مقابلات

بلكبير: الخطاب المتهجم على ابن كيران رجعي ومنحط ولا منطق له

قال إن ابن كيران إذا تطلب منه الأمر المغادرة سيغادر - أرشيفية
قال المحلل السياسي المغربي والوجه اليساري المعروف، عبد الصمد بلكبير، إن هناك مغرضون يتقصدون إفشال التجربة الحكومية في المغرب عن طريق اصطناع التناقض بين الملك ورئيس الحكومة.

وأضاف، مستشار الوزير الأول الأسبق، عبد الرحمن اليوسفي لصحيفة "عربي21" في هذه المقابلة، أن القرائن تدل على أن الحكومة المغربية لم تخسر شعبيتها، فأي انتخابات، حسب بلكبير، في هذه المرحلة ستكون في صالحها، عكس ما تروج له المعارضة.
 
وبخصوص الإنتخابات الجماعية والجهوية المرتقبة في البلاد، استبعد، الخبير في الشأن السياسي المحلي والإقليمي، أن يكون لوزارة الداخلية موقف منحاز كما كان سابقا. لكنه يرى بأن الإدارة قد لا تضمن حيادها، لأن فيها أشخاص فاسدين ومستثمرين للفساد، حسب تعبيره

وفيما يلي جزء الثاني من المقابلة:

كيف تقرأ الانتقادات التي توجه لابن كيران بخصوص التنازل عن بعض صلاحياته الدستورية لصالح الملك؟ هل هذا الأمر تجد له أثرا حقيقيا؟

ابن كيران لا يؤثر فيه ذلك، فخطاب الآخرين من حيث الشكل يمكن أن يكون موحدا، لكن من حيث المعنى والدلالة والغرض ليس بالضرورة أن يكون موحدا. هناك فعلا بعض المتوهمين للديمقراطية يتحدثون عنها كمفاهيم مجردة خارج الزمان والمكان، ويتمنون لها أن تكون كما يتصورونها في المغرب، هؤلاء لهم نية حسنة، لكن ليس لديهم معطيات تفصيلية (ما يسميه اليوسفي بالإكراهات) أو لا يعرفونها، وبالتالي لا يفهمون. لكن هناك المغرضون الذين يتقصدون إفشال التجربة عن طريق اصطناع التناقض بين الطرفين الرئيسيين فيها، اللذان هما قوة الحكومة المنتخبة، وقوة المؤسسة الملكية الآتية من التاريخ والدين، واللذان يستحيل انجاز الإنتقال بدون توافقهما. والتوافق لا يعني انعدام الخلافات، وإنما كيف يعالج الخلاف في سياق التوافق، كيف نحافظ على التوافق ونمارس الاختلاف؟ فهذه أمور تخص التدبير.

في علاقة الحكومة بالمعارضة، يلاحظ نوع من الحدة في التلاسن والذي انطلق بدخول فاعلين جدد للحقل الحزبي واتهام رئيس الحكومة بالعلاقة بجبهة النصرة، والموساد وتنظيم الدولة وغيرها، كيف تفسر هذا؟

هذا الأمر فيه جوانب متعددة، فهناك جانب يتعلق بموت السياسة، لأن القوة الرجعية، ليس في المغرب فقط بل في العالم، أصبحت بدون منطق نهائيا، وبالتالي منحطة.

ماذا تعني بالرجعية؟

أعني الرأسمالية بالخصوص، الرأسمال المالي ورأسمال الصناعة العسكرية. فالرأسمالية تعاني اليوم أزمة وهذا من عواقب أزمتها التي تصدرها. أنظر إلى الخطاب السياسي في الغرب، فهو منحط، لا منطق له. المنطق يوجد في التقدم، والعقل لا يمكن أن يقبل إلا ما هو مفيد. إنما هؤلاء يطالبون بالردة، ويطالبون بالحفاظ على بنيات لم يعد الواقع يقبل باستمرارها، وهم لا يريدون تغييرها لأنه ليس في مصلحتهم.

إذن بماذا تفسر هجوم بعض من المعارضة بذلك الأسلوب، ولماذا لم نرى هذه الأساليب مع المعارضات السابقة؟
 
هذا تهجم وليس هجوم، فالمعارضة السابقة كانت لها إستراتيجية تقدمية، وكانت لها بدائل حقيقية؛لذلك كانت معارضة إيجابية، أما هؤلاء فيريدون العودة إلى الماضي، إلى ما كانوا عليه، وهذا يستحيل.
 
نتجه اليوم إلى انتخابات جهوية وجماعية، في نظرك ما هي رهانات الأطراف الأساسية في اللعبة، وما هو توقعك لسلوك الإدارة ووزارة الداخلية تحديدا؟

لا أظن أن وزارة الداخلية سيكون لها موقف منحاز كما كان سابقا. أما الإدارة فممكن ألا تضمن حيادها، لأن فيها أشخاص فاسدين ومستثمرين للفساد. لكن اللعب كله مرتبط بالموقف من قضية الصناديق. ما يسمى بالمعارضة، تريد أن تدفع الحكومة لتتورط في قرارات غير شعبية، خصوصا فيما يتعلق بصندوق التقاعد وصندوق المقاصة. طبعا الحكومة لا يمكن أن تجازف وترهن مصيرها بقرارات غير شعبية وغير عقلانية؛ لذلك فهي تطالب بأن تؤسس صناديق للتعويض، حيث بدأت بتخصيص منح للأرامل ورفع منح الطلبة، ومنتظر البحث عن وسيلة لدعم القدرة الشرائية للفئات الدنيا، والبحث جار كيف نقيس ذلك، وكيف نوصله للمعنيين. لكن الآخرون (المعارضة) لا يريدون ذلك ويعتبرونه رشوة مسبقة.

فماذا تتوقع بهذا الخصوص؟

أستبعد أن يسقط عبد الإله ابن كيران في استعجال إلغاء الصناديق دون أن يعد بدائل تسمح بأن يكون القرار عقلاني وموضوعي، له طابع لا يخسر به قاعدته الاجتماعية.

أظن أن الصراع يكمن هنا؛ لذلك تم تأجيل الانتخابات مرارا في انتظار إتمام هذا الإجراء. لأن كل القرائن تدل على أن الحكومة لم تخسر شعبيتها، فأي انتخابات في هذه المرحلة ستكون في صالحها، والآخرون ليس في مصلحتهم إجراء الانتخابات قبل إقرار الزيادات.

ما هو توقعك للخريطة الانتخابية المقبلة؟

هذا مرتبط بالموقف، هل سيسمحون للحكومة بأن تدبر ما تدعم به القدرة الشرائية للمواطنين، وهذا صعب أن يسمحوا به قبل أن تسمح هي برفع الأسعار. أو سيضطرونها للمغادرة، وابن كيران إذا تطلب منه الأمر أن يغادر سيغادر.

ما الذي سيدفعه للمغادرة في نظرك؟

إذا كانت ضغوط القوى الرجعية على القصر الملكي أكبر من ضبط القصر للتوازنات. فالملك لحدود الساعة مع الاستقرار ومع الحكومة. الأيادي التي تتدخل في العمل السياسي في المغرب لا يمكن اكتشافها عن طريق الصحافة، هناك قوة أخرى تشتغل بوسائل أخرى، بما في ذلك فرسنا. فكيف نفسر أن رئيس المخابرات في المغرب يهدد بالإعتقال في باريس في وقت سابق؟ وما حدث أيضا في إسبانيا، هناك إذن مستويات متعددة.

في تصريح أخير للأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، مصطفى الباكوري، قال فيه بالحرف، نحن جئنا لكي يغلق قوس تجربة العدالة والتنمية، على وقع بعض الحديث عن إمكانية التحالف في المستقبل، كيف تقرأ هذا الخطاب؟

ليس في صالح المعارضة ذلك؛ لذلك ما سيؤجلونه يستعجلون به. لأن التعجيل ليس في صالحهم، بما في ذلك المعارك والملاسنات في البرلمان، لأن التجربة أثبت أن ابن كيران أسس إعلاما جديدا، وخطابا جديدا، فالدراسات تثبت أن خطاب ابن كيران ناجح، في حين هم (المعارضة) ليس لهم ألسنة.


كيف تتوقع أن تكون علاقة حزب العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة في المستقبل؟

ليس لدي معطيات، لأنه لكي تتوقع لا بد من توفر المعطيات على الأقل المحلية. يصعب في المغرب أن نتصور قرارا بعيدا عن جهات في مناطق أخرى في الجوار، بما في ذلك الجزائر والخليج العربي  وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

رغم كل المحاولات (التشويش، تسخير الإعلام، نسف الجلسات، الاستنجاد بالملك...)  لماذا لم يستطيعوا إلى حدود اليوم إسقاط الحكومة؟

لم يكن ضمن أهدافهم إسقاط الحكومة في المرحلة السابقة، هم يريدون أن تقترف الحكومة جريرة الزيادة في قنينة الغاز، يريدونها أن تستمر في تطبيق البرنامج الذي يريدونه هم، أي الزيادة في الأسعار دون إحداث صناديق الدعم للشعب. لكن ابن كيران يرفض ذلك.