نحن نتناقش من أجل الوصول إلى طريقة للخروج من الفوضى والأزمات التي يواجهها العالم الإسلامي، وقد كانت مسألة إعادة إحياء وتفعيل منظمة التعاون الإسلامي، من أحد الاقتراحات التي كتبتها في مقالتي السابقة.
خلال هذا الأسبوع، سينعقد اجتماع قمة لهذه المنظمة في تركيا. ومما لا شك فيه، فإن الاجتماع سيتناول القضايا المحلية إلى جانب الأزمات التي يعيشها العالم الإسلامي أجمع، وقد عمدت بعض الصحف على إدراج صفحات ملحقة؛ لمناقشة السبل التي يجب انتهاجها للخروج من هذا الكم من الأزمات، وسيتم توزيع تلك الملحقات على الضيوف المشاركين في القمة.
تناقش الصحف التركية في هذه الآونة، الأزمات التي يشهدها العالم الإسلامي وسبل حلها، بالوتيرة نفسها التي تناقش فيها أزمة الإرهاب في تركيا، وبالطبع، فإن تلك الأزمات هي موضوع نقاش في العديد من بلدان العالم الإسلامي. لقد أدركنا جميعا أن عدم إيجادنا حلولا للفوضى والأزمات سيؤدي إلى تعميقها وسنشهد حدوث تجزئة جديدة للمنطقة.
فما هو السبيل للخروج من الأزمة؟
توسع نطاق الحرب في مناطقنا ليصل إلى أوروبا، وكلما تعرضوا لعمليات إرهابية، قاموا بممارسة المزيد من الضغوط والمضايقات ضد بلدان العالم الإسلامي، ما يفاقم الوضع الداخلي لدينا، ويعيقنا من إيجاد الحلول لمشكلاتنا.
المعضلة تكمن في أن الغرب دائما يبني مقارباته تجاه أي مشكلة استنادا إلى مصالحه الخاصة، الأمر الذي لا يؤدي بالضرورة لإيجاد حلول جذرية للمشكلات، لاسيما وأن مصالحنا في المنطقة تتعارض مع مصالحه، لهذا السبب، يجب علينا أن نحل مشكلاتنا بأنفسنا، وعلينا أن نخرج من الأزمات بجهودنا الذاتية.
وفي هذه الحالة، ينبغي على العالم الإسلامي أن يلتقي على أرضية مشتركة، يبني عليها حواراته وحلوله للانتقال إلى مرحلة وضع استراتيجية للخروج من الأزمة. وهنا أود التأكيد على أني لا أقول إنه ينبغي علينا أن نعادي الغرب وأن نقطع علاقاتنا معه أثناء القيام بتلك الخطوات، لكني أشدد على أن الغرب يغض الطرف عن مقتل أبناء شعبنا فقط من أجل مصالحه، لذا ينبغي علينا أن نقول له كفى، لنوقف النزيف الذي نعيش عواقبه بشكل يومي.
هل يمكن لمنظمة التعاون الإسلامي أن تكون فرصة؟
لسنا بحاجة إلى بناء منظمات ونظم ومؤسسات جديدة، ذلك أن أكبر وأقدم منظمة في العالم الإسلامي لا تزال موجودة نصب أعيننا، لكن للأسف في هذه المنظمة اليوم في عداد المنظمات الميتة. حيث توقفت جميع أعضائها الحياتية تقريبا عن أداء وظائفها، في وقت نحن في أشد الحاجة إليها.
المنظمة، ستعقد هذا الأسبوع في إسطنبول، اجتماع قمة هو الأهم خلال السنوات الأخيرة، دعونا لا ننسى أن هذا الاجتماع قد يشكل فرصة مهمة جدا لبلداننا، ذلك أن إعادة إحياء هذه المنظمة، ونسياننا معاركنا القديمة، سيولد طاقة كبيرة، يدفعنا نحو الأمام.
لقد تأسس الاتحاد الأوروبي من منظمة مشابهة لمنظمة التعاون الإسلامي، وبعد أن خاضت دوله حربين عالميتين، أودت بحياة الملايين من البشر، إذن فلماذا نقف عاجزين عن تعزيز مكانة هذه المنظمة؟
لأننا نمتلك حسابات صغيرة، ومعارك جانبية، وخلافات بيزنطية، وعليه فإن حياة 1.3 مليار مسلم تتأثر سلبا بفعل تلك الخلافات والنزاعات.
دعونا نواجه الأمر بصراحة، من أجل إحياء وتعزيز هذه المنظمة، يجب إيجاد أرضية مشتركة لأربعة بلدان، وهي تركيا والسعودية وإيران ومصر. نعم، هناك مشكلات عميقة بين هذه البلدان الأربعة، وقد شهد الماضي القريب توترات شديدة بينها، ولكن دعونا لا ننسى أيضا، أن ألمانيا خاضت حربين مع فرنسا وإنكلترا، أودت بحياة الملايين من الناس، ومع ذلك، وبعد سنوات قليلة، اجتمعوا جميعا تحت مظلة الاتحاد الأوروبي.
لحسن الحظ، أن أي حروب لم تقع بين هذه الدول الأربع الكبيرة، ولم يفقد ملايين البشر أرواحهم بسببها، لكن لماذا لا تجتمع هذه الدول.. لماذا لا تتوحد تحت مظلة جامعة؟ أنا واثق من قدرة منظمة التعاون الإسلامي على العودة إلى الحياة، لو أن تلك الدول قدمت القليل من التضحية، والاهتمام.
الخطر كبير، إذا لم يجد العالم الإسلامي حلولا لأزماته، كونوا على ثقة بأن خرائط المنطقة ستتعرض للتغيير، ودول ستتفكك.. ستتقسَّم، ولا سمح الله، فإن وقوع ذلك يعني بالمحصلة اندلاع حروب كبرى ومدمرة في المنطقة.
ولذلك، يمكننا القول بأن اجتماع منظمة التعاون الإسلامي المقبل، سيشكل فرصة مهمة لحل مشكلاتنا.
عن صحيفة الشرق القطرية