تواجه السلطة
الجزائرية، انتقادات شديدة إزاء تبنيها
الإجراءات نفسها والتدابير التي سبق وأن إتخذتها حكومات الثمانينات لمواجهة
أزمة انهيار أسعار
النفط العام 1986 وباءت بالفشل، قبل أن تدخل البلاد في دوامة اقتصادية أدت إلى العنف السياسي أوائل تسعينيات القرن الماضي.
وتبحث السلطة بالجزائر، عن الحلول الممكنة لتجاوز آثار انهيار أسعار النفط على اقتصادها، ويجتمع الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال بمحافظي الجمهورية يوم 29 آب/ أغسطس المقبل، لإسدائهم التعليمات اللازمة بخصوص قرار سابق يقضي بتجميد المشاريع الاقتصادية التي لم تنطلق بعد، عملا بخطة التقشف التي أقرتها الحكومة شهر آيار/ مايو الماضي.
ولجأت الحكومة الجزائرية، إلى وقف تنفيذ المشاريع التي لم تنطلق الأشغال بها بعد، إثر تراجع مداخيل الخزينة العامة، بفعل تراجع برميل النفط الذي يقارب 40 دولارا.
ودعت الحكومة أصحاب الأموال المتداولة خارج السوق الرسمية، إلى إدخالها البنوك، بهدف إنعاش حركية الأموال واستغلالها بمشاريع استثمارية مع منح أصحاب "أموال الأكياس" مثلما يصطلح عليهم محليا، إعفاءات جبائية ب7 في المائة.
ويمر عام بأكمله عن بدء انهيار أسعار النفط، بينما
خطة الحكومة الجزائرية لمواجهة آثار الأزمة لم تتضح لحد الآن، لكن أولى الإجراءات و التدابير المتخذة لقيت انتقادات شديدة من قبل مسؤولين سابقين عايشوا أزمة انهيار أسعار النفط العام 1986، وقالوا إنها تشبه تدابير تلك المرحلة والتي أدت باقتصاد البلاد إلى الهاوية وأنتجت العنف المسلح.
وتتمثل أولى أوجه الشبه بين تدابير أزمة الثمانينات وأزمة العام 2015، بانتهاج سياسة التقشف، وتجميد التوظيف ووقف تنفيذ المشاريع الاستثمارية، بينما مؤشرات قوية توحي بأن الحكومة الجزائرية سوف تلجأ إلى الإستدانة، مثلما حصل نهاية الثمانينيات، بل إن الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال لم يستبعد ذلك بتصريح له شهر حزيران/ يونيو الماضي.
وقال الخبير الاقتصادي الجزائري، حفيظ صواليلي، في تصريح لـ "
عربي21"، "إن تكلفة سياسات التقشف على المستوى الاجتماعي بالجزائر مكلفة جدا، بل كانت لها تداعيات سلبية، مع بروز الندرة واللجوء المتسارع إلى الإقتراض".
وشبه صواليلي التدابير المتخذة من قبل الحكومة الجزائرية لمواجهة الأزمة الراهنة، بتلك التدابير التي انتهجت في أزمة عام 1986، وقال إنه "بعد أن كان للجزائر إحتياطي صرف في 1986 يفوق مليار دولار، بدأت المديونية الخارجية تتضاعف بسرعة في ظل تردد البنوك على تقديم القروض".
وما إن تخلصت الجزائر من ديونها بالكامل، جراء إرتفاع أسعار النفط خلال السنوات القليلة الماضية، حتى داهمتها أزمة من الشاكلة نفسها، وتفاخر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بأن فتراته الرئاسية عاشت الجزائر رخاء ماليا، وقضت على المديونية الخارجية.
لكن المعارضة السياسية بالجزائر انتقدت"عدم تبني الحكومة على مدار 17 عاما من حكم بوتفليقة اقتصادا بديلا عن المحروقات".
وقال صواليلي إن "القائمين على تسيير الاقتصاد الجزائري لم يستوعبوا الدروس من أزمات الماضي، إذ بعد مرور قرابة 30 سنة من أزمة 1986، لم يطرأ أي تغيير جوهري على بنية الاقتصاد الجزائري".
وأفاد مقداد سيفي، رئيس الحكومة الجزائري الأسبق، ردا على سؤال لـ "
عربي21"، خلال منتدى نظمته صحيفة "الحوار الجزائرية"، السبت، بشأن تداعيات انهيار أسعار النفط على الاقتصاد الجزائري، أنه "على الحكومة الجزائرية أن تتبنى خططا بديلة عما تنتهجه حاليا، فهناك إمكانية لتجاوز هذا الظرف لأننا مستقرون أمنيا خلافا لسنوات التسعينيات".
لكن دكتور الاقتصاد، محمد بهلول يرى أن "الجزائر تواجه صدمة أشد من تلك الصدمة التي شهدتها بداية من العام 1986 حينما هوت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ عقود"، وأشار في تصريح لـ "
عربي21"، "نحن بصدد معايشة أولى مؤشرات الأزمة بفقدان الدينار الجزائري قيمته، ونحن لم تستخلص الدروس من أزمات الماضي".