مقالات مختارة

الثروات النفطية لدول مجلس التعاون

1300x600
كتب جاسم حسين: لا توجد مفاجآت في أحدث تقرير حول الإحصاءات المتعلقة بالمصادر الرئيسية للطاقة ومصدره شركة بريتيش بتروليوم والذي يعد مرجعا في هذا الصدد. من جملة الأمور، يؤكد التقرير تربع السعودية على عرش الدول المصدرة المنتجة وبالتالي نجاحها في إزاحة روسيا عن هذا المنصب. فحسب التقرير، بلغ متوسط الإنتاج النفطي السعودي11.5 مليون برميل في العام 2013. بكل تأكيد السعودية كانت وما زالت أكبر مصدر للنفط الخام لكن جديد الأمر عبارة عن حصولها المرتبة الأولى في مجال الإنتاج النفطي.

وفي كل الأحوال، أكبر ثلاث دول منتجة للنفط الخام هي السعودية وروسيا والولايات المتحدة والتي بدورها تستحوذ على 13.1 في المائة و12 في المائة و10.8 بالمائة من الإنتاج النفطي على التوالي. 

وبصورة أوسع، أنتجت دول مجلس التعاون الخليجي فيما بينها 24 بالمائة وبالتالي ربع الإنتاج العالمي للنفط الخام في 2013، ما يعد أمرا غير مميز في كل حال من الأحوال. وزيادة على ذلك، يعتقد بأن لدى السعودية قدرة على تعزيز إنتاجها النفطي متى تطلب الأمر. وقد تجلت قدرة السعودية في تعويض أسواق النفط العالمية وذلك بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية خلال فترات تبعثر الصادرات النفطية لكل من ليبيا وسورية فضلا عن تداعيات المقاطعة الغربية للنفط الإيراني.

حقيقة القول، لدى دول مجلس التعاون الخليجي الرغبة والقدرة والإمكانات المالية لاستثمار أموال ضخمة لتعزيز الإنتاج النفطي الأمر الذي يعد حيويا في ظل تنامي النمو الاقتصادي العالمي وعليه الحاجة للنفط والمشتقات النفطية خصوصا في كبريات الاقتصادات العالمية مثل الولايات المتحدة والصين والهند. تكفي الإشارة إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تسيطر على 36 بالمائة من الثروات السيادية على مستوى العالم وعليه لديها القدرة على تعزيز مستوى الإنتاج النفطي. 

وفيما يخص الاحتياطي، فخلافا لما هو مشهور، تعتبر فنزويلا وليست السعودية صاحبة أكبر مخزون للنفط الخام. تمتلك فنزويلا 17.7 بالمائة من المخزون العالمي مقابل 15.8 بالمائة للسعودية. بيد أنه تتأخر فنزويلا بالنسبة للإنتاج النفطي عبر إنتاج 2.6 مليون برميل في اليوم أي 3.3 بالمائة من الإنتاج العالمي مقارنة بأكثر من 11 مليون برميل بالنسبة للسعودية. الشيء المؤكد عبارة عن وجود كميات ضخمة من الاحتياطي النفطي لا تستدعي الحاجة لكشف المزيد منه في بواطن الأرض.

كما تتمتع الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي باحتياطيات ضخمة من النفط الخام وتحديدا 6 بالمائة و5.8 بالمائة و1.5 بالمائة و0.3 بالمائة لكل من الكويت والإمارات وقطر وعمان على التوالي. في المجموع، تسيطر المنظومة الخليجية على نحو 30 بالمائة من الاحتياطي العالمي من النفط الخام الأمر الذي يضيف للأهمية النسبية العالمية للقطاع النفطي الخليجي. وبشكل أكثر دقة، لدى دول مجلس التعاون الخليجي احتياطي قدره 500 مليار برميل مشكلا 41 بالمائة من احتياطي منظمة أوبك والتي تضم كبريات الدول المنتجة للنقط مثل إيران وفنزويلا وليبيا. ثم هناك موضوع الغاز الطبيعي حيث تمتلك قطر احتياطي قدره 25 مليار متر مكعب من الاحتياطي ما يعني حلولها في المرتبة الثالثة على مستوى العالم ما يعد مكسبا إضافيا للمنظومة الخليجية. فحسب التقرير موضع البحث تأتي إيران في المرتبة الأولى من حيث احتياطي الغاز بنسبة 18.2 بالمائة وتليها روسيا
بنسبة 16.8 بالمائة ومن ثم قطر بنحو 13.3 بالمائة. 

لكن تتميز قطر في أحد الجوانب المهمة في قطاع الغاز وتحديدا الغاز الطبيعي المسال والذي بدوره يشكل 31 بالمائة من تجارة الغاز.

حقيقة القول، تعتبر قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم بلا منازع حيث تسيطر على 32 بالمائة من المجموع. تضم قائمة الدول المستورد للغاز الطبيعي المسال من قطر كل اليابان وكوريا الجنوبية والهند وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة فضلا عن دول أخرى. 

بالعودة للوراء، تعتبر اليابان أول دولة تبرم اتفاقيات لتوريد الغاز الطبيعي المسال من قطر وتحديدا شركة جوبو إليكتريك باور كومبني في العام 1992. وفعلا ذهبت أول شحنة من المنتج إلى الشركة اليابانية في 1997 وهي الشحنة التي دشنت دخول الاقتصاد القطري مرحلة جديدة من النمو والتطور.

ويؤكد تقرير شركة بريتيش بتروليوم بأن قطر كانت المصدر الأهم للنمو الذي حصل للغاز الطبيعي المسال في 2013. يشار إلى أن الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر تبلغ في الوقت الحاضر 77 مليون طن سنويا. وبمقدور قطر تعزيز مستوى الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في حال سمحت قوانين العرض والطلب بذلك.

ومن الأمور غير المشهورة تمتع السعودية باحتياطي ضخم نسبيا من الغاز الطبيعي أي بنحو 4.4 بالمائة من الاحتياطي العالمي الأمر الذي يعزز من موقع المملكة في مجال القطاع النفطي برمته كونها أكبر منتجة ومصدر للنفط الخام وحلولها في المرتبة الثانية من حيث احتياطي النفط.
لا شك تعتبر وقود السيارات والديزل وغيرها من المشتقات النفطية حيوية لديمومة الاقتصاد العالمي بل من الصعوبة بمكان إيجاد البدائل. وبما لا توجد حاجة أصلا للبدائل في ضوء توافر احتياطي ضخم من النفط الخام يمكن أن يستمر حتى 200 سنة بحسب أحد القراءات استنادا للمستوى الحالي من الإنتاج العالمي، مع التأكيد بأن الإشارة هنا إلى احتياطي المنظومة الخليجية. 

وعليه يمكن اعتبار الحديث عن النفط الصخري كبديل أو منافس أمر غير واقعي مع الأخذ بعين الاعتبار الكلفة المرتفعة نسبيا لإنتاج برميل من النفط الصخري قياسا بالإنتاج التقليدي خصوصا لدول مجلس التعاون. بل يتطلب الأمر أسعار مرتفعة للنفط لضمان لإنتاج كميات تجارية من النفط الصخري الأمر الذي لا يخدم مصالح بعض الأطراف خصوصا الدول المستوردة.

(بوابة الشرق القطرية)