مقالات مختارة

«حزب الله» والتعبئة من أجل الأسد

1300x600
أبلغنا الأمين العام لـ «حزب الله» أن تعبئة قوات الحزب ستكون أينما كان لحماية لبنان من التكفيريين.
كم كان من الأفضل لو حمى لبنان من نظام سوري أنهك لبنان وسوريا لعقود مضت.

كيف يمكن أن نشكر السيد لولائه الوطني لحماية البلد بالوقوف إلى جانب نظام سوري ينهار بعد أن أطلق هو نفسه «داعش»؟ إن تقرير الكاتب مارتن شولوف الذي نشر في صحيفة «الغارديان» البريطانية، يروي بالتفصيل نقلاً عن أحد القادة في «الدولة الإسلامية» واسمه أبو أحمد تفاصيل تكوين الحركة الإرهابية في سجون العراق، تحت أنظار القوات الأمريكية وانخراط البعثيين العراقيين والرئيس السوري بشار الأسد، الذي ساهم في فتح الأبواب للجهاديين والسماح لهم بالطيران وعبورهم إلى العراق.

وينقل شولوف عن جنرال عراقي هو حسين علي كمال الذي توفي، معلومات سلّمه إياها قبل وفاته عن اجتماعين سريين في الزبداني قرب دمشق مع قادة بعثيين عراقيين، لجأوا إلى العراق وتم استخدامهم كأداة لزعزعة أمن العراق والأمريكيين، فكان ارتباط النظام السوري والاستخبارات السورية والجهاديين وطيداً. إن البعض في الغرب ينصح بإعادة الحوار مع هذا النظام خوفاً من «داعش»، في حين أن النظام نشرهم ونقلهم من سوريا إلى العراق، كما استخدم أركان أجهزته ثم قتلهم، مثلما حدث مع رستم غزالة وغازي كنعان وآصف شوكت واللائحة طويلة. فهو نموذج تحرك نظام قيد الانهيار، ولكنه يريد تدمير سوريا قبل انهياره وربما «حزب الله» معه.

إن حرب «حزب الله» في سوريا خاسرة عاجلا أم آجل، وسيطرة الحزب في القلمون لا تعني شيئاً لأنه يسيطر على مناطق جردية لا يمثل كامل الأراضي السورية، وهو يقف إلى جانب نظام لم يعد يسيطر إلا على القليل من أراضيه، وقواته انسحبت من تدمر لصالح «داعش» في إطار استراتيجية مستمرة لاستخدام تقدم «داعش»؛ للقول للعالم إن النظام هو الخيار الأفضل لأن البديل له لم يتم إعداده.

مما لا شك فيه أن تقدم «داعش» في تدمر وربما إلى حمص مرعب؛ لأن حمص على أبواب لبنان، ولكن هذا لا يعني أن موقف «حزب الله» مبرر لأنه طرف في الحرب السورية التي إذا أدت إلى سقوط النظام، ستكون خطراً كبيراً على «حزب الله» ولبنان. فماذا بعد انهياره؟ ماذا يفعل امين عام «حزب الله»؟ وإلى أين سيقود لبنان مع استمراره بالادعاء أنه سيحميه؟ على الحزب أن يتواضع ويخفف من لهجة الغطرسة بنشوة النصر والهيمنة؛ لأن ما يجري على الأرض في سوريا ليس في مصلحة الشعب السوري أو اللبناني. والقتلى من عناصر «حزب الله» يقتلون لحماية نظام شن حرباً على شعبه وقتل أبناءه من أجل البقاء.

إن حرب عناصر الحزب تحولت من مقاومة إلى تواطؤ مع نظام استخدم استخباراته وبعض وكلائه في لبنان مثل ميشال سماحة، ثم قتل البعض مثلما انتهى رستم غزالة وآصف شوكت وغازي كنعان وغيرهم، أو ألقى بهم في السجون مثل سماحة. فاليوم والغرب يفكر مجدداً بضرب سوريا لمنع تقدم «داعش»، ينبغي التفكير جدياً بكيفية التخلص من رأس النظام الذي أطلق مسلحي «داعش» من سجونه، وهو الذي راهن على الإسلاميين المتطرفين لاستخدامهم؛ بدءاً من «حماس» في صراعه مع السلطة الفلسطينية والآن «داعش» من أجل البقاء بحماية «حزب الله» وإيران.

آن الأوان كي يعيد «حزب لله» حساباته ويخفف من تعاليه واحتقاره للدولة وجيشها، وأن يفكر بمستقبل مختلف تكون فيه حماية لبنان على عاتق الجيش، بدلاً من ميليشيا لبنانية تحت مظلة إيرانية أسقطت في حربها السورية صفة المقاومة عنها.



(نقلا عن صحيفة الحياة اللندنية)