سياسة دولية

إذاعة فرنسا الدولية: السنة والشيعة.. صراع أخوي على السلطة

اعتبر التقرير الشيعة أقلية في العالم الإسلامي - أ ف ب
نشر موقع إذاعة فرنسا الدولية تقريرا حول الصراع الشيعي السني في الشرق الأوسط، عرض فيه الجذور التاريخية لهذا الخلاف المذهبي، والانتماءات المذهبية لبعض الدول والمجموعات في العالم الإسلامي، ومظاهر احتدام هذا الصراع الأخوي المميت، الذي يتواصل منذ أربعة عشرة قرنا.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الشيعة يعتبرون أقلية في العالم الإسلامي، حيث يمثلون حوالي عشرة بالمائة من مجموع المسلمين، يتمركزون في الدول المطلة على الخليج العربي. ويتواجدون بكثرة في إيران والعراق والبحرين، كما توجد أقليات شيعية في  لبنان والسعودية والكويت واليمن وسوريا وباكستان وأفغانستان، ويتميز المذهب الشيعي بوجود مؤسسات دينية تملك نفوذا قويا وتأثيرا على أتباعها في إيران والعراق.

وذكر التقرير أن السنة في المقابل يمثلون تسعين بالمائة من مجموع المسلمين، وتأتي تسميتهم من كلمة "سنة" التي تعني القواعد الموروثة عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). بينما جاءت تسمية الشيعة من كلمة شايع أي ساند واتبع، بما أنهم شايعوا الإمام علي على إثر الخلاف حول من يحكم المسلمين. وهو خلاف إنطلق منذ سنة 632 ميلادي، وسبب شرخا عميقا في الأمة الإسلامية منذ بدايات التاريخ الإسلامي.

وأضاف التقرير في السياق ذاته، أن الصراع بين السنة والشيعة عاد ليطفو على السطح إثر الثورة الإيرانية سنة 1979، وتفاقم أكثر بعد سقوط نظام صدام حسين، إذ أنه لأول مرة منذ سنة 1920، تمكن الشيعة من الوصول إلى السلطة في بغداد، على حساب السنة.

وأورد أن التيارات المتشددة من الجانبين لا تتوانى عن كيل الاتهامات والشتائم للطرف الآخر، حيث يسمى الشيعة بالروافض لأنهم رفضوا زيد بن علي، وفي المقابل تسمى المجموعات السنية المتشددة بالتكفيريين، لأنهم يكفرون الشيعة، وكل من يخالفهم الرأي.

وأشار إلى أن الغزو الأمريكي للعراق في سنة 2003 أدى لتغير الأوضاع في المنطقة، فبعد أن كان الشيعة يعانون من التضييق والقمع، أصبح سنة العراق هم من يتعرضون للتهميش، ما أدى إلى تنامي التوترات الطائفية، وهو ما وفر بيئة ملائمة لنشاط المجموعات المسلحة، ومهد لظهور تنظيم الدولة في سنة 2014، في مناطق واسعة من غرب وشمال العراق.

كما ذكر التقرير أن تنظيم الدولة حقق نجاحا كبيرا في سوريا والعراق، معتمدا على خطابه المعادي للشيعة والعلويين، ومستفيدا من الانقسامات المذهبية في هاذين البلدين وما يتعرض له السنة من اضطهاد على يد النظامين السوري والعراقي.

وفي المقابل أشار التقرير أيضا إلى وجود مجموعات شيعية مسلحة في الدول السنية، على غرار حزب الله اللبناني، الذي تكون في سنة 1980 داخل الطائفة الشيعية في لبنان بمساندة إيران، وهو يشارك اليوم في المعارك إلى جانب قوات بشار الأسد. كما كان زعيم الحزب حسن نصر الله قد أعلن أن مقاتلي الحزب يتواجدون في العراق لمواجهة تنظيم الدولة.

وأشار التقرير أيضا إلى وجود الشيعة العلويين في سوريا، الذين كانت توجهاتهم الدينية مختلفة عن بقية المذاهب، قبل أن يعودوا للإقتراب من التشيع خلال فترة الاستعمار الفرنسي. وتزايد حضورهم السياسي بعد صعود أبناء طائفتم للرئاسة، من خلال حافظ الأسد وابنه بشار الأسد،  كما قاموا بربط تحالف قوي مع إيران بداية من سنة 1979.
 
 بالإضافة إلى الشيعة الزيديين المتواجدين في اليمن، الذين يكونون مليشيات الحوثيين المتمردين في اليمن، والفرق الوحيد بينهم وبينهم الشيعة الإمامية الإيرانيين هو أنهم يعترفون بخمسة أئمة فقط وليس إثنى عشرة.

وأشار التقرير إلى أن صراعات عديدة من أجل السلطة تدور في الشرق الأوسط بين السنة الشيعة، خاصة في البحرين، حيث تمسك الأقلية السنية بالحكم منذ سنة 1783، وهو ما أدى في سنة 2011 إلى اندلاع مظاهرات حاشدة، في محاولة من شيعة البحرين للاستفادة من الربيع العربي وتحسين أوضاعهم، ولكن المملكة السعودية سرعان ما تدخلت عبر قوات درع الخليج، وقامت بسحق التحركات الاحتجاجية في فترة قصيرة. 

كما تمثل لبنان، موقع إذاعة فرنسا الدولية، مسرحا لمواجهة غير مباشرة بين المملكة السعودية والجمهورية الإيرانية، حيث يتمتع حزب الله بدعم عسكري ومادي كبير من طهران، في مقابل وقوف الرياض إلى جانب تيار المستقبل، الذي يقوده الزعيم السني سعد الحريري خلفا لوالده رفيق الحريري، وبينما يقاتل حزب الله إلى جانب قوات بشار في سوريا، تسعى بعض المجموعات المنتمية إلى التيار السني إلى تقديم الدعم للمعارضة السورية.

وأشار التقرير أيضا إلى أن احتدام الصراع بين الطرفين أدى لتفاقم التوترات الطائفية في بلدان إسلامية أخرى، حيث شهدت الكويت الجمعة الماضية تفجيرا انتحاريا في مسجد للشيعة، تبناه تنظيم الدولة. كما شهدت باكستان في 13 أيار/ مايو الماضي هجوما مسلحا على حافلة تقل مجموعة من الشيعة الإسماعيلية، ما أدى لسقوط 45 قتيل.