائح ذلك. وهذا لا يعني الانتصار على حالة الفوضى الأمنية، بل الانتصار على الإرهاب الذي تبين أن أكثره مصدّر إلى تونس، من دول يهمها إفشال "الربيع العربي" تحت شعارات إسلامية.

مقابل النجاح التونسي المذهل في إدارة المرحلة الانتقالية سياسيا واقتصاديا، والذي تشارك فيه كل الفرقاء، نشاهد الفشل المروع في مصر. وليس أدل عليه من الموسم السياحي الذي يعتبر الأسوأ في تاريخ مصر. إذ لا يمكن لسائح أن يزور بلداً يسيح دم أبنائه في الشوارع، ولا تتوقف المظاهرات فيه على مدار الساعة. وكل "اختراعات" الجيش من قبيل علاج الإيدز بالكفتة، لن تنجح في إقناع سائح بالقدوم إلى مصر.

بفعل الثورة المضادة، تحولت مصر إلى دولة فاشلة بامتياز. وكل إعلام الأساطير لم يستطع أن يقنع السائح بالقدوم. وفي مقابلة عبدالفتاح السيسي الأخيرة، بدا أن مصر في ذمة المجهول؛ إذ قدم تصورا سياسيا دمويا استئصاليا، ينفّر أي قادم لمصر، بموازاة تصور اقتصادي مضحك.

ففي حل مشكلة البطالة، يتحدث السيسي الذي سهر جهابذة الاقتصاد على برنامجه، عن ألف سيارة تشتري الخضار وتبيعها، وتضم كل منها ثلاثة عاطلين عن العمل. فيسأله الصحفي عن ثمن السيارات، فيقول إن البنك سيؤمنها وتسدد أقساطها. بعدها، تتدخل المذيعة لتخليص المشير من ورطة سؤال البطالة. 

على مدى ساعتين، يحار علماء الاقتصاد في فهم النظريات التي صدرت عن المشير الذي سينقذ الاقتصاد المصري، وهو عمليا يتحكم بمصر اقتصادا وسياسة منذ انقلابه.

نجحت تونس بشهادة العالم، تماما كما فشلت مصر بشهادة العالم. وأرقام السياحة هي الشاهد.