سياسة دولية

جنرال أمريكي: مغامرة بوتين في سوريا فرصة لواشنطن وأنقرة

يرى الجنرال الأمريكي أن كبح جماح بوتين من قبل تركيا وأمريكا ليس بالأمر السهل - أرشيفية
رأى جنرال أمريكي أن تدخل روسيا في سوريا، فرصة لأمريكا وتركيا، لإحباط جهود بوتين الرامية إلى توسيع نفوذ بلاده، إضافة إلى إلزام موسكو بكبح جماح مخططاتها في الخارج الأبعد، وتخصيص المزيد من الموارد للمجال الأقرب إلى أراضيها.
 
ودعا اللفتنانت كولونيل جون بارنيت، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن للسياسات الشرق الأدنى، صانعي القرار والمخططين العسكريين إلى "عدم نسيان طموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في "الخارج القريب" من روسيا، بما في ذلك جمهوريات أرمينيا وجورجيا وأذربيجان جنوب القوقاز".

ولكن اللفتنانت الذي خدم في سلاح الجو الأمريكي لا يرى أن كبح جماح بوتين من قبل تركيا وأمريكا بالأمر السهل، مشيرا إلى أنه "طوال العقد الماضي، مرت العلاقات بين أنقرة وواشنطن بمراحل مد وجزر، فتولي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحكم، قد أبعد تركيا تدريجيا عن الغرب، كما أن الحكومتين واجهتا صعوبة في إقامة مصالح مشتركة بشأن القضايا الناشئة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى"، في حين استدرك الكاتب العسكري بالقول: "بيد أن الأحداث الأخيرة في سوريا قد تشجع أنقرة على تغيير هذه المعادلة وتفضيل عقد تحالف استراتيجي دائم مع الولايات المتحدة".

وفي صعوبة الموقف التركي تجاه روسيا، وكبح جماح بوتين، أوضح الكاتب أن "أنقرة تعتمد اعتمادا كبيرا على روسيا لتوزيع الغاز الطبيعي وتجارته، ولطالما كانت مترددة في تحدي موسكو في القضايا الجيوسياسية الكبيرة، ففي الآونة الأخيرة، تعاملت بعناية كبيرة مع غزو روسيا لجورجيا في عام 2008، ثم رفضت تأييد العقوبات الغربية على روسيا بسبب ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014. كما أن زيارة أردوغان إلى موسكو في أيلول/ سبتمبر الماضي عززت من هذه الديناميكية، فبعد اجتماعه ببوتين، عدّل الرئيس التركي من سياسته التي تقول "يجب على الأسد أن يرحل" وذلك على ما يبدو لتهدئة مضيفه الروسي".

وتابع كاتب التقرير: "لكن على الرغم من كل ذلك، فإن تركيا بحاجة ماسة إلى التخفيف من التدخل الروسي على حدودها وليس العكس، وخصوصا في جنوب القوقاز، فهناك علاقات تاريخية قوية تربط أنقرة بجورجيا وأذربيجان، ومثلها مثل واشنطن، هي تنظر إلى المنطقة على أنها فرصة جيوستراتيجية للعمل مع دول ديمقراطية ومستقلة تشاركها الآراء في العديد من القضايا، مثل زيادة التبادل التجاري وتنويع مصادر الطاقة وتعزيز التحالفات الأمنية لمكافحة الجريمة العابرة للحدود الوطنية والانتشار النووي والإرهاب".

وفي معرض حاجة أنقرة إلى موسكو، قال بارنيت إن "الأهم من ذلك أن جنوب القوقاز يتمتع بأهمية كبرى بالنسبة إلى تنويع تركيا لموارد الطاقة، وفي هذا الإطار تشير بيانات من "إدارة معلومات الطاقة الأمريكية" إلى أن الإمدادات الروسية تمثل نحو 60 في المائة من استهلاك الغاز الطبيعي في تركيا، وأن الطلب آخذ في التزايد. وتوفر أذربيجان حاليا 10 في المائة من احتياجات تركيا من الغاز، إلا أن "خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول" ("تاناب") سيرفع هذا الرقم في النهاية ما دام الطريق خال من التدخل الخارجي، (وقد بدأت عملية بناء الخط هذا العام، ومن المتوقع أن تنتهي في عام 2018). وإذا ما توسع نفوذ موسكو في القوقاز، قد تضطر أنقرة إلى الاعتماد حتى بصورة أكثر على موارد الغاز والنفط التي تسيطر عليها روسيا، الأمر الذي سيقوّي نفوذ بوتين".

أما في توضيح الموقف الأمريكي تجاه التدخل الروسي في سوريا، فقد أشار اللفتنانت بارنيت في تقريره إلى أن "واشنطن تتبع أسلوب رد الفعل بعد مغامرات بوتين المفاجئة، ولكن اتباع نهج أكثر استباقية يشمل اتخاذ خطوات أمريكية متواضعة نسبيا بإمكانه أن ينجز الكثير. ومن بين هذه الخطوات، بلورة سياسة أمريكية موجزة وواضحة في جنوب القوقاز - التي بإمكانها أن تجهد القدرات الاقتصادية والعسكرية الروسية وتزيد في الوقت نفسه من نفوذ واشنطن".

ومن وجهة نظر الكاتب، فإن "مثل هذه السياسة يجب أن تبدأ مع بيان واضح يدين التدخلات الروسية في السيادة والديمقراطية الإقليمية، وتلفت الانتباه إلى ما فعلته روسيا من أجل ضم الأراضي الجورجية السابقة".

إلا أن الكاتب يرى أن "على أنقرة وواشنطن استغلال ميزاتهما الخاصة، أي القرب الجغرافي والجيل الخامس من الطائرات، من خلال عرض مفاجئ للقوة، فالقرار الذي اتخذته تركيا مؤخرا بالسماح للطائرات الأمريكية باستخدام "قاعدة إنجرليك الجوية" لاستهداف المتطرفين الإسلاميين في سوريا، كان عبارة عن اتفاق محدود، ولكنه قد يسهل جهودا مشتركة أوسع لإعطاء روسيا ما يُسمى بـ"توقف استراتيجي". 

إلى جانب ذلك، ووفقا لتقرير معهد واشنطن، فإن "نشر طائرات "إف-22"، ومقاتلات الهجوم المشترك "إف-35" عندما تكون جاهزة للعمليات الحربية، في "قاعدة إنجرليك الجوية" لدعم العمليات السورية وإجراء تدريبات مع القوات الجوية التركية والجورجية والأذرية، من شأنه أن يعزز التزام واشنطن وأنقرة في المنطقة".

وختم اللفتنانت كولونيل جون بارنيت، تقريره بالقول: "إن جهود أردوغان لإبعاد بلاده عن الغرب تميل إلى التراجع عندما تكون المصالح الأمنية الأساسية لتركيا على المحك، فالعمليات العسكرية الصارخة التي قامت بها موسكو قد جعلته مضطربا وسط جهود روسيا لفرض نفسها كقوة إقليمية وعالمية. ومن المرجح أن أنقرة تدرك أنها لن تستطيع إعاقة هذه الجهود إلا إذا عقدت شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة كما في السابق، وعلى الرغم من الأولويات العالمية الأخرى، تتمتع واشنطن بفرصة لكبح جماح طموحات بوتين من خلال استثمار متواضع فقط للموارد المتاحة، كما ويجب على أنقرة أن تكون جزءا من هذه المعادلة في جنوب القوقاز".