ملفات وتقارير

دخول "المصالحات" حالة الموت السريري.. والنظام يحاصر دمشق

يعمل النظام على تشديد إجراءات تطويق العاصمة دمشق من جميع النواحي - أ ف ب
يبدو أن النظام السوري على أبواب خسارة جولة جديدة أمام المعارضة المسلحة في الغوطة الغربية، لن تكون نتائجها أقل سلبية عن خسائره السابقة التي حصد نتائجها منذ عام 2011، حين انتفضت مدن الغوطة بوجه نظام حكم آل الأسد.

وتتمثل الخسارة الجديدة بوصول ما يسمى "المصالحات" إلى مرحلة الانهيار شبه التام، عقب فشل النظام من خلال لجان المصالحة، التي أسسها قبل عام ونصف تقريبا لاحتواء المدن التي أحكم حصاره عليها، عقب إخفاقه من كسر شوكة المعارضة السورية عسكريا.

ويرى مراقبون أن النظام السوري لعب على عامل الوقت كثيرا بهدف ترويض مدن الغوطة الغربية الرافضة لنظام حكمه، إلا أن تلك المدن صمدت في وجه مشاريعه الاحتوائية، كما صمدت من قبل أمام مشاريعه العسكرية لاقتحامها والسيطرة عليها، فلم ينجح النظام السوري منذ نهاية عام 2013 وحتى يومنا هذا من دخول أي مدينة منها، رغم أنه حيدها عسكريا بشكل شبه كامل عن ساحات المعارك، إلا أنه لم ينجح في انتزاع قرارها الرافض لنظام حكمه.

ومن هنا، بدأ أجهزة النظام السوري الأمنية في مشروع جديد معاكس تماما للمشروع السابق، غابت عنه بشكل شبه كامل المفاوضات والحلول السياسية، وبدأت تظهر معالم التصعيد العسكري والأمني، والتي بدأتها تشكيلات النظام السوري أخيرا من مدينة الكسوة في الغوطة الغربية وحتى مدينتي داريا ومعضمية الشام المتاخمتين لمطار المزة العسكري والفرقة الرابعة، واللتين تعتبران البوابة الرسمية لدمشق من الجهة الغربية.

حيث باشرت القوات العسكرية السورية بتشكيل طوق أمني عالي المستوى حول مدينة الكسوة في الغوطة الغربية، من خلال العمل على زيادة التحصينات بشكل كبير حول العاصمة دمشق، وبدأ النظام بتأسيس حواجز عسكرية جديدة على تخوم مدينة "الكسوة"، وتعزيزات كبيرة لبقية الحواجز، والتمركز على الأبنية العالية، ووضع المتاريس على غالبية الأبنية السكنية في الشوارع الرئيسية، وصولا إلى مركز المناطق التي تقع بشكل كامل تحت سيطرته، ومناطق التماس مع المعارضة السورية.

كما بدأت الأجهزة الأمنية بحملات اعتقال كبيرة بحق نساء مدينة داريا النازحين عن المدينة، وكل من يصادفه من رجالها، منتقما، كما يقول السكان، من فشله السياسي مع قيادتها العسكرية التي رفضت على مدار أكثر من عام إبرام أي اتفاق تهدئه معه، وتزامنت حملات الاعتقال مع اشتباكات مسلحة تدور رحاها على أطراف المدينة، عقب بدأ قوات النظام السوري برفع سواتر ترابية على الجبهات الجنوبية الشرقية المحاذية لمناطق التماس في منطقته.

في حين أعلن زعيم المصالحة المسؤول عن ملف "معضمية الشام"، والتابع للنظام السوري "حسن الغندور"، عن تعليق الهدنة في المدينة، مهددا بعودة المعارك على أشدها في حال لم تستجيب المعارضة السورية لقرار النظام المتعلقة بتسليمهم كافة أسلحتهم، وإعادة المدينة بشكل كامل إلى "حضن الوطن"، وأنذرهم مدة 15 يوما مهلة تنتهي مع انتهاء شهر نيسان/ أبريل الحالي، حيث وضعت لجنة المصالحة التابعة للنظام شرطين أساسين لفك الحصار عن مدينة "معضمية الشام"، والشرطان هما "انسحاب المعارضة السورية من المدينة بشكل كامل وتسليمها للنظام السوري، أو إخراج كل من في المدينة من مدنيين إلى خارجها".

 وكلا الأمرين قرارهما أشبه بالمستحيل، حيث إن المعارضة لن تخرج من المدينة بعد تقديما 1500 شهيد دفاعا عنها، وإن إخراج الأهالي يعني اعتقالهم من قبل النظام السوري، والضغط على كتائب المعارضة في المعضمية بالنساء والأطفال، وهو أمر لن تقبله المعارضة بشتى الأحوال. 
 
هذا الأمر جعل النظام السوري يحكم حصاره للمدينة بشكل كلي وكامل، وصل إلى مرحلة منع حتى الموظفين في دوائره من الخروج من "معضمية الشام"، وكذلك منع طلاب وطالبات الجامعات من الخروج لجامعاتهم، بهدف الضغط على قرار المعارضة لتسليمه المدينة بشكل كامل.

على ما يبدو، فإن النظام السوري بات عاجزا عن استرجاع ما خسره خلال المعارك العسكرية بالمفاوضات العسكرية، ليبدأ بتحضير مقاتليه ومدافعه لحملة عسكرية جديدة ضد تلك المناطق، لتبقى نتائجها غير واضحة المعالم ليومنا هذا، إلا أنها بشتى الأحوال لن تكون أكثر إيجابية من الفترات السابقة على أقل تقدير.