كتاب عربي 21

بين الواقع المتفجر واحتمالات التسوية: هل من بصيص أمل؟

1300x600
الناظر إلى الأوضاع العربية والإسلامية في هذه المرحلة لا يلحظ سوى المزيد من التفجيرات والمعارك والصراعات الممتدة على طول العالم العربي مع امتداداتها الإسلامية الواضحة في ظل تصاعد الدورين التركي والإيراني في المنطقة ودخول العناصر الإسلامية الآتية من كل بقاع العالم إلى الواقع العربي.

فنحن اليوم نشهد مرور عام على قيام دولة داعش ما بين سوريا والعراق ولقد توقع البعض تراجع هذه الدولة بعد الإعلان عن التحالف الدولي لمواجهتها وتحديد دورها في بعض المناطق العراقية والسورية، لكن بعكس هذه التوقعات هانحن نشهد المزيد من تمدد هذه الدويلة الداعشية وقد تطور تأثيرها إلى الكثير من الساحات العربية والإسلامية وصولا لبعض المناطق في العالم، وأصبحت داعش وأخواتها، كبوكو حرام وتنظيم بيت المقدس وأجناد مصر وحركة الشباب الصومالي وفروع القاعدة، تشكل أخطر تهديد للأمن العربي والإسلامي والعالمي.

استمرار الصراعات في أكثر من بلد عربي وهذه الصراعات تأخذ أبعادا عربية وإسلامية ودولية ولم تعد مقتصرة على الصراع الداخلي أو من أجل الإصلاح السياسي أو إسقاط النظام الحاكم، وما يجري في سوريا والعراق واليمن والبحرين وليبيا نماذج من هذه الصراعات التي ليس لها أي أفق منظور للحلول السياسية أو حتى وقف إطلاق النار وإعلان الهدنة، مع استثناء البحرين الذي لا يزال الصراع فيه له طابع سياسي وأمني محدود.

تمدد المشكلات والتفجيرات الأمنية إلى دول جديدة كالسعودية والكويت مع وجود مخاوف لتمددها إلى بقية دول الخليج، والتهديد الأمني لدول تسعى للحفاظ على استقرارها مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب في ظل وجود مخاوف جدية من تمدد التفجيرات والعمليات المسلحة من تونس إلى دول جديدة شمال وغرب أفريقيا نظرا للوجود المكثف لتنظيم داعش والتنظيمات المتشددة في ليبيا وانتشارها في العديد من المناطق الأفريقية.

تصاعد الصراع السعودي – الإيراني في ظل المخاوف السعودية من التمدد الإيراني في المنطقة ومن نتائج الاتفاق المحتمل حول الملف النووي الإيراني بين إيران والدول الكبرى واتجاه السعودية إلى مواجهة الدور الايراني بكل الوسائل والإمكانيات، وخصوصا بعد التغييرات التي حصلت في السعودية بعد رحيل الملك عبد الله وتسلم الملك سلمان الحكم مع ولي العهد محمد بن نايف وولي العهد محمد بن سلمان.

تزايد الدور الكردي في العراق وسوريا وتركيا بعد نجاح الأحزاب الكردية في تحقيق نتائج مهمة في الانتخابات التركية النيابية الاخيرة، ما أعاد البحث مجددا في احتمال قيام دولة كردية كمقدمة لخريطة جديدة للمنطقة.

المخاوف المستمرة من تقسيم العراق وسوريا إلى دويلات مذهبية وطائفية ولا سيما بعد التطورات الأخيرة في البلدين والقانون الذي طرح في مجلس الكونغرس الأميركي لتزويد الأكراد والسنة بالسلاح مباشرة وبدون المرور بالدولة المركزية، ويضاف لذلك المخاوف التي تنتاب طائفة الموحدين الدروز في سوريا ولبنان والتي قد تدفعهم لخيارات قاتلة.

التطورات العسكرية في جنوب وشمال سوريا وتحقيق المجموعات المسلحة وداعش تقدما كبيرا في العديد من المناطق واستمرار التحضير لمعركة دمشق، ما أعاد البحث بالخطة "ب" للنظام السوري وحلفائها والتي تدعو للحفاظ على منطقة الساحل السوري مع بعض الامتدادات الأخرى بما يحقق مشروع الدولة العلوية والتي تضم أقليات أخرى.

نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في تركيا والتي أدت إلى خسارة رجب طيب أردوغان ومشروعه السياسي وتراجع دور حزب العدالة والتنمية، ما يضع تركيا أمام مرحلة مضطربة سياسيا وشعبيا وأمنيا في المرحلة المقبلة.

انتظار نتائج المفاوضات النووية بين إيران والدول الكبرى وهي مفتوحة على كل الاحتمالات الإيجابية أو السلبية، ما يجعل المنطقة والعالم يقفان على أهبة الاستعداد لكل الخيارات.

هذه هي بعض ملامح الصورة السلبية والمتفجرة لدول الإقليم والمنطقة وامتداداتها، لكن هل الذهاب نحو المزيد من الانفجارات والانقسامات والصراعات هو الخيار الوحيد لهذه المنطقة، أم إن لدينا فرصة أمل بتسوية إقليمية-دولية قد تعيد ضبط الأوضاع مجددا وتفتح الباب أمام الحلول السياسية؟

إن الاحتمال الوحيد الذي يجعلنا نرى بعض الأمل في نهاية هذا النفق المظلم، أن تؤدي كل هذه التحديات والصراعات، وامتدادها إلى دول جديدة كانت تشعر بالأمان والاستقرار، للبحث عن تسوية سريعة وتقديم التنازلات المشتركة وإنشاء تحالف دولي وإقليمي وعربي ضد كل أشكال العنف والارهاب، أو ما دعا اليه النائب الدكتور علي فياض قبل سنتين: وستفاليا عربية وإسلامية بموازة الاتفاق النووي إذا حصل، هذا هو الاحتمال الإيجابي الوحيد، وإلا فإننا ذاهبون إلى المزيد من الصراعات والتفجيرات التي لا يعرف أحد إلى أي مدى ستصل والتي حققت مقولة الفوضى غير الخلاقة وليس الفوضى الخلاقة.