كتاب عربي 21

لا تطبيع قبل رفع الحصار

1300x600
وسائل الإعلام التركية والعالمية تتحدث منذ أيام عن قرب التوصل لاتفاقية تعيد العلاقات التركية الإسرائيلية إلى سابق عهدها، بعد محادثات جرت بين أنقرة وتل أبيب، على مستوى الخبراء، من أجل إنهاء الأزمة التي تفجرت جراء مقتل متضامنين أتراك في العدوان الإسرائيلي على سفينة مرمرة التي توجهت إلى قطاع غزة بهدف كسر الحصار عنه منتصف عام 2010.

الحكومة التركية لم تنفِ إجراء المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي في سويسرا، ولكنها شددت على أن أنقرة وتل أبيب لم تتواصلا حتى الآن إلى اتفاق نهائي. وأشار نائب رئيس الوزراء التركي والمتحدث باسم الحكومة نعمان قورطولموش إلى أن المفاوضات التي تجرى بين تركيا وإسرائيل لم يتم البت فيها، مؤكدا عدم تخلي تركيا عن أي شرط من شروطها الثلاثة المتعلقة بتطبيع العلاقات، وشدد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو على أن تركيا لم تنس سكان غزة، وأضاف قائلا: "نحن لا ننسى غزة وفلسطين والقدس والمسجد الأقصى حتى في أحلامنا، فكيف في المفاوضات؟".

التقارير المنشورة في وسائل الإعلام المختلفة حول تطبيع العلاقات مع إسرائيل أثارت ردود فعل متباينة في صفوف مؤيدي حزب العدالة والتنمية، مع اتفاق الجميع على ضرورة التمسك بشرط رفع الحصار عن قطاع غزة. ويرى بعضهم أن عودة العلاقات التركية الإسرائيلية إلى سابق عهدها ستسهم في تحسين ظروف سكان غزة المحاصرين، فيما يبدي آخرون مخاوفهم من تطبيع العلاقات قبل أن تلتزم إسرائيل بشرط رفع الحصار. ويلفت هؤلاء إلى أن رفع الحصار يعني فتح المعابر والميناء ليتمكن سكان غزة من حرية التنقل والخروج من القطاع والعودة إليه دون قيد أو شرط، وأن الحكومة الإسرائيلية قد تحاول أن تضلل تركيا والرأي العام من خلال تخفيف الحصار بشكل مؤقت لتتظاهر بأنها حققت الشرط الثالث بعد تقديم الاعتذار ودفع التعويضات.

التسريبات الإعلامية تشير إلى أن التفاهم الذي لم يتم البت فيه يقضي بأن تعمل إسرائيل على دفع تعويضات لعائلات شهداء أسطول الحرية والمصابين في العدوان على سفينة مرمرة، فيما تعمل تركيا على إسقاط الدعاوى القضائية المرفوعة ضد إسرائيل، إلا أن أسر الضحايا التي رفعت تلك الدعاوى القضائية لمحاكمة المسؤولين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين المتورطين في جريمة الاعتداء على أسطول الحرية أكَّدت أنها لن تتراجع عن مطالبها بمحاكمة القتلة المجرمين ومعاقبتهم ولن تسحب القضايا المرفوعة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تعليقه على ما نشرته وسائل الإعلام حول المفاوضات الجارية بين تركيا وإسرائيل لتطبيع العلاقات بينهما، شدد على أن حكومته لن ترفع الحصار البحري المفروض على قطاع غزة، على الرغم من إصرار تركيا على ذلك، ما يعني أن إسرائيل ما زالت ترفض الشرط الثالث الذي تشترطه أنقرة لإنهاء الأزمة. وبالتالي، فإنه لا يبدو في الأفق أي تطبيع في العلاقات التركية الإسرائيلية ما لم تتخلَّ تركيا عن هذا الشرط الأخير.

إنني كمواطن تركي أرفض تطبيع بلادي مع الكيان الصهيوني الغاصب، سواء رفع الحصار عن غزة أو لم يرفع، وأقول إن فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر بما فيها تحت أرضها وما فوقها وأجوائها وسواحلها ومياهها الإقليمية وكذلك الغاز الطبيعي الذي تسعى إسرائيل لتصديره إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، ملك للشعب الفلسطيني، ومهما كانت الظروف والمبررات فيجب أن لا تكون تركيا جزءا من عملية سرقة الغاز الفلسطيني، لأنها ليست مضطرة لهذا الغاز ولديها بدائل أخرى حتى لو قطعت روسيا إمدادات الغاز عنها.

الشعب الفلسطيني في بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي انتفض ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي يهدف إلى تهويد القدس وتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، وسقط حتى الآن في انتفاضة القدس عشرات الشهداء والجرحى في اشتباكات بين قوات الاحتلال والشبان الفلسطينيين.

وفشلت حكومة نتنياهو حتى اللحظة في قمع الانتفاضة وتوفير الأمن للمجتمع الإسرائيلي الذي يعيش حالة رعب هستيرية منذ انطلاق انتفاضة السكاكين. وفي هذه الظروف وهذا التوقيت، لا ينبغي أن ترمي الحكومة التركية طوق نجاة إلى الحكومة الإسرائيلية أو تمنحها فرصة للتنفس.