كتاب عربي 21

فرنجية مرشّحا للحريري مرة أخرى ولعنة الجنرالات تلاحقه

1300x600
حتى أقرب المقربين إلى رئيس الحكومة اللبنانية السابق ورئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري، استغربوا ما قرأوه وسمعوه من إعلام بيروت حول تسريبات تتحدث عن لقاء جمع الحريري في باريس مع أحد أقطاب الموارنة الأربعة، المرشحين لرئاسة الجمهورية رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الرجل اللبناني الأقرب وبلا منافس للرئيس السوري بشار الأسد. وعلى الرغم من نفي الطرفين محتوى التسريبات، لكن بعض حمائم المستقبل بدأوا "على الريحة" بالترويج لإمكان انعطافة تيارهم في خيارات الاستحقاق الرئاسي؛ "إنقاذا للبنان الذي يتقدم بسرعة نحو تصنيفه كدولة فاشلة".

يُعرف سليمان فرنجية في لبنان بهدوئه وجنوحه للتسويات، بل وبتسامحه الذي تجلى بإعلانه عفوه الشخصي عن تنظيم القوات اللبنانية، المتهم بقتل أمه وأبيه وأخته وحراس العائلة عام 1978 في واحدة من مجازر تصفية الحسابات، وما عُرف في حقبة حرب لبنان بتوحيد "البندقية المسيحية". كما يُعرف فرنجية ببراغماتية مفرِطة لم يفرّط معها بثوابت علاقته "المقدسة" مع حلفائه وعلى رأسهم عائلة الأسد، لكن يُشهَد للرجل أيضا أنه لم يبالغ في تسخير هذه العلاقة لخدمة زعامته المارونية في الشمال الموروثة أصلا من أبيه وجده قبل سيطرة آل الأسد على لبنان، وعندما انسحب الجيش السوري إلى بلاده عام 2005 بقي المسيحيون يصوتون لكتلة تيار المردة ورئيسها في دوائرها الانتخابية.

لكن سليمان فرنجية يُعرف أيضا بحظه العاثر وبعدم حماسة حلفائه له بالمستوى الذي يتناسب مع تضحياته في سبيلهم. في العام 2004 قرر بشار الأسد التمديد لرئيس الجمهورية الجنرال إميل لحود لثلاث سنوات إضافية، ضاربا بعرض الحائط صعوبة التعامل مع لحود من قِبل الحلفاء والخصوم على السواء، وكان أكبر المتضررين من التمديد للحود الرئيس رفيق الحريري الذي قدم للسوريين مبادرة تقضي بانتخاب سليمان فرنجية لكن الأسد رفضها بالمطلق، علما أن ليس للحود أي حيثية سياسية خارج إطار دعم سوريا وحلفائها. 

تقبل فرنجية الموقف السوري وصوت لصالح التمديد ودافع عن هذا الخيار رغم أنه لا يستسيغ لحود البتة.

في 25 أيار مايو 2014 فرغ القصر الجمهوري اللبناني بانتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، ولم تتمكن جبهتا الانقسام الوطني 8 آذار و14 آذار من التوافق على اسم رئيس جديد للبلاد.

 حزب الله أعلن دعمه ترشيح حليفه الجديد الجنرال ميشال عون على حساب حليفه التاريخي سليمان فرنجية ودائما برضى الأخير، فيما أعلن سعد الحريري دعم تيار المستقبل ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع. وساد على مدى شهور الفراغ خطاب وسطي قاده الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط، يدعو دون جدوى إلى البحث عن مرشح محايد خارج الاصطفافات الآذارية. 

فجأة ودون مقدمات اشتغلت الدوائر السياسية والإعلامية اللبنانية الثلاثاء الماضي بخبر لقاء الحريري فرنجية في باريس رغم نفيه، حيث إن لقاء مماثلا سبق أن عُقد قبل شهور بين سعد الحريري وميشال عون ونفاه الطرفان، فنَفي الحقيقة جزء من "الكياسة" السياسية الراهنة في لبنان. وعلق فرنجية على موضوع طرحه لرئاسة الجمهورية من قبل تيار المستقبل بأنه "حتى الآن لايزال هذا الطرح في الكواليس، وهو طرح جدي لكنه لا يزال غير رسمي، ونحن نثق بالفريق الآخر، وعندما يصبح هذا الطرح رسميا سنبني على الشيء مقتضاه"، لكن فرنجية استدرك سريعا مشددا أن"مرشحنا الأول هو الجنرال ميشال عون، أما إذا قدّم الفريق الآخر طرحا جديدا فسنتعامل مع هذا الطرح في حينه".

 لكن فرنجية الذي يعرف صعوبة مهمة الحريري في إقناع خصوم رئيس تيار المردة من المسيحيين وخصوصا سمير جعجع، يدرك في الوقت عينه صعوبة إقناع ميشال عون بالزهد في منصب الرئاسة خصوصا مع استمرار تبني ترشيح الأخير من قِبل حزب الله، الذي قالت دوائره إن الحزب لايعارض بالمبدأ وصول فرنجية إلى الرئاسة، فهو حليف وثيق، لكن مرشح الحزب هو ميشال عون. حتى إن أحد موفَدي الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله إلى عون، قال له قبل أيام نقلا عن لسان نصر الله "إنت وأنا واحد، ولن نمضي في أي تسوية رئاسية لا توافق عليها، ومادمت أنت مرشحا فنحن ندعم ترشيحك".
ومن يعرف طريقة ميشال عون في التفكير، يعرف كم أن حظ سليمان فرنجية عاثر. 

قبل أحد عشر عاما فضل بشار الأسد عليه إميل لحود، واليوم يفضل حسن نصر الله عليه ميشال عون، في المرتين رشحته للرئاسة عائلة الحريري، وفي المرتين طاردته لعنة الجنرالات.