ملفات وتقارير

كُتاب داعمون للانقلاب يعترفون بالهزيمة في "الرئاسية"

هزيمة الانقلاب تعني انتصار المعارضة - أرشيفية
اعترف عدد من الكتاب المصريين الداعمين للانقلاب العسكري بالهزيمة في معركة انتخابات الرئاسة، مُقرين بنجاح حملة المقاطعة، التي تبناها رافضو الانقلاب، وضعف الإقبال على المشاركة في التصويت، مشيرين إلى أن السبب الرئيس في ذلك  خسارة كتل تصويتية تقدر بملايين الأصوات، وأرجعوا الخسارة إلى عوامل عدة.

دلالات سبع للأرقام الانتخابية

تحت عنوان: "دلالات سبع للأرقام الانتخابية"، كتب الدكتور معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية مقالا بجريدة "الوطن" الأربعاء قال فيه: "إن «اللحظة الأتاتوركية» طالت بأكثر مما ينبغي، وتحالف 30 يونيو تفتت بأسرع مما ينبغي. ولا نزال غير قادرين على استخدام أدوات «التسويق السياسي» التي تضمن لنا فاعلية أكبر فى إقناع، وليس حشد، قطاعات واسعة من المجتمع لأن تنضم إلى التيار العام في الوطنية المصرية"!

وأضاف: "يبدو أن هناك اتجاهاً للتعامل مع رقم 25 مليوناً كأنه المستهدف من المشاركة في التصويت الانتخابي على أساس أنه يساوي رقم من شاركوا في انتخابات 2012 التى انتهت بالدكتور محمد مرسي إلى رئاسة الجمهورية. إن الوصول إلى هذا الرقم يعد تحدياً حقيقياً لأن هناك قطاعاً من المصريين ممن صوتوا لمرشحي التيار المحافظ دينيا (مرسي، وأبو الفتوح، والعوا) قرروا مقاطعة التصويت. وهؤلاء يُقدر عددهم في الجولة الأولى لانتخابات 2012 بنحو 7 إلى 8 ملايين صوت".

وتابع: "لو أضفنا إليهم قطاعاً من شباب الثورة الذين يظنون أن هذه الانتخابات مجرد مسرحية ستنتهي بإذعانهم لمرشح الدولة الذي يرون فيه أنه كان طرفاً في عملية صنع القرار سواء فى ظل المجلس العسكرى فيما بعد 25 يناير أو مجلس الوزراء فيما بعد 30 يونيو، لو أضفنا هذا الرقم فغالباً سيكون إجمالي المقاطعين في حدود مليون آخر أو أكثر. هذا عن المقاطعين سواء لأنهم مرسيون (أى من مدرسة مرسي راجع) أو لأنهم معترضون على مسار ما بعد 30 يونيو أو لأنهم يريدون بديلاً ثالثاً غير البديلين المطروحين"..

وأشار إلى أن هناك بُعدا آخر مرتبط بالمتكاسلين الذين يظنون أن أصواتهم ما كانت لتغير النتيجة سواء، لأنهم ضمنوا أن مرشحهم قد فاز أو أن مرشحهم قد خسر الانتخابات، وبالتالي فإن نزولهم يستوي عندهم مع عدم نزولهم.

وتابع أنه يُضاف إلى كل هؤلاء قطاع من المصريين المغتربين داخل مصر الذين لم يقوموا بتغيير محال إقامتهم في الشهر العقاري خلال الفترة التي حددتها اللجنة العليا للانتخابات..

وقال: "مجموع هؤلاء رقم كبير مخصوم من الكتلة التصويتية الفعلية، التي هي عادة نصف الكتلة التصويتية الرسمية لمن لهم حق الانتخاب، الذين يبلغ عددهم 54 مليون مصري تقريباً".

وتساءل: هل كل هذا ينال من شرعية الرئيس القادم؟

وأجاب: "قانونياً، الأصل في الأمور أن الانتخابات بمن حضر، ما لم ينص القانون على غير ذلك، ولكن هناك دلالات سياسية لا يمكن إغفالها:

أولاً، أساليب الحشد الإعلامي التقليدية أصبحت أقل تأثيراً بمرور الوقت. بل أزعم أن الحشد المبالغ فيه من قِبل الإعلام كان له تأثير عكسي..

ثانياً، الفزع من الإخوان الذي كان موجوداً قبل وأثناء وبعد 30 يونيو، وحتى التصويت على دستور 2013 تراجع تأثيره السياسي..

ثالثاً، قطاع من شباب الثورة النشط سياسياً اختار «النضال» خارج الأطر الرسمية على حساب «المعارضة» داخل الأطر الرسمية.

رابعاً، هناك من سيتاجرون بالأرقام، ويصورون أن عدم الوصول إلى رقم محدد معناه أنهم يرفعون شعار «مرسي راجع»، وهو ما يتناقض مع منطق الأشياء بأنه لا يمكن أن ينسب إلى ساكت قول؛ فسكوت الناس على التصويت لا يعني الرغبة في عودة «مرسي»، وإنما يُفهم في سياق قطاعات المجتمع المختلفة التي ذكرت.

خامساً، لو فاز أى من المرشحين، «السيسي أو صباحي»، برقم أعلى من 13 مليوناً التي حصل عليها الدكتور مرسي، فيمكن لأنصار الرئيس الفائز الادعاء بأن الشعب أعطى تفويضاً للرئيس المنتخب في 2014 بأكثر مما فوّض الدكتور مرسي.

سادساً، التيار الوطني العام للمجتمع المصري مستعد لأن يقبل داخله كل من يضع مصر فوق أي مصالح شخصية أو حزبية أو فئوية".

 أما سابعا فهي الدلالة الأولى التي تصدرت هذا المقال.

ستة أسباب للامتناع 


من جهته، اعترف الكاتب الصحفي حمدي رزق، في مقاله بجريدة "المصري اليوم" الأربعاء بعنوان: "والحزب الوطني- أيضاً- قاطع الانتخابات"، بامتناع ملايين المصريين عن المشاركة في الانتخابات، وأرجع ذلك إلى ستة عوامل كالتالي: 

1. "اللجنة العليا بالغت فى الطهارة التصويتية لدرجة حرمان الصناديق الجائعة من ملايين الأصوات الوافدة خشية الشك في صوت شيطاني في يد مزور إخوانجي عتيد، خشيت تزويرًا إخوانيًا ممنهجًا يصم الانتخابات بالتزوير عبر ثغرة الوافدين، التصويت في لجنتين، إحداهما في القاهرة، كان مخططًا إخوانيًا فطنت إليه اللجنة العليا من بعيد، وإن عالجته بالبتر بدلا من علاج الجذور."

2. "حكومة محلب بلغت من الحياد مبلغًا معتبرًا، الوزارات والمحافظات والمحليات ابتعدت بمسافة كافية عن اللجان، كفت يدها تماما عن الانتخابات، بالضرورة خسر الناخبون وسائل ناجعة في حشدهم أمام اللجان الانتخابية، تعود الناخبون في بحري والصعيد على الرعاية الكاملة من المحليات تجميعًا، ونقلًا، وتصويتًا، من رأس الغيط إلى الصندوق، فخسرت الصناديق ملايين الأصوات كانت أولى بها مع استمرار الحياد إيجابيًا، وليس سلبيًا كما جرى".

3. "تشدد القضاة تدقيقًا وتمحيصًا لدرجة أورثت الناخبين الملل والزهق من الوقوف لساعات طوال فى طابور تقريبا لا يتحرك على صغر طوله، رغبة قضائية محمودة في إثبات طهارة سياسية كان يمكن إثباتها أمام المراقبين بقدر أكبر من المرونة التصويتية، ولكن القضاة أمعنوا في النزاهة فحرمت الصناديق من ملايين أخرى".

4. "ابتعد الحزب الوطني القديم بوجوهه القديمة، بعائلاته وقبلياته وتكويناته ولوبياته عن اللجان بمسافة، عن المشهد تماما إثر حملة ضارية شنتها حملة حمدين، وانجرت إليها حملة السيسي طلبًا للطهارة، فقرر الحزب الوطني نكاية مقاطعة الانتخابات تماما كالإخوان، مما حرم الصناديق من ملايين الأصوات كانت في أمس الحاجة إليها، شارك الوطني والإخوان المقاطعة المقنعة القواعد السلفية التى كانت فى وادٍ وحزب النور في وادٍ، الحزب يصوت، ونحن نصوت عليه".

5. "لم يأبه رجال الأعمال بالانتخابات، وعاقبوا المرشحين، كلاهما يتلمظ لرجال الأعمال، وتأكدت النوايا المقلقة من تصريحات نسبت للسيسي، وحكايات من أنزل الله بها من سلطان، لماذا يطلقون سراح العمال والعاملين للتصويت، ما ضرهم بالأرقام المسجلة، بالأرقام كلما جاء التصويت ضعيفًا كانت السلطة القادمة في موقف أضعف، حق عليها التنازل مستقبل"..

6. "أسهمت الفضائيات السيساوية في حرمان الصناديق من ملايين الأصوات السانحة بعد أن أشاعت جوًا من حسم المعركة قبل التصويت، وأنها عرس ديمقراطى ينتهي بزفاف العريس، والجري والوقوف أمام لجان التصويت في الحر للمتاعيس، أسهمت نتائج انتخابات الخارج في تثبيت الشعور السلبي المناهض للتصويت في شكل مقاطعة اختيارية، بمزاجي، بح صوت حملة حمدين صوت واحد حلال يفرق.. ولا مجيب"..

وقال الشعب لـلسيسي: "مش قادر أديك"

وغير بعيد فسر تامر أبو عرب ما حدث من إحجام شعبي عن الاقتراع في مقال بجريدة "المصري اليوم" الأربعاء بعنوان ذي دلالة هو: "وقال الشعب لـ«السيسي»: «مش قادر أديك»!

فقال: "سيفوز عبدالفتاح السيسي برئاسة الجمهورية بفارق كبير عن منافسه حمدين صباحي، لكن صور اللجان الخاوية، ونسبة المشاركة الضئيلة ستطارده طوال الوقت، ولن يجرؤ أحد على رفع صوته مجددًا بالحديث عن شعبيته الكاسحة والإجماع الكامل على شخصه".

سينظر إلى ورقة النتيجة بغضب، فالفارق بين أصواته وأصوات سلفه المعزول ليس كبيرًا، سيتبادر إلى ذهنه صراخ مقدمي برامج التوك شو وضيوفهم بأن الشعب كله ينتظر لحظة ترشحه، سيتذكر التقارير الأمنية، وتقارير تقدير الموقف التي كانت تؤكد له أن الشعب كله سينتخبه ما عدا الإخوان، سيسأل نفسه: هل الإخوان 30 مليونًا؟

سيفيق على الحقيقة المرة، سيدرك أن عشرات الملايين من المصريين يرفضونه فقاطعوا أو أبطلوا أو صوّتوا لحمدين، ستحدثه نفسه بأنه ليس كل من قاطع يكرهه، فيفاجئه عقله بالإجابة: ربما لا يكرهني نعم لكن الأكيد أنه ليس مهتمًا بأمري..

سيرفض بنفسه كلام إعلامييه ومنافقيه ممن سيدّعون أن ضعف الإقبال سببه ثقة الناس في فوزه، ستأتيه الإجابة فورًا: لو فعلوا ذلك في اليوم الأول فلماذا لم ينزلوا في اليومين التاليين بعدما صرخ لهم الجميع في مساء اليوم الأول أنْ انزلوا، شرعيتنا تنهار.

سيُلقي بيانه الأول كرئيس للجمهورية بنبرة مغايرة تمامًا عن تلك التي قال بها لإبراهيم عيسى «مش هسمح لك تقول عسكر تاني»، ستكون لهجته أكثر تواضعًا، سيتكلم عن ضرورة أن نعمل معًا، ونتجاوز الخلافات، وربما يدعو إلى مصالحة تشمل كل أبناء الوطن ممن لم يتورطوا في العنف.

سيفقد الثقة في أجهزة إعلامه وأمنه ومستشاريه، سيكفر بقدرة شيوخ القبائل والعشائر وكبار العائلات ورؤساء الأحزاب على حشد شعب لا يريد أن ينزل، سيعرف أن الشعب هو السيد، وليس له سيد، فسيعامل سيده بالاحترام الواجب.

ترشح السيسي لانتخابات الرئاسة ففاز الشعب"..

وأضاف تامر أبو عرب : "مش معقول ننسي. مش الناس. الناس المصريين البسطاء في الشارع واخدين بالهم كويس. لكن احنا أحيانًا، واحنا بنتكلم بننسي. وتقولي حملتك الانتخابية أخبارها إيه؟ طب كنت قلت لي كده من الأول. كنت قلت لي برنامجك إيه عشان نقيمه، ونقول لك البرنامج ده احنا موافقين عليه سيب الجيش وتعالى"..

هكذا قال السيد عبدالفتاح السيسي، في حوار مع الإعلاميين قبل أيام، كان يظن الرجل أن الشعب استدعاه، ولا يريد منه برنامجًا، ولا رؤية، ولا خططًا، باعتباره برنامجًا ورؤية وخطة في حد ذاته، لكن من أقنعك بذلك يا سيادة المشير؟ عدة إعلاميين أكدوا لك أن الحشود ستزحف لتأييدك في حين أنهم ربما يفشلون في إقناع أبنائهم بانتخابك؟ عدة عشرات يقفون في الميادين حاملين صورًا لك بنفس المقاس والتصميم والكلمات المكتوبة عليها إما بمصادفة عجيبة أو بترتيب مسبق؟ مداخلات كنت تسمعها في برامج الثرثرة الليلية، وأنت تعرف أنها منتقاة بعناية؟ أجهزة أمنية وثق فيها مبارك فأسقطته، وتحالفت مع مرسي فباعته؟

لم يسألك أحد عن برنامجك لأنك ببساطة لا تقابل إلا من يأتيك منافقًا مفتونًا، ولأنك لم تظهر في لقاء انتخابي، أو تكلم المصريين دون حواجز فتعرف ما يريدونه، ولأن من يطرحون مثل هذه الأسئلة لا يظهرون في الفضائيات بأوامر عليا.

لم يكن منطقيًّا أن نطلب منك برنامجًا انتخابيًّا وأنت في موقعك وزير للدفاع فتترك واجبك ومهام عملك وتتفرغ لكتابة برنامج، لكن الطبيعي أن تترك منصبك ثم تمارس السياسة لفترة، ثم تقرر الترشح للرئاسة فتطرح برنامجًا يدرسه الناس ويقرروا بعدها إذا كنت جديرًا بالمنصب أم لا.

كل ما حدث لم يكن منطقيًّا، فلماذا تريد للنهاية أن تكون منطقية؟".

واختتم تامر مقاله بقوله: "لن يكون للمشير السيسي دور بدءًا من اليوم الثالث للانتخابات، وحتى إعلان النتيجة، فكل ما هو آتٍ سيقوم به جهابذة الإعلام وأذرع الدولة العميقة وفلول مبارك وحزبه لأنهم يخوضون فعلاً معركتهم الأخيرة، وإذا خسروها فلن يكون لهم مقام ها هنا.

سيسترجعون كل ماضيهم الأسود في الحشد والتأثير وربما التزوير، ربما يتمكنون من تحسين الصورة، وربما يورطون مرشحهم أكثر، يريدون أن يثبتوا للرجل أنه لم يخطئ حين ألقى بثقله عليهم ولأجلهم لم يذكر مبارك، ولا حزبه بكلمة سوء على مدى عدة لقاءات أجراها، لكن أيًّا كانت النتيجة والنسبة فالحقيقة التي لا مفر منها أن الثورة حققت نصرًا مهمًّا في مواجهة دولة مبارك ومرشحها، حتى وإن كان نصرًا متنكرًا في زي انسحاب".