مقالات مختارة

الصفقة الكبرى بين أميركا وإيران

1300x600
كتب عبد الله الشايجي: هل دخلت منطقة الشرق الأوسط أجواء الصفقة الكبرى بين واشنطن وطهران؟! وهل التردد بضرب «داعش» بقوة، والتعامل مع إيران وحلفائها بنعومة ولين كما يتهم صقور الحزب «الجمهوري» إدارة الرئيس أوباما يحضر لصفقة كبرى تشمل اتفاقا نهائيا حول برنامج إيران النووي والتعاون لمواجهة الإرهاب والجماعات المسلحة وعلى رأسها «داعش»؟! ولو كان ذلك على حساب حلفاء واشنطن العرب وخاصة إسرائيل التي تردت العلاقة بين واشنطن وتل أبيب لمستويات غير مسبوقة؟!

واضح أن الجمهوريين المنتشين والذين اكتسبوا المزيد من القوة والعضلات بانتصارهم الكاسح في انتخابات التجديد النصفي وسيطرتهم على الكونجرس القادم بمجلسيه النواب والشيوخ بدأوا يستعرضون عضلاتهم ويهددون أوباما حتى بالعزل إذا ما تجرأ وتجاوز الخطوط الحمراء!

ويبدو أن «الجمهوريين» سيسيطرون ويرأسون جميع اللجان وخاصة المهمة وعلى رأسها الشؤون العسكرية والخارجية والاستخبارات بيد خصوم أوباما، وهذا بديهي كون مجلسي الشيوخ والنواب الجديد سيكون أكثر قوة وتحدياً وخاصة ضد إيران وروسيا و«القاعدة» و«داعش» وأكثر قرباً ودعماً لإسرائيل، أي سيكون الكونجرس منهمكاً في الشأن الخارجي حول الحرب على الإرهاب و«داعش» والاتفاق النووي مع إيران والعلاقة مع روسيا وغيرها من القضايا الأخرى.

وواضح أن «الجمهوريين» المنتشين بالنصر الكبير سيحولون حياة أوباما لجحيم خلال العامين المتبقيين من إدارته الثانية والأخيرة، ويحبطون محاولاته لتكون السنتان القادمتان سنتين عجافا. وهكذا أصبح أوباما كما يطلق عليه في المصطلح السياسي الأميركي «بطة عرجاء».

ولكن ما أثار غضب القيادات الحزبية «الجمهورية»، وأقلق الإعلام «المحافظ» بعد يومين من الهزيمة التي تعرض لها أوباما وحزبه هو ما نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، اليمينية النافذة من إرسال أوباما رسالة سرية لمرشد الثورة في إيران آية الله خامنئي وهي الرابعة منذ عام 2009، يطلب فيها من خامنئي التعاون حول المصالح المشتركة بمواجهة المتمردين الإرهابيين (داعش) وثانياً حث آية الله خامنئي على التوصل لاتفاق نهائي حول برنامج إيران النووي. حيث من المفترض أن يكون وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قد بدأ جولة محادثات حاسمة ومهمة مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في العاصمة العُمانية مسقط.

هذا التقارب والغزل الأميركي-الإيراني، وخاصة من إدارة أوباما المترددة والضعيفة تجاه إيران العدو-الحليف يثير الكثير من الاستغراب، ويستفز ويقلق حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط. وكذلك انبرى «صقور» وقيادات الحزب «الجمهوري» برفض واستنكار الرسالة السرية والتقارب مع طهران وإشراكها في محاربة الإرهاب، وخاصة من رئيس مجلس النواب «جون بينر» ومن السيناتور النافذ جون ماكين، الذي اتهم الإدارة بالانخرط في عمل مشين وتهميش حلفائنا السُنة!

واضح أن إدارة أوباما وربما أوباما شخصياً يرى في إيران دولة محورية مركزية إقليمية قوية يمكن أن تحقق شيئين: المساعدة في مواجهة الجماعات الإرهابية السُنية المتطرفة -والتي تطلق عليهم إيران وحلفائها «التكفيريين»- والتوصل لاتفاق نهائي بحلول 24 نوفمبر الجاري يخدم الطرفين الأميركي والإيراني.

وواضح أيضاً أن الانتصار الكبير لـ«الجمهوريين» -بعد النتائج الكارثية لإدارة أوباما وحزبه في انتخابات التجديد النصفي التي جرت في الرابع من نوفمبر الجاري، والتي كانت أسوأ بكثير مما توقعه حتى أكثر المتشائمين في الحزب «الديمقراطي»- زاد من صعوبة الوضع وصعب من خطوات التقارب الأميركي مع إيران، وحتى ربما تقديم تنازلات أميركية لطهران. والرسالة السرية تعبر عن ذلك. بات اليوم أوباما وإيران في وضع حرج وسيعملان على تسريع الخطى باتجاه تحقيق الصفقة الكبرى.. بمنح إيران المزيد من الحرية ورفع العلاقة معها لمستوى شراكة استراتيجية غير معلنة لتُوازن وتتصدى للتطرف والإرهاب السُني الذي كان السبب الرئيسي لصعوده حساباتُ واشنطن الخاطئة والمترددة. واستغلال إيران للخطاب والنهج والممارسات الطائفية التي أشعلتها وغذتها إيران انطلاقاً من العراق، ولاحقاً سوريا ولبنان، واليوم أضيفت اليمن! ثم تقدم إيران نفسها اليوم مع حلفائها كرأس حربة لمواجهة التطرف والجماعات السُنية الإرهابية! أخطر ما في التقارب الأميركي مع إيران حسب مسؤولين أميركيين هو طمأنة واشنطن لطهران عن طريق السيستاني والوسيط العراقي أن «العمليات العسكرية في سوريا والعراق لا تهدف لإضعاف إيران وحلفائها!» لأن هدفنا داعش وليس احتلال العراق أو إضعاف إيران وحلفائها!"، وهذا ما يستفز ويزعج حلفاء واشنطن العرب في الخليج والشرق الأوسط ويفسره الشارع السُني بأنه مؤامرة أميركية-إيرانية ضد السُنة!

(عن الاتحاد الإماراتية)