سياسة عربية

انتهاء شهر العسل بين داعش وأهل الموصل بالعراق

(أرشيفية)
لم يكن فراس ذو الثلاثين عاما يتوقع أن يسجل في تاريخ حياته هجرتين متتاليتين من مدينته  الموصل، خلال أقل من شهرين، فراس ترك بيته أول مرة هو وزوجته وأطفاله الثلاثة الصغار، في ليلة يصفها أهل الموصل بأنها أشبه بمشهد "فيلم سينمائي" بعد انسحاب الجيش العراقي من المدينة في العاشر من حزيران الماضي.

لكن فراس ومعه الكثير من سكان الموصل النازحين في تلك الليلة عادوا بعد أيام إلى المدينة ريثما سمعوا أن مسلحي داعش أو ما كان يطلق عليهم سكان المدينة بـ "الثوار"، قد أبدوا تعاملا حسنا مع الناس مبدين لهم عدم رغبتهم في السيطرة على مقاليد الحكم وعدم التدخل في خصوصيات المواطنين.

قال فراس الذي تحدث لـ"عربي 21": "عدتُ إلى الموصل بعد أن نزحت عنها يومين فقط ، تركت المدينة خوفا من القصف الذي يمكن أن نتعرض له بالإضافة إلى ما كنا نسمع عن تنظيم داعش، وما يقومون به أثناء حكمهم للمدن".

وأضاف: "لكن بعد أن سمعنا الأخبار الجيدة عنهم وقيامهم بفتح الكثير من الطرق التي كان قد أغلقها الجيش، بالإضافة إلى تعاملهم الحسن مع الناس قررت العودة إلى الموصل" .

وأكد أن تنظيم داعش عندما أحكم السيطرة في البداية على الموصل، طمأن الناس على حياتهم ووعدهم بتأمين الخدمات والرواتب، مؤكدا لهم عدم تدخله في تفاصيل حياتهم.

واستدرك فراس قائلا: "لكن بعد أقل من شهرين من عودتي إلى الموصل فكرت بالنزوح عنها بعد أن عجز التنظيم عن توفير أدنى متطلبات الحياة، بالإضافة إلى سلسلة من الإجراءات والأوامر التي يعممها التنظيم بين يوم وآخر"، حسب وصفه .

من جانبها أشارت فاطمة  زوجة فراس، التي تبلغ من العمر 25 عاما، إلى أن من أسباب نزوحهم الجديد من الموصل ما فرضه تنظيم داعش من أوامر بخصوص الحجاب الشرعي، حيث قالت إن "أغلب نساء المدينة يرتدين الحجاب، ولكن أن نُجبر على ارتداء حجاب يتضمن النقاب فهذا ما لم نتعود عليه" .

وأشارت فاطمة إلى تخوفها وكثير من نساء الموصل مما يحدث على الأرض أو مما تتناقله  وسائل الإعلام بخصوص ختان الإناث أو عن اقتصار التعليم للفتيات إلى سن الحادية عشر عاما ، لكنها تؤكد أن أيا من ذلك لم يتم تطبيقه على الأرض لحد اللحظة .

لكن فراس بين أن القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقة مع داعش هي التفجيرات التي طالت المساجد في الموصل، حيث فجر مسلحو داعش لحد اللحظة أكثر من 10 مساجد داخل الموصل بزعم وجود أضرحة " شركية " فيها حسب وصف التنظيم ، ومن أهم تلك المساجد هو مسجد النبي يونس والنبي شيت وجرجيس ودانيال ، وكان آخر تلك المساجد التي استهدفها داعش هو مسجد " قضيب البان".

وتعتبر هذه المساجد من أهم المعالم الدينية والتراثية في الموصل، حتى إن سكان المدينة يؤكدون أن مدينتهم تسمى بـ مدينة الأنبياء لكثرة وجود أضرحتهم فيها، إلا أنهم يقولون أنها ما عادت كذلك بعد تفجير داعش لأضرحة الأنبياء ومساجدهم .

وأكد عدد من سكان الموصل لـ "عربي 21"، أن مسلحي داعش كانوا ينوون تفجير جامع النوري الكبير الذي خطب فيه البغدادي لوجود قبر فيه ، لكن اعتراض السكان القريبين من الجامع في اللحظات الأخيرة حال دون ذلك .

ويعتبر جامع النوري الكبير ومنارته الحدباء من الأماكن الأثرية التي سجلت ضمن التراث العالمي عند اليونسكو .

من جانبه أكد محافظ نينوى أثيل النجيفي  تشكيل كتائب سماها بـ "كتائب الموصل" قال إنها أنشئت منذ الأيام الأولى لدخول داعش إلى المدينة ، لكنها أجلت قتالها لداعش لاعتبارات عدة.

 وقال النجيفي إن تلك الكتائب ستقوم بعمليات ثأرا للأنبياء، مؤكدا التحاق ضباط الجيش العراقي السابق بها، لكنه نفى أن تكون لها علاقة بالفصائل المسلحة المعروفة .