مقالات مختارة

الذكاء الاجتماعي ودوره في هداية الشعوب للصواب

1300x600
ينبغي أن يكون هناك معيار لركود الذكاء في السياسة. وعلى سبيل المثال، ينبغي قياس نسبة ذكاء من يتشدقون بانتقادات تستهدف "رجب طيب أردوغان" بدعوى أنهم يهدفون لحماية عملية السلام والديموقراطية والحريات.

وكأن تركيا كان بها قبل مجيء "رجب طيب أردوغان" بثاً باللغة الكردية على القناة الرسمية للدولة "TRT"، وحزباً يعتمد على الناخبين الأكراد في البرلمان.. وكأن تركيا قبل مجيئه أيضاً كانت قد شهدت مساعي لحل القضية الكردية من خلال الدخول في حوار مع قادة الأكراد في جبال قنديل و "عبدالله أوجلان" زعيم "بي كا كا - حزب العمال الكردستاني" المعتقل في جزيرة "إمرالي"، وإقناع المسلحين قاطني الجبال بترك أسلحتهم، والانخراط في الحياة المدنية مرة آخرى... وكأننا قبل مجيء "رجب طيب أردوغان" لم نكن نستسيغ إغلاق المحكمة الدستورية حزباً وكأنها تغلق صنبوراً.

يبدو أن نسبة  الذكاء الاجتماعي مرتفعة للغاية... حيث يرى غالبية الناخبين الذي يصدرون قرارهم النهائي في السياسية بشكل جيد من الصادق ومن الكاذب... ولعل المجتمع في تركيا على وعي بالنقاط التي وصلت إليها البنية التحتية والفوقية لمستوى المعيشة، كما يعي ما وصلت إليه الحريات من تقدم أيضاً... ولكن يمكننا القول إن حرية الاحتجاج والتعبير لمن يقومون بارتداء أقنعة سوداء، ويقذفون قنابل المولوتوف، تعد خارج الأجندة الحقيقة للمجتمع.
 
النضج المتأخر

وقد ذكر نائب الرئيس الإقليمي الياباني التابع للبنك الدولي"شيديو كاتسيو" قبل بضع سنوات، أن تركيا تشهد مرحلة نضج متأخرة. وحينما علقَ على التطورات التي يشهدها الاقتصاد التركي قال أيضاً: "ينبغي علينا النظر إلى هذه الأحداث على المدى الطويل، وليس صحيحاً التفكير في حل المسألة في وقت قصير".

في الواقع، لم تنعكس التطورات البسيطة التي لا تقع في الاقتصاد فحسب، ولكن الموجودة في السياسة على تأخر النضج. 

إن تخلينا عن حق الحكومة في إدارة شؤون الاقتصاد، وعن أمور حماية العملة التركية وعن التصنيع الذي يعتمد على السياسة الوقائية، جعلنا نتخلف عن العالم الغربي الذي كنا تحت تبعيته لمدة 50 عاماً.

ولكن مؤخراً وصلنا إلى مرحلة القضاء على مبدأ التدخل العسكري في السياسة، والوصاية وهيمنة حكم القلة البيروقراطية. والآن ألم يوجد من يحاولون تحويل السياسة الديموقراطية في مسار "إما أن تحب أو تترك" بدلاً من مسار سباق توفير الخدمات لهذا الشعب؟

يكفى لهذا الحد
وأقولها بكل صراحة، ألم ينزعج هؤلاء حتى الآن من تأخر النضج؟

ألم يكن من الواجب وجود معلومات لديهم حول الأراضي التي نعيش عليها، وحول بيزنطة في المكونات الوراثية الاجتماعية، وحول عصر السلاجقة والعثمانيين وفترة الجمهورية التي قاربت بلوغ المائة عام على تأسيسها؟ وقبل الدخول في الصراع السياسي في القرن الـ 21، ألم يدرك هؤلاء مدى الصراع الذي دار بين "الزرق والخضر" في بيزنطة، ألم يرَ هؤلاء حركات عصيان الجلالي (اسم أطلق على جميع حركات العصيان التي نشأت بسبب فساد الهيكل الاجتماعي والاقتصادي في الأناضول خلال فترة حكم العثمانيين في القرنين الـ 16 - 17) في حرية تعبيرها، ألم يتعلموا الدرس من كل الأحداث التي جرت في الآونة الأخيرة؟

وفي ثلاثينيات القرن الماضي، خرجت علينا ألمانيا وإيطاليا بنظام سياسي جديد تحت مسمى "الفاشية"، لإبراز نفسها كدول قائمة على الحضارات المعاصرة. ومؤخراً بدأنا تطهير هيكلنا السياسي من العناصر المشتركة مع النظم الموجودة حينذاك في تلك الدول. ولكن لا يزال هناك بقايا لتلك النظم في هيكلنا الدستوري.

ألم يكن من الأفضل بحث "طيب أردوغان" عن حلول دستورية جديدة تتلاءم مع السياسة الديموقراطية التحررية؟.

(صباح - 24-10-2014)