توقع مراقبون أن تشهد الساعات القليلة المقبلة أكبر موجة نزوح للمصريين العاملين في
ليبيا، وذلك بتاريخ العلاقات بين
مصر وليبيا، بعد أن طلبت قوات "
فجر ليبيا" من هؤلاء العاملين ترك البلاد في مهلة لا تتجاوز 48 ساعة، في الوقت الذي صرح فيه رئيس الوزراء المصري بأن حكومته أعدت العدة لاستقبال هؤلاء العائدين.
فقد ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن قوات "فجر ليبيا" طالبت الاثنين الرعايا المصريين في البلاد بالمغادرة خلال 48 ساعة، حفاظا على سلامتهم من أعمال انتقامية.
وأكد المكتب الإعلامى لعملية "فجر ليبيا"، فى بيان صحفي، أنه يوجه نداء "لكل إخواننا من
العمالة المصرية المتواجدة فى ليبيا، بضرورة مغادرة البلاد في زمن أقصاه 48 ساعة".
وأوضحت "فجر ليبيا" بحسب الوكالة أن هذه المناشدة تأتى حفاظا على سلامتهم من أي "أعمال انتقامية أو كيدية استخباراتية"، من شأنها زيادة تأجيج الوضع بين الشعبين الشقيقين"، على حد تعبيرها.
في المقابل طمأن مجلس شورى المجاهدين في درنة المصريين، وقال إنهم (العمالة المصرية) في حمايته وتحت رعايته، وأنه لا علاقة لهم بما يجري.
وتأكيدا للأجواء الانتقامية التي تعيش فيها الجالية المصرية، قال عدد من المصريين العاملين في العاصمة الليبية طرابلس، إن "الأهالي في طرابلس نصحونا بمغادرة ليبيا هذه الفترة، ونحن نعيش حالة من الخوف والفزع"، عقب إعلان تنظيم "داعش" قتل 21 مصريا، وشن الجيش المصرى غارات على مواقع للتنظيم".
وقال أحد العاملين المصريين في طرابلس بحسب صحيفة "الوطن": "عدنا اليوم من عملنا مبكرا، والأهالي هم من طلبوا منا ذلك خوفا على حياتنا، وخاصة أن المليشيات نشرت بوابات للتفتيش في أكثر من مكان، يتعرض فيها المصريون لمضايقات شديدة".
وأضاف "سمعنا أن
السيسي سيرسل لنا طائرات لتنقلنا من ليبيا خلال 4 أيام، ولا نريد تكرار ما حدث من قبل للمصريين، حين كانت هناك محاوله لترحيلهم إلى مصر عبر تونس، وأهينوا وضربوا من المليشيات، ولم يستطع كثير منهم المغادرة".
خطة مصرية للإجلاء
من جهته، أعلن رئيس الوزراء المصري إبراهيم
محلب، خلال لقائه إعلاميين مصريين الاثنين، "وجود خطة كاملة لإجلاء المصريين في ليبيا من خلال تشكيل خلية على الحدود مع تونس، وجسر جوي"، دون أن يقدم تفاصيل أكثر.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال في بيان الأحد: "إنه قرر منع سفر المواطنين المصريين إلى ليبيا، وذلك بعد إعلان تنظيم داعش بليبيا ذبح 21 مسيحيا مصريا كانوا قد اُختطفوا منذ فترة".
وأضاف السيسي في بيانه أنه خاطب كافة الجهات المعنية لتسهيل وتأمين عودة المصريين المتواجدين بالأراضي الليبية، والراغبين في العودة إلى مصر.
والأمر هكذا، أكد المتحدث باسم الخارجية المصرية، بدر عبد العاطي، أن السلطات المصرية تنسق حاليا مع الدول المجاورة إلى ليبيا لتسهيل عودة المواطنين المصريين الراغبين في العودة لمصر.
وقال في تصريحات الاثنين: "إن مجلس الوزراء يتولى التنسيق مع الوزارات الأخرى المعنية بهذا الأمر"، موضحا أن "وزارة الخارجية ستتخذ جميع المسارات الممكنة لعودة المصريين الراغبين في العودة لمصر"، على حد قوله.
من جانبها قررت وزارة القوى العاملة والهجرة المصرية إعادة فتح باب حصر العمالة العائدة من ليبيا، وذلك بدءا من يوم الاثنين، من خلال استمارة على الموقع الإلكتروني للوزارة، وفي مديريات القوى العاملة والهجرة بالمحافظات.
بدوره، طالب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حافظ أبوسعدة، الحكومة المصرية بإبرام اتفاقية مع السلطات الليبية لتوفير الحماية للعمالة المصرية هناك، والعمل على إعادة جميع المصريين المتواجدين هناك آمنين.
وأشار أبو سعدة في تصريح صحفي الاثنين إلى ضرورة تحرك الحكومة المصرية بأقصى ما يمكن لإنقاذ المصريين في ليبيا.
التضارب في الأرقام والإحصائيات
وحول أعداد المصريين العاملين في ليبيا، أقر رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اللواء أبوبكر الجندي، في مؤتمر عقده الاثنين، بأن الجهاز ليس لديه معلومات دقيقة عن عدد المصريين الموجودين في ليبيا حاليا لأن معظم المصريين هناك دخلوا بطرق غير شرعية، وبالتالي لا يمكن توثيق الأعداد، وفق قوله.
واستدرك بأن تقديره الشخصي غير المدعم بإحصائية من الجهاز يقول إن أعداد المصريين المتواجدين بليبيا خلال الفترة الحالية يتراوح بين 200 و250 ألف مصري، لا سيما بعد الأحداث السياسية الدامية التي طالت المصريين هناك، مقابل مليون شخص متوسط عدد المصريين بالأراضي الليبية قبل ثورة 25 يناير.
في سياق متصل، حمل مركز البيت العربي للبحوث والدرسات، السلطات المصرية مسؤولية مقتل العمال المصريين فى ليبيا، مشيرا إلى أن هناك أكثر من مليون ونصف المليون عامل هناك، لا تعرف عنهم السلطات شيئا.
وقال المركز في تقرير أصدره الأحد، تحت عنوان "أوضاع المصريين فى ليبيا.. الفقراء يدفعون الثمن": "إن عدد العائدين من ليبيا بعد اندلاع الثورة بلغ نحو 46379 ممن هم فى سن الثلاثين عاما أو أقل، و28885 عاملا ممن يزيدون على ثلاثين عاما".
وأضاف التقرير أن "ما تعرض له المصريون فى ليبيا من قتل واختطاف ليس له علاقة بكونهم أقباطا، ولكنه تعبير عما وصفه بتردي أوضاع العمال المصريين هناك، متابعا أن الصراع السياسي ألقى بظلاله على الأوضاع الاقتصادية والأمنية لمصر، وانعكس بشكل كبير على أحوال العمالة المصرية الموجودة في الدول الشقيقة".
وتابع التقرير أن تلك العمالة معظمها من محافظات تعاني الفقر الشديد، ويأتي على رأسها مدن سوهاج والمنيا والفيوم وأسيوط وبنى سويف، موضحا أن غالبية العمالة المصرية في ليبيا تنحصر في حرف البناء والزراعة والصيد.
وانتقد المركز ما وصفه بالتضارب فى الأرقام والإحصائيات، إذ خرجت تصريحات وزيرة القوى العاملة والهجرة ناهد العشري بعدم وجود حصر رسمي للعمالة المصرية بسبب تواجد أعداد كبيرة بطرق غير شرعية، وسرعان ما عادت وقدرت حجم العمالة الموجودة حاليا ما بين 800 إلى 900 ألف، فيما تشير إحصاءات غير رسمية إلى أن عدد العمال المصريين في ليبيا يتجاوز المليون ونصف المليون عامل.
وقال التقرير إن هناك تخوفا سياسيا من بقاء العمال المصريين في ليبيا، وهم عرضة للتأثير عليهم للانضمام إلى الأطراف المتنازعة، وحمل السلاح، والمشاركة في الحرب الدائرة هناك، مما سيكون له أثر بالغ على الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، إلى جانب ارتفاع وتيرة العنف في الداخل بعد العودة، وعدم توفر فرص العمل، الأمر الذي يزيد من تراجع الأوضاع الاقتصادية للبلاد، وعدم قدرتها على التنمية، وجذب الاستثمارات الخارجية، بحسب التقرير.