مقالات مختارة

تفكيك دولة مبارك والسادات وليس إعادة دولة عبدالناصر

1300x600
كتب عماد الدين حسين: ما سيفعله السيسي هو «إنهاء دولة السادات وليس استئناف دولة عبدالناصر».. هذا التعبير سمعته من مفكر كبير لا يريد أن يظهر في الصورة الآن.

التعبير ربما ينهى الجدل بين بعض مؤيدى عبدالفتاح السيسى وحمدين صباحى بشأن من هو أكثر ناصرية منهما؟!

هذه المعركة الضروس تدور رحاها على مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام كافة، بل بين زملاء وأصدقاء وأحيانا إخوة.

المعركة تبدو صبيانية فى أحيان كثيرة، لكنها ليست مفتعلة بالكامل.

لدينا شخصيات ورموز كبيرة كانت تؤيد صباحى حتى شهور مضت وانتقلت إلى معسكر السيسى، بل أن الجزء الأكبر من حركة تمرد المحسوبة على التيار الشعبى، ــ الذى هو ذو توجه ناصرى أيضا ــ أعلن تأييده للسيسى.

أعرف أصدقاء فى مكان عمل واحد، وصل بهم الأمر إلى حد الخصام بشأن من هو أفضل للمشروع الناصرى، بل من هو الأفضل من وجهة نظر ناصرية لقيادة الدولة صباحى أم السيسى؟!. قبل أيام أيضا شهدت نقاشا مماثلا بين صديقين كاد يتطور إلى «خناقة».

للأسف الشديد النقاشات فى معظمها سطحية وشخصية.

يقول البعض إن التوجهات العامة بين السيسى وصباحى تكاد تكون واحدة وربما الاختلاف فقط فى التفاصيل.و هذا هو السبب الجوهرى الذى يجعل شخصا كان يؤيد صباحى حتى أسابيع مضت ينتقل إلى تأييد السيسى وهو لا يشعر بأى تحول أو تأنيب ضمير، ويفعل ذلك محافظا على حبه واحترامه وتقديره لحمدين صباحى.

المنطلقات الاجتماعية والاقتصادية للمرشحين تقريبا واحدة، لدرجة أنك لو أخفيت اسم المرشح عن بعض العبارات والجمل والتصريحات. لتشككت أيهما صاحبها!

نعود إلى صلب الموضوع ونسأل: أى من المرشحين سيعيد دولة عبدالناصر؟!

الإجابة ببساطة هى لا هذا ولا ذاك، لأن دولة عبدالناصر لن تعود حتى لو كان الفائز هو عبدالحكيم جمال عبدالناصر نفسه.

لا توجد تجربة سياسية إنسانية يمكن إعادة استنساخها مرة أخرى، لأنه كما يقال فإن الإنسان لا ينزل نفس النهر مرتين.

التطور السياسى والاقتصادى والاجتماعى والأهم تطور الاتصالات يمنع إعادة دولة مبارك فما بالك بدولة عبدالناصر!

صباحى أو السيسى يريدان استعادة مفهوم العدالة الاجتمايعة الذى كان مرفوعا زمن عبدالناصر، لكن هل يستطيعان إعادة الحزب الواحد والرأى الواحد، والدور القائد للقطاع العام والانعزال عن معظم العالم خصوصا فى الغرب؟!، المؤكد أنه لا أحد يستطيع ذلك.

ثم إن المفارقة تجعل كل المرشحين فى أمس الحاجة لعلاقات قوية مع الخليج خصوصا السعودية التى كان المشروع الناصرى يحاربها علنا ويعتبرها مركز الرجعية الذى وجه الضربة الأخطر لهذا المشروع.

والمرشحان لا يستطيعان عمليا الدخول الآن فى مواجهة مع إسرائيل العدو الأكبر للمشروع الناصرى ولأى مشروع تحررى تقدمى إنسانى.

نعود إلى ما بدأنا به ونسأل: هل يستطيع السيسى حقا أن يفكك بقايا دولة السادات ومبارك ويطبق العدالة الاجتماعية لدولة عبدالناصر؟!

السؤال قابل لإجابات مختلفة تتوقف جميعها على احتمالات متعددة، لكن يظل العنصر الرئيسى هو طبيعية الانحياز الاجتماعى للسيسى، والقوى التى ستساعده والأهم القوى التى سوف تصطف ضده.

إذا حاول السيسى تفكيك دولة السادات ومبارك الاجتماعية، فإنه سيدخل فى صراع ضخم وكبير مع قوى صار لها نفوذ ضخم فى المجتمع، وتبدو أحيانا قادرة على وضع العصى فى الدواليب.. والسؤال مرة أخرى هل يستطيع السيسى تفكيكها فعلا؟!، شخصيا أتمنى أن ينجح فى ذلك.

(الشروق)