ملفات وتقارير

الشرطة.. كتبت نهاية نظام مبارك ولطخت بداية السيسي

عناصر من الشرطة المصرية يمارسون القمع ضد المصريين - أرشيفية
طوال عقود مضت والشرطة المصرية بشقيها الأمني والجنائي ذات صيت سيئ مرهوب، ولم تدرك في يوم من الأيام أنها شرطة القانون والدستور والشعب، وظلت تتصرف وكأن كل المصريين متهمون حتى تثبت براءتهم.

رغم عشرات السنين من التاريخ البغيض للشرطة لم توجه انتقادات لها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية مثلما حدث في عهد الوزير الحالي اللواء محمد إبراهيم، كما جاء في تقرير "هيومن رايتس ووتش" عن فض اعتصامي رابعة والنهضة.

وفي عهده أيضا، أدانت عشرات المنظمات الإنسانية والحقوقية طريقة الشرطة في فض المعتصمين، ومطاردة المتظاهرين بالرصاص الحي، بل وحرقهم كما حدث في مجزرة سيارة ترحيلات أبو زعبل التي راح ضحيتها العشرات حرقا وبرأت المحكمة ساحة الضباط  مرتكبي الحادث، ويأتي حكم البراءة متسقا مع وعود بعدم محاكمة أي ضابط شرطة أو فرد أمن في الأحداث التي اندلعت منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي وحتى الآن.

المتحدث باسم لجنة الدفاع عن الحريات بنقابة المحامين أسعد هيكل، وفي تصريح لـ "عربي 21" اعتبر أن "الشرطة أداة في أي نظام، ومازال أمامها الكثير من الوقت لتصبح أداة في خدمة القانون والدستور".

 الاستعانة بالبلطجية والمجرمين.. سمة الشرطة منذ العادلي

 وصلت ذروة التجاوزات لجهاز الشرطة في الأقسام ومراكز الاعتقالات في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك خاصة إبان تولى حبيب العادلي زمام وزارة الداخلية، والتي شهدت لأول مرة الاستعانة بالبلطجية، والسوابق "ذوي الخبرة الإجرامية" في مطاردة المتظاهرين وتفريقهم والإمساك بهم وتعذيبهم نيابة عن الداخلية.

الناشطة الحقوقية، والكاتبة الصحفية شاهندة مقلد وصفت حقبة العادلي بالكارثية وقالت لـ "عربي 21": "كان يزج بالناس في السجون بتهم غير حقيقية، ولفترات غير محددة، وفي أماكن غير معلومة، وكانت هناك تجاوزات كبيرة بحق المعتقلين".

الإضراب في السجون لغة التواصل مع العالم الخارجي

مركز هشام مبارك للقانون  كشف لـ "عربي 21" عن تدشين العديد من النشطاء المعتقلين عبر صفحته على الفيسبوك للتواصل الاجتماعي حملة للإضراب عن الطعام حتى تحريرهم تحت شعار  #جبنا_آخرنا حملة دشنها المعتقلون للإضراب عن الطعام .

 واعتبر المركز أن تلك الحملة تأتي في إطار دفاع المعتقلين عن حقوقهم، وللتضامن مع عشرات المعتقلين الآخرين الذين بدأوا بالفعل معركة الأمعاء الخاوية مع النظام منذ شهور.

مقارنة بعهد مبارك، فالأعداد اليوم أكثر بكثير في المعتقلات والسجون بحسب الكثير من الحقوقيين والمعارضين، ويأتي على رأسهم قادة جماعة الإخوان المسلمين وآلاف المعتقلين منذ بدء المظاهرات التي عمت مصر عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة.

وفي الصف الآخر من المعارضة، يأتي اعتقال العشرات، من بينهم ماهينور المصري و أحمد ماهر، والنشطاء علاء عبد الفتاح وأحمد دومة ومحمد عادل، وغيرهم ممن شاطروا النظام الحالي تحركاته ضد الرئيس محمد مرسي، ولكنهم خالفوه في بعض الأشياء.
 
حقوقيون يقرون بوجود تجاوزات داخل السجون

الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بدورها أكدت أن "استمرار المحاكمات غير العادلة، والاستمرار في الحبس الاحتياطي لفترات طويلة، من الطبيعي أن يؤدي لزيادة الاحتجاجات في صفوف المُعتقلين على ذِمة قضايا الرأي والضمير، وتتمثل مظاهر تلك الاحتجاجات في إعلان العديد من المُعتقلين إضرابهم عن الطعام".

عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان منال الطيبي أشارت في تصريح لـ "عربي 21"، إلى وجود انتهاكات بحق المعتقلين وأنهم يفحصون جميع الشكاوى التي ترد إليهم ويقومون بعمل لجان تقصي حقائق وتعرض في نهاية المطاف على وزارة الداخلية.

في فترة إدارة العادلي للداخلية تم تغيير شعار الشرطة الشهير "الشرطة في خدمة الشعب"، إلى شعار آخر وهو "الشرطة والشعب في خدمة الوطن"، وتحول الجميع لخدمة الوطن الذي يمثله الحاكم، وأصبحت مراكز الشرطة مرادفا لمراكز التعذيب.

شرطة مبارك كتبت النهاية لنظامه

يعتبر حادثا قتل وتعذيب الشاب السكندري خالد سعيد والشاب السلفي سيد بلال من قبل قوات الأمن الشرارة الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير.

ورغم أن الحالتين أثارتا موجات غضب عارمة في الشارع المصري، إلا أن جرائم أكثر بشاعة وقعت بحق آلاف المعارضين في ظل النظام الحالي لم يتحرك لها أحد؛ وذلك بسبب سياسة تكميم الأفواه والقمع الذي تمارسه الشرطة بحسب قول حسام مؤنس الناطق باسم التيار الشعبي. 
 
إرث جهاز الشرطة من التجاوزات والممتد منذ عقود أضيف إليه ولأول مرة أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين تحت مسمى حفظ الأمن وإن كان على حساب إزهاق الأرواح، بحسب الكثير من الحقوقيين.

وإذا كانت الشرطة قد أنهت نظام مبارك، فإنها اليوم بحسب كثيرين تلطخ بداية نظام السيسي، فهل ستكتب نهايته؟