صحافة دولية

"نيو ريببليك": هل اشترت إسرائيل النفط الكردي؟

نضج في العلاقة الكردية – الإسرائيلية أمنيا واقتصاديا - أرشيفية
ترى مجلة "نيوريببليك" الأمريكية المحافظة أن مستقبل دولة مستقلة في إقليم كردستان يعتمد وبشكل كبير على عامل واحد وهو "سوق مستقر لتصدير للنفط".
 
وأشارت المجلة إلى أثر القرار الذي اتخذته حكومة بغداد في آذار/ مارس الماضي، عندما اقتطعت من ميزانية حكومة إقليم كردستان، وهو ما وضع اقتصاد الإقليم في حالة من الاضطراب.

وهذا يفسر الجدل حول شحنة النفط الكردي التي وصلت لميناء سيهان التركي، والحديث عن شراء إسرائيل لها.

وكانت أول ناقلة للنفط الكردي رست قرابة السواحل المغربية قبل إسبوعين، حيث قامت "أس سي أف 6" أفرغت حمولتها في ميناء أشكلون، جنوب إسرائيل، حيث وصلت فاتورة الشحنة بعد عدة أيام لحسابات في "خلق بنك".

وتقول المجلة إن رد الفعل من بغداد كان متوقعا، حيث اعتبر نائب وزير الطاقة حسين الشهرستاني بيع الصفقة مؤامرة.

وبدورهم نفى الأكراد بيع نفط لإسرائيل "مباشرة أو بطريقة غير مباشرة".

ومن جهتها، التزمت إسرائيل الصمت، -وفق المجلة- حيث قالت إنها لا تقوم بالتعليق على تقارير حول بيع نفط من مصافي خاصة.

ولا يزال المتعهد الذي باع الصفقة لإسرائيل مجهولا خشية تعرضه لإجراءات انتقامية من بغداد.

وتقول المجلة إن القصة كما أوردتها وكالات الأنباء تركت عددا من الأسئلة دون إجابات "هل اشترت إسرائيل النفط فعلا؟ وهل كانت كردستان تعرف أن الجهة التي اشترته هي إسرائيل؟ وماذا تعني الصفقة للعلاقات الكردية – الإسرائيلية؟ وهل ستعقد علاقات إسرائيل مع أمريكا؟".

وترى المجلة أن قراءة التفاصيل تكشف عن المنافع الاستراتيجية لكل من حكومة إقليم كردستان وإسرائيل، والسياسة الإسرائيلية التي تتناقض مع السياسة الأمريكية المعلنة في العراق.

وتقول المجلة إن نفي كردستان البيع مباشرة أو بطريقة غير مباشرة لإسرائيل جاء لسبب واضح، وهو أن السياسة الخارجية هي من مهام الحكومة العراقية، التي لا تقيم علاقات دبلوماسية أو اقتصادية مع إسرائيل، وعليه فالتلاعب بهذه السياسة تكون "حارقة للاكراد"، و"لهذا فحكومة إقليم كردستان تحتاح للإنكار والاعتماد على سمسار مستقل يظل استراتيجية مقنعة"، وفق المجلة.

وبحسب تقرير المجلة، أكد الأكراد أنهم باعوا النفط لجهة ذات سمعة جيدة وموثوقة، ولموزعين يبيعون لجهات ليست لا تعرفها أو تسيطر عليها حكومة إربيل.

وتضيف إن محاولة كردستان من البيع هو تقديم عينة من إنتاجها كي تكون مقدمة لصفقات مربحة.

ومن الجانب الآخر، تقول الصحيفة إن "الصورة غير واضحة، لكن رسو الناقلة في ميناء عسقلان جاء لأن هذا الميناء هو ثانوي، يتم فيه تخزين النفط وفيه مخازن لهذا الغرض.. وفي حالة استوردت إسرائيل النفط الكردي وخزنته في هذا الميناء فهناك تفسيران، الأول وهو أن الشركات الإسرائيلية اشترته وبموافقة من الحكومة لأن أسعاره معقولة، وفي الوقت الحالي تستورد إسرائيل 250.000 برميل من أذربيجان وروسيا وجهات غير معلومة".

وأضافت المجلة سببا آخر وهو "لأن النفط الكردي وصل وبأسعار مخفضة، فالهدف من تخزينه هو استخدامه لاحقا للإستهلاك المحلي".

وتقول إن النفط الكردي قد يصبح مصدرا موثوقا فيه، ما يعطي إسرائيل قوة للتفاوض في صفقاتها المستقبلية في حالة استمرت علاقة الأكراد بالتفكك مع بغداد، أو استمر العنف، ما قد يدفع كردستان كي تستعيض عن ميناء البصرة بخط  إسرائيلي يمتد من عسقلان إلى أم الرشراش (إيلات)، ومنه إلى السوق الأسيوي.

وقالت المجلة أن السبب المحتمل الآخر "فيشير إلى أن حكومة إقليم كردستان قررت تخزين النفط في إسرائيل لعدم توفر المشتري له، والمال الذي تم تحويله للبنك التركي يعني أن إسرائيل ربما أقرضت كردستان المبلغ، أو لأن إسرائيل تحملت  مسؤولية تخزينه نيابة عن كردستان".

وترى المجلة أن كلا التفسيران يوضحان الكيفية التي نضجت فيها العلاقة الكردية – الإسرائيلية،  على الأقل منذ سنوات الستينات من القرن الماضي، حيث وفرت إسرائيل للأكراد الدعم الأمني والتدريب للمقاتلين الأكراد، على حد قولها.

وكل الإشارات تقول -بحسب المجلة- إن التعاون الأمني لا يزال مستمرا حتى هذا اليوم، "وشراء كميات من النفط يعني تقوية العلاقات الإقتصادية، وكذلك منح شريان الحياة للاقتصاد الكردي". 

وتعتبر المجلة أن سياسة إسرائيل تجاه الأكراد تضعها في تناقض وصراع مع الولايات المتحدة الراغبة بالحفاظ على وحدة العراق.

ولكن إسرائيل لم تتردد -على حد قول المجلة- من إظهار خلافها مع واشنطن، كما في الملف النووي الإيراني، ولم يتردد القادة الإسرائيليون أيضا بالإفصاح عن خلافاتهم مع أمريكا حول العراق، في إشارة لدعوات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدعم الأكراد.