كتاب عربي 21

العاصفة حزم إلى أين؟

1300x600
أثارت العاصفة حزم، زوبعة من التكهنات والتساؤلات،  فيما إذا كانت عمليات التحالف العربي تهدف إلى قطع ذراع إيران في اليمن أم أنها لن تتعدى تقليم أظافر الحوثيين في المنطقة وإعادتهم إلى حجمهم الطبيعي؟

كما وتساءل البعض حول إمكانية أن تصل العاصفة حزم إلى العواصم العربية التي تتبجح إيران بتحكمها وسيطرتها عليها، حتى بلغت من الوقاحة والتحدي للحكومات العربية  المسلمة أن تعلن دمشق المحافظة  الخامسة والثلاثين لإيران، وتحول المسجد الأموي المعلم الإسلامي السني الأكثر أهمية
في دمشق إلى ساحة للطمياتها التي تهين زوجات الرسول وصحابته !

أما المؤيدون للتواجد الإيراني في المنطقة  فقد علت أصواتهم منددة بالعمليات الجوية ضد الحوثين معتبرين العاصفة حزم، تعديا سافرا على اليمن وسيادته، وقد تعدت لهجة التنديد لتصبح لغة تهديد ووعيد نقرؤها من تصريحات رئيس لجنة الأمن القومي في إيران علاء الدين برودرجي الذي قال: إن النار سترتد على السعودية لأن الحرب لن تنحصر في مكان واحد ! 

لا نعتقد بأن إيران ستغامر وتتجرأ على ضرب الأراضي السعودية، وذلك لأنها بذلك لا تتعدى على مصالح المملكة فحسب، وإنما وفي حال هددت منشآت نفطية تتعدى على مصالح عالمية وبالتالي تفتح عليها أبواب جهنم وفي نفس الوقت لا نعتقد بأن إيران ستجازف بدخول حرب، قد تجعل من حلمها النووي الذي تلهث وراءه حلما مستحيلا.

إذًا، فهل تنوي إيران تحريك شيعة السعودية وإشعال جبهة البحرين، في حرب بالوكالة، أم ستكتفي بانتهاك حرمة المسلمين في العراق وسوريا، والتنكيل بهم وبأعراضهم انتقاما لكرامتها التي تمرغت تحت أقدام التحالف الإسلامي؟ 

حقيقة، إننا لا نستبعد هذا إطلاقا، فإيران أبعد من أن تزج بقواتها الجوية في حرب ضد تحالف عربي إسلامي، مدعوم من القيادة الأميركية، ودول غربية فتستنزف بذلك قوتها وقد تسحب من قبضتها ثلاث عواصم عربية أخرى يسيل لعابها عليها وتشهد فيها مقاومة شعبية جبارة. 

المملكة السعودية والتي تقود عمليات التحالف العربي، أعلنت عدم نيتها التدخل بريا وأنها ستكتفي بالعمليات الجوية، فإلى أين يقودنا هذا التصريح إذا ما نظرنا إليه من خلال واقع الصراع في المنطقة؟  وهل يجيب عن جزء من التساؤلات المطروحة؟ 

إن إعلان قيادة العمليات العربية، نيتها الاكتفاء بالضربات الجوية، يفتح باب الأمل لدى إيران بأن العمليات لن تكون أكثر من تقليم أظافر لذراعها اليمني الذي لن يلبث طويلا حتى يعاود نموه وربما بقوة أكبر، نقول هذا لأن طبيعة الصراع في اليمن تعتمد بالدرجة الأولى على قتال الشوارع، وهذا تماما حال كافة التنظيمات الشيعية الإرهابية في المنطقة، انطلاقا من سوريا والعراق إلى اليمن اليوم. فها هي عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة مازالت تقصف، ومنذ التاسع عشر من أيلول من عام 2014، تنظيم الدولة في كل من العراق والشام، وإلى اليوم  مازال الصراع مستمرا ولم تحقق أي حسم على الأرض وإنما للأسف زاد من نزيف الدم السني بشكل خاص. 

وعلى هذا تغيرت المواقف الدولية في الآونة الأخيرة، وباتت تسعى إلى تدريب وتسليح المعارضة من أجل إنشاء قوات برية قادرة على المواجهة والحسم، وباتت فكرة التحالفات البرية تشهد قبولا على طاولة صناعة القرار. 

بكل تأكيد لا بد من الوقوف على الاختلاف بين الجغرافيا اليمنية الوعرة بطبيعتها وطبيعة المناطق التي يحتلها التنظيم، ولكن بالنتيجة وفي صراع من هذا النوع لا يمكن حسمه كليا عبر الجو، وإنما العاصفة حزم  يمكن تصنيفها على أنها استنزافية، أو دفاعية ضد المخاطر الجيوسياسية التي تعرضت لها دولة لها دورها المؤثر اقتصاديا وعربيا وإقليميا كالسعودية. 
العاصفة حزم التي لقت ترحيبا دوليا وعربيا وإسلاميا، سيكون لها دور كبير في تحجيم المد الإيراني

في اليمن، ولكن ماذا عن سوريا والعراق، ألم يحن الوقت لقطع اليد الإيرانية التي تعبث بالمنطقة وتعيث فيها فسادا. 

ما يدعونا للتفاؤل اليوم بتحلحل الأوضاع في سوريا والعراق، التصريحات الأخيرة للزعيم أردوغان المتزامنة مع العاصفة حزم، في مؤتمر صحفي والذي قال فيه إن إيران تحاول الهيمنة على الشرق الأوسط وأن جهودها بدأت تزعج تركيا والسعودية ودول الخليج العربية الأخرى. وبأنه لم يعد بالإمكان التسامح مع ذلك وأن طهران يجب أن تسحب أي قوات لها في اليمن، وأيضا في سوريا والعراق وأن تحترم سلامة أراضي تلك الدول. 

ونضيف إلى ذلك التعاون التركي –الباكستاني- السعودي الذي لمع في الفترات الأخيرة والذي نتوقع أن يتحرك لاجتثاث أي وجود إيراني في المنطقة، يشكل تهديدا كبيرا لمحاذاة تركيا وباكستان لإيران وسيطرة الأخيرة على الحدود العراقية مع السعودية وبالتالي يمكن عده تجاورا حدوديا بين السعودية وطهران. فهل نشهد تمدد العاصفة حزم إلى الأراضي الإيرانية، لتغير معادلة الصراع من حرب بالوكالة إلى صراع بقاء للشيعة داخل الأراضي الإيرانية؟ 
 
أم إنها لن تعدو أن تكون زوبعة في فنجان؟