صحافة دولية

الغارديان: صور سليماني تأكيد لحضور إيران في العراق

الغارديان: نشر صور نسليماني محاولة تأكيد للإيرانيين أن طهران حاضرة في العراق - عربي21
أكد سعيد كمالي، مراسل صحيفة "الغارديان" في طهران، أن الصور التي انتشرت لقائد فيلق القدس قاسم سليماني، تظهر جزءا من استراتيجية  إيران في العراق وسوريا.

ويرى كمالي أن الصور التي أظهرت سليماني البعيد عن الأضواء بالكوفية التي يضعها الحرس الثوري حول أعناقهم وشعره الأشيب، والتي التقطت بحرفية، تشير إلى دور إيران الذي لا يمكن الاستغناء عنه في العراق. وما ينشر للجنرال سليماني يختلف عن تلك الصور السابقة المتعجلة، والتي تعبر عن خبرة مصور هاو.

ويقول كمالي إن الصور تعبر عن تفاخر إيران بالدور الذي تقوم به القوات الخاصة في البلد الجار، الذي يعيش حالة من التوتر والاضطرابات. 

وتحدث يد الله جافاني، المستشار للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي "لم تسقط بغداد بسبب الوجود والدعم الذي قدمته الجمهورية الإسلامية"، في الوقت الذي بث فيه التلفزيون الرسمي الإيراني صورا للجنرال سليماني مع مجموعة من مقاتلي البيشمركة الأكراد، وفق الصحيفة.

ونقلت الصحيفة قول جافاني "بمساعدة الجمهورية الإسلامية والخبرة والمشورة فقد منع أهل العراق ممارسات (داعش)، وكان سليماني يعرض نفسه للشهادة". وأضاف "لن نسمح بالخطر الأمني بالاقتراب لحدودنا".

ويجد الكاتب أن سليماني والميليشيات العراقية التي يقودها لعبت دورا مهما في منع سقوط بغداد بيد المقاتلين التابعين لتنظيم الدولة المعروف بـ "داعش". لكن لا هو ولا أي من المسؤولين الإيرانيين وجهت لهم الدعوة لاجتماع في واشنطن دعا إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم، وحضره 20 مسؤولا عسكريا من دول غربية وعربية. ويهدف الاجتماع لرسم خطة عسكرية تهدف للتصدي لتنظيم "داعش" بعد فشل العمليات العسكرية.

ويلفت التقرير إلى أن الأزمة في العراق قد خلقت تحالفا مؤقتا بين العدوين اللدودين، أميركا وإيران، ولكن مواقفهما تختلف تجاه الوضع السوري، حيث تعتبر طهران الحليف الموالي لنظام بشار الأسد. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد أكد أهمية إظهار أنها "جزء من الحل وليس المشكلة"، مشيرا لدعمها للجماعات الإرهابية وبرنامجها النووي، وسجلها الفقير في مجال حقوق الإنسان.

ويعتقد كمالي أن صور الجنرال سليماني تقول كل القصة، فإيران تريد تحسين موقعها الدولي من جهة، وتطمين الشعب الإيراني، فالصور "هي محاولة تأكيد للإيرانيين أن طهران حاضرة في العراق، وأنها هناك للدفاع عن مصالحها"، كما تقول دينا اسفندياري من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، مضيفة أن الصور "هي نشاط علاقات عامة، وينشرونها لتطمين الإيرانيين القلقين من صعود تنظيم الدولة، ولإرسال رسالة مفادها أن إيران تقوم باتخاذ الخطوات اللازمة لحماية شعبها".

ويبين التقرير أن الجنرال سليماني والقوات التابعة له كانت نشطة في معارك ضد "داعش" حول محافظة ديالى، القريبة من الحدود العراقية مع إيران، كما شاركت في فك الحصار عن بلدة إيمرلي التركمانية في شمال العراق.

وتمضي الصحيفة بالقول إن إيران قلقة على سلامة المدن الشيعية في الجنوب مثل كربلاء والنجف، وكذلك سامراء والكاظمية، ولكن حمايتها لم تكن دون ثمن، فقد أظهرت الصور، التي نشرت في حزيران/ يونيو أن أول قتيل في المواجهات ضد "داعش" كان إيرانيا، وشهدت مناطق عدة من إيران تشييعا لقتلى في العراق.

وتقول الصحيفة إن إيران تحاول تغيير الصورة عن تلك التي سادت عندما انهار الجيش العراقي، وسيطر "داعش" على مدن كبيرة في شمال العراق، فبعد استبدال نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق، تسعى إيران لنشر انطباع أنها تسيطر على الأمور في العراق. 

وبحسب رضا فيسي، المحلل في راديو "فاردا" في براغ، "على خلاف السابق فقد قررت إيران التحدث علانية، وتأكيد دورها خاصة حضور فيلق القدس وسليماني نفسه في العراق ومشاركته في عمليات ضد (داعش)"، وفق "الغارديان".

وأضاف فيسي للصحيفة "في جلولاء - محافظة ديالى- قدمت إيران المدرعات وحتى أحضرت الجنود، الذين قاموا بإطلاق القذائف من المدرعات. وفي وقت لاحق ساهم المستشارون العسكريون في فك الحصار عن بلدة إيمرلي، وشارك سليماني في رسم الخطة لفك الحصار".

ويورد التقرير أنه في منطقة كردستان- شمال العراق اعترف المسؤولون الأكراد أن إيران كانت أول دولة تقدم الأسلحة، فيما زعم المسؤولون الإيرانيون أنهم منعوا سقوط إربيل، عاصمة الحكم الذاتي في كردستان.

ويكشف التقرير أن قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاج زاده ظهر على التلفزيون الوطني، وأكد وجود سليماني في منطقة كردستان وقال "لولا الدور الإيراني لسقطت كردستان في يد (داعش)". وفي منطقة ديالى كان الدور الإيراني واضحا؛ بسبب وجود قوات بدر، التي يقودها هادي العامري القريب من إيران.

ويتابع فيسي "تعمل إيران في المناطق التي تتحرك فيها قوات عراقية محلية، ولا تحتاج لإرسال قوات للعراق، ما دامت قادرة على التواصل مع الميليشيات الشيعية مثل قوات بدر".

ويشير فيسي إلى أنه بالرغم من كل هذا كان حضور سليماني ضروريا لحماية بغداد "صمم سليماني حلقة دفاعية حول بغداد، وهو دور مهم لإيران وغير معلن ضد (داعش)، إذ يهدد التنظيم بغداد من أربع جبهات، هناك خمس طرق مؤدية لبغداد، كلها غير آمنة باستثناء طريق الجنوب، والبقية هناك حضور لـ (داعش) فيها".

ويسيطر (داعش) على الفلوجة، التي تبعد 70 كلم عن العاصمة، والمنطقة الواقعة شمال سامراء التي تبعد 120 كلم عن بغداد.

ويذكر التقرير أن مسؤولين إيرانيين آخرين يؤكدون على الدور الذي لعبته إيران في مواجهة "داعش". فقد أخبر علي أكبر ولايتي، المستشار البارز لخامنئي وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلفان أثناء لقاء تم في طهران "ساعدنا سوريا والعراق لمكافحة الإرهاب". وقال رئيس البرلمان علي لاريجاني "لو لم تتدخل إيران في الموضوع العراقي لخرج  العراق عن السيطرة".
 
وترى اسفندياري أن طهران تتعامل مع العراق كموضوع أهم من سوريا "يعتبر العراق مهما لإيران، خاصة عندما يقارن مع سوريا، ولن تتردد إيران باتخاذ أفعال عسكرية، في حال شعرت أن هناك ضرورة. ولكنها ليست بحاجة في الوقت الحالي لأن الغارات الجوية التي يشنها الغرب تساعد إيران كذلك".

وتضيف اسفندياري أن "سوريا تظل تهديدا بعيدا، وبالتأكيد يظل العراق بالنسبة للسكان الإيرانيين أقرب إليهم، ولهذا تؤكد صور سليماني لهم أن الوضع في العراق تحت السيطرة".

وتستبعد اسنفدياري أي تعاون بين الولايات المتحدة وإيران "أعتقد أن الحديث عن تعاون أمر مبالغ فيه"، ولكن "هناك احتمال تنسيق تكتيكي، وقد يحدث الآن في هذه اللحظة". فلا يزال الشك قائما بين الطرفين، "فالإيرانيون، خاصة المتشددين وخامنئي لا يريدون التعاون مع الغرب في الوقت الحالي، كما أن الغرب ليس مهتما أيضا، ولن يحدث شيء طالما لم يتم التوصل لاتفاق حول الملف النووي".

ويجد كمالي أن خامنئي كان واضحا في معارضته للتحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش"، ويراه محاولة أميركية لتعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط. واتهم كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل بالوقوف وراء "داعش"، بهدف خلق نزاع بين السنة والشيعة.

وفي الأشهر الأخيرة حدثت مناوشات عدة بين القوات الإيرانية و"داعش". وأعلنت وزارة الاستخبارات الأسبوع الماضي عن إلقاء القبض على  130 شخصا، قالت إنهم مرتبطون بجماعات تكفيرية تتعاون مع "داعش"، بحسب التقرير.

ويختم كمالي تقريره بالإشارة إلى أنه وبالرغم من كل هذا، لا يعتقد فيسي أن "داعش" يمثل تهديدا على الأراضي الإيرانية، ولكنه يمثل تحديا لفكرة إيران عن "الهلال الشيعي" في الشرق الأوسط. ويقول "أهم موضوع بالنسبة لإيران هو عدم وجود ثغرة اتصالية أو جغرافية فيما يعرف بالهلال الشيعي الذي يمتد من إيران عبر العراق إلى سوريا ولبنان".