اقتصاد عربي

اقتصاديون: البنية الاقتصادية لغزة دمرت بشكل ممنهج

الحايك خلال تفقده أحد المصانع المدمرة في غزة - عربي 21
يتضح السلوك العدواني الممنهج الذي انتهجه الاحتلال الإسرائيلي في حربه الأخيرة على قطاع غزة والذي اعتبره اقتصاديون أنه "الأخطر" من خلال النظر إلى أنقاض أحد المصانع الكبرى الحديثة المدمرة بشكل كامل، والذي كان من المفترض افتتاحه في رمضان الماضي، ولكن استهداف الاحتلال المنظومة الأساسية الاقتصادية للقطاع حال دون ذلك.

من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات الفلسطينية بغزة، علي الحايك، لـ"عربي21"، خلال جولته على بعض المصانع المدمرة أن العدوان الإسرائيلي "كان له أثر كبير على تدمير الاقتصاد، وتسريح آلاف العمال"، موضحا أن "حرب 2014، كانت الأخطر حتى الآن، حيث استهدفت كبرى المصانع الاقتصادية بشكل مبرمج".

وأضاف أن "عدد المنشآت الصناعية الكبرى المدمرة تقدر بـ570، ولا يوجد لها بديل في غزة".

وحسب ما صدر عن وزارة الاقتصاد الفلسطينية، تقدر خسائر القطاع الاقتصادي بمليار دولار ونصف، علما بأن الاحتلال دمر قرابة 1700 منشأة اقتصادية خلال حربي 2008 و 2012.

ورهن الحايك إعادة الإعمار بشكل كامل في غزة برفع الحصار وفتح جميع المعابر، وتوفير الدعم الكافي، مشددا أنه "لا يمكن الحديث عن الإعمار وهناك حصار، فغزة ما زالت تعيش تحت الحصار".

وتابع بأن "الاحتلال ما زال يمنع دخول كل مستلزمات ومواد البناء"، مطالبا المجتمع الدولي بالعمل على رفع الحصار وفتح المعابر.

كارثة إنسانية

وأوضح الحايك أن هناك أولويات كثيرة من أهمها "إعادة بناء ما دمره الاحتلال من مساكن لضمان عودة النازحين إلى بيوتهم، وبناء المصانع المدمرة، والتي تستوعب آلاف العمال"، مؤكدا "إننا في غزة نعيش كارثة إنسانية واقتصادية كبرى".

ومن المفترض أن يوفر المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة المزمع عقده في القاهرة، الأحد، 12 من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، كل ما يلزم من أموال وتسهيلات لضمان إعادة الاعمار، وكذلك عقد في وقت سابق مؤتمر شرم الشيخ لإعادة الإعمار، إلا أن المانحين لم يوفوا بالتزاماتهم المالية.

وحول التنسيق مع حكومة الوفاق الفسطينية، قال الحايك: "طالبنا بتشكيل هيئة عليا يشارك الجميع فيها من أجل ضمان نجاح إعادة الإعمار"، مستنكرا "تهميش" أهل غزة والقطاع الخاص من اللجنة التي تم تشكيلها.

واتهم الحايك حكومة الوفاق بـ"تضيع الوقت الذي كان من المفترض أن يتم فيه إنجاز نسبة كبيرة من إعادة إعمار آلاف البيوت المدمرة جزئيا، والشروع بترميم المصانع المدمرة جزئيا".

تهميش غزة


وفي سياق متصل، كشف مصدر مسؤول بوزارة الأشغال العامة في غزة، طالبا عدم ذكر اسمه، أن الحكومة الفلسطينية برئاسة رامي الحمد الله "قامت بإنشاء اللجنة العليا لإعادة الإعمار، والتي تضم 7 أعضاء كلهم من الضفة المحتلة ما عدا عضو واحد هو وزير الأشغال مفيد الحساينة من غزة"، مؤكدا أن حكومته تعمدت "تهميش غزة".

وكُلّف نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد، محمد مصطفى، برئاسة تلك اللجنة، التي قدرت تكلفة عملية إعادة الإعمار بـ 4 مليارات دولار أميركي.

ويعتبر "تنشيط الاقتصاد ودفعه نحو الإنتاجية"، هو من أولويات الحكومة الفلسطينية، وذلك وفق تصريح صحفي لوزير الاقتصاد، والذي أوضح أن الحكومة خصصت في برنامجها 1.2 مليون دولار من أجل عودة القطاعات الاقتصادية إلى العمل.

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي، الدكتور معين رجب، لـ"عربي21"، أن "الفلسطينيين عاشوا المعاناة قبل العدوان وبعده، لكن الأزمة الآن تضاعفت بشكل كبير، وليس في الأفق إجابات صريحة"، على تساؤلات المواطنين، مثل "متى سيتم البدء في إعادة الإعمار".

حالة ضبابية

وشكك رجب في نوايا الاحتلال الإسرائيلي قائلا: "لو كانت هناك نية صادقة له في الإعمار، فما الذي يمنعه من أن يسمح بدخول ما يلزم لإعادة الإعمار من المعابر التي يسيطر عليها"، والتي تسمح بوضعها الحالي من إدخال مستلزمات الإعمار، مستنكرا "عدم تطبيق الاتفاق بين الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية والاحتلال حتى الآن، والذي يقضي بتوسيع معبر كرم أبو سالم".

وأكد أن "تأجيل التنفيذ يدل على أن الأمور لا تزال في حالة ضبابية"، مطالبا السلطة والحكومة الفلسطينية "بالتصعيد"، والقيام بدورها، حتى تلقى المطالبات تجاوبا من خلال الضغط على الجانب الإسرائيلي.

وأضاف الخبير الاقتصادي: "نريد أن يتحول الجانب النظري إلى التطبيقي، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته"، موضحا أن "الأمر لا يحتمل التأجيل، والمشاكل تزداد".