يعيش اثنان من أكبر أحزاب السلطة بالجزائر، حالة صراع داخلي، وأزمة "زعامة" بداخل كل واحد منهما، يرى المراقبون أنها "مفتعلة" وتندرج ضمن "إعادة ترتيب مرتقبة داخل السلطة ذاتها".
وأكبر حزبين للسلطة بالجزائر هما: حزب "
جبهة التحرير الوطني" وهو الحزب الحاكم؛ وبالمرتبة الثانية، "
التجمع الوطني الديمقراطي"، المعروف بسيطرته على مفاصل الإدارة بالبلاد منذ أكثر من عقد من الزمن.
ويتزعم الحزب الحاكم بالجزائر، عمار سعداني، لكنه يواجه متاعب جمة، بسبب وجود معارضة داخل فصيله الحزبي تطالبه بالرحيل من أمانة الحزب، ويتزعم معارضيه الوزير الأسبق عبد الرحمن بلعياط.
أما "التجمع الوطني الديمقراطي"، فيتزعمه رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، وقد تشكلت قوة معارضة له داخل حزبه من نواب بالبرلمان طالبوا برحيله، وإسناد مهمة قيادة الحزب لوزير الدولة مدير ديوان الرئيس عبد العزيز
بوتفليقة وهو أحمد أويحي، الذي تولى رئاسة الحزب 14 عاما، ورحل عنه شهر كانون الثاني/ يناير 2013، إثر مطالب بتنحيته رفعها إطارات من حزبه.
لكن، حتى وإن كان منطق تزعم الحزبين، خاضعا لتنحية أو تعيين من قبل مناضلي الحزبين، فإن الجهة التي تفصل في من يكون رئيسا لأي من الحزبين هي السلطة.
ويحضّر مدير ديوان الرئيس بوتفليقة، أحمد أويحي، لتولي رئاسة التجمع الوطني الديمقراطي. وقال رئيس الحزب الحالي عبد القادر بن صالح، على هامش جلسة لمجلس الأمة الذي يرأسه، إنه "لم يتلق أي إشارة لترك منصبه الحزبي"، قاصدا بذلك، رئاسة الجمهورية.
ويعرف عن أويحي صرامته، والتشديد في الإنفاق العمومي، وميوله إلى التقشف، فعندما كان يشغل منصب الوزير الأول، قبل عبد المالك سلال، رفض الزيادة بأجور الموظفين، كما أنه شدد في منح مشاريع استثمارية للأجانب. لذلك فإنه يقدم على أنه "أنسب رجل" بإمكانه شغل منصب الوزير الأول، تماشيا مع تدابير التقشف التي أقرها الرئيس بوتفليقة، بعد تهاوي أسعار النفط.
وأكد العقيد السابق في جهاز المخابرات
الجزائرية محمد خلفاوي، لـ "
عربي21"، الاثنين، أن "عودة وزير الدولة أحمد أويحي باعتباره "موظف دولة" على رأس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، يدخل ضمن حسابات السلطة التي تحضّر لمرحلة انتقالية، لا يستبعد فيها انسحاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من كرسي قصر المرادية، نظرا للوضع الأمني الذي تعرفه البلاد على المستوى الداخلي والخارجي".
وأضاف خلفاوي أن "رئيس مجلس الأمة، ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي عبد القادر بن صالح، سيكون أمام مهمتين جديدتين في حالة ما إذا "رمى المنشفة"، فهو قد يخلف الرئيس بوتفليقة في حالة شغور منصبه على اعتبار أنه رئيس مجلس الأمة مثلما ينص عليه الدستور".
وبحزب جبهة التحرير الوطني، يتمسك الرئيس بوتفليقة، بعمار سعداني رئيسا للحزب رغم الهزات التي تعرض لها من قبل خصومه.
وغالبا ما يكون "صراع الزعامة" بهذين الحزبين، بادرة لتغيير في أعلى هرم السلطة، فعندما غادر أحمد أويحي رئاسة التجمع الوطني الديمقراطي، كانت الجزائر تتحضر لإجراء انتخابات الرئاسة في 17 نيسان/ أبريل 2014، حتى لا يتقدم لها كمرشح ينافس الرئيس بوتفليقة الفائز بها لاحقا.
وكذلك "عزل" عبد العزيز بلخادم الرئيس السابق للحزب الحاكم، خلال نفس الفترة ولنفس السبب، وعين الرئيس بوتفليقة، بلخادم مستشارا لديه، لكنه لم يمكث بمنصبه إلا شهورا معدودة وتم عزله.
ويشرح المحلل السياسي الجزائري، جيلالي سفيان، ما يحدث ببيتي حزبي السلطة بالقول: "أستغرب أنه تمت تنحية الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحي، قبل عامين، وبنفس الطريقة يراد لخليفته عبد القادر بن صالح، أن يتنحى".
ويتابع جيلالي في تصريح لصحيفة "
عربي21": "إن تسيير حزبي السلطة أصبح إداريا وليس سياسيا فهما يخضعان لإرادة السلطة، ولا أعتقد أن ما يجري بداخلهما أمر بريء، بل أعتقد أنه يجرى الترتيب لمخططات ستظهر نتائجها بالمستقبل القريب".