أثنت إلهام شرشر، زوجة اللواء
حبيب العادلي، آخر وزير داخلية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، على عناصر جماعة الإخوان المسلمين، وكتبت في حقهم مقالا بجريدتها "الزمان"، هذا الأسبوع، بعنوان: "ساعدونا حتى نساعدكم"، دعتهم فيه إلى "العودة لأحضاننا"، واستغلال طاقاتهم "في محاربة أعدائنا داخل الوطن"، مشددة على أنهم
مصريون، ومسلمون، وأخوة، وأبناؤنا في الوطن، ونشد عليهم بحنان، ولا خلاف بيننا"، و"الحب في الله يجمعنا".
ودعت "شرشر" الإخوان إلى تصالح سمته "التصالح الرشيد"، وتشكيل مجلس حكماء لإتمامه، مشيرة إلى أن مصلحة الإسلام والوطن تقتضي ذلك، متسائلة: "لماذا لا نحاول عمل تلك المصلحة، حتى ننقذ الأمة الإسلامية، من عمليات تفريخ الجماعات الأخرى كداعش وغيرها؟"، مؤكدة أن "الأولى بالمعاداة هو إسرائيل، وأنه يجب اتحاد المصريين، بمن فيهم الإخوان، ضدها".
وطالبت البرلمانيين بشحن كل الطاقات لإتمام المصالحة، و"لتأخذ وقتها، ولكن لنسرع فيها"، مخاطبة الإخوان بالقول إنه يحزنها أكثر "أنه حين دخول إسرائيل وأعوانها بلادنا لن تهونوا علينا، ولن نهون عليكم.. لأن الحب في الله الذي جمع بيننا وبينكم.. أقوى وأعظم من أي خلاف بيننا مهما بلغت".
ورغم أن مقال "إلهام شرشر" جاء مفعما بروح متعاطفة مع الإخوان، إلا أنها لم تشر فيه إلى فداحة المظالم التي تعرضوا لها، ولا إلى كيفية معالجتها، سواء على مستوى شهدائهم، أو أموالهم، أو تضحياتهم كافة، ولا الموقف ممن تسبب في سلوك المسلك الدموي معهم، وفي مقدمتهم السيسي، وطاقمه الأمني، الذي يضم محسوبين على نظام مبارك.
البداية هجوم على الإخوان
وفي بداية مقالها قدمت شرشر مفاهيم غير موضوعية عن الإخوان، متأثرة فيها بالنظرة الأمنية، فيما يبدو، إذ تساءلت: "من هم جماعة الإخوان المسلمين؟".
وأجابت: "هم جماعة كان لها، ولا يزال، من الفكر صاحب المصلحة الخاصة، الفكر الذي أربك المجتمع بأسره لسنوات طويلة، وأظلم الحياة الثقافية والفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والأخلاقية والقيمية طويلا".
وواصلت طرحها السلبي المنتقص بحق الإخوان قائلة: "كم عدد الذين ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين؟ كم يمثلون من عدد المصريين؟"، وأجابت: "تقريبا مليون.. 2 مليون.. لو قلنا.. أي 1% أو 2% من سكان الشعب المصري".
وأضافت: "حديثي هنا عن مجموعهم، وليس القلة القاتلة، أو أصحاب المصالح والأجندات المتورطين".
وعادت للتساؤل: "هل نظل منشغلين بأن نعاديهم، ونصنع أو نعمق بداخلهم وبداخلنا العدوانية، وأساليب الحروب، ليظلوا هم همنا وشاغلنا الأول والأخير بل الوحيد، منصرفين في ذلك عن هموم ومشكلات وأعباء الوطن الحقيقية التي تتطلب تفرغا.. تكاثفا.. تعاونا.. توحدا.. تفكرا.. تحتاج كل طاقات كل المصريين بمن فيهم الإخوان؟".
وتابعت: "إلى متى؟". وأردفت: "طيب.. لماذا لا نضرب أعداءنا بهم؟".
علينا أن نأخذهم في أحضاننا
وبعد هذا الطرح السلبي عن الإخوان، تغيرت لهجة زوجة حبيب العادلي في المقال، فقالت: "علينا أن نأخذهم (الإخوان) في أحضاننا، فنجهض المخطط والمؤامرة بذلك السلاح الذي يستخدمونه؟".
الإخوان أخوة وأبناء في الوطن
وتساءلت "شرشر" مجددا عن الإخوان: من هم؟ وأجابت: "إنهم مصريون.. إنهم مسلمون، وتحت "مصريون ومسلمون" مليار خط أحمر، يجعلنا نعمل المستحيل لإعادتهم لأحضاننا وأحضان الوطن، واستغلال طاقاتهم معنا في محاربة أعدائنا داخل الوطن، الذين تجرؤوا وبدؤوا يتحكمون في مقدرات المسلمين، في كل مكان على مرأى ومسمع من الجميع، بلا ضمير أو حياء أو رهبة، تلك الرهبة التي قتلتها فرقة المصريين وانقساماتهم".
واستطردت: "بعدما نجحوا في بذر بذور الفرقة بيننا وبينهم.. ليكون الإخوان المسلمون.. أعداءنا بدلا من إسرائيل، ونكون أعداءهم يتربصون بنا.. ينالون منا.. يمزقون عرانا.. بدلا من تحرير المسجد الأقصى".
وعلقت: "هل يعقل هذا؟ هل هذا منطق؟ هل هذا ذكاء؟ وإلى متى؟ لماذا لا نأخد بأيديهم؟.. فهم يحتاجوننا في تصحيح الأفكار.. الأفكار التي تمكنت من جهابذة علم ومن رموز العمل الإسلامي، بل والعالمي.. حين كانت تحدث لهم عمليات غسيل مخ المعروفة لصالح أعداء الوطن.. العروبة.. الإسلام".
وأردفت: "هم أخوة وأبناء في الوطن.. هذا إذا كنا أمناء مع الله، ومع أنفسنا، وأننا نعلي مصلحة الوطن فوق أي اعتبار".
وتساءلت: "أنا التي أقول ذلك؟".
وأجابت: "نعم.. لأن الله في قلبي أكبر من كل تلك الصغائر.. نعم الصغائر.. لأن مصلحة الإسلام والوطن أعظم مني ومن غيري مهما قاسينا.. فهم أغلى من كل غال".
وتساءلت مجددا: "لماذا لا نحاول عمل تلك المصلحة، حتى ننقذ الأمة الإسلامية.. ليس مصر وحدها.. من عمليات تفريخ الجماعات الأخرى مثل داعش وغيرها، التي تنتهز تجنيد جماعات كهذه.. للعبث في فكرهم، واستغلال طاقاتهم؟".
التكاتف ضد "إسرائيل" ضرورة
وعادت "إلهام شرشر" للتساؤل: "مَنْ الأولى بمعاداتهم: هم أم إسرائيل؟ لماذا نلقي بهم أدوات في يد إسرائيل؟ وغيرها؟ من بينهم شباب صغير وأطفال ونساء.. لم يلبسوا الحلة الإخوانية كاملة.. لماذا لا نلحق بهم من التأثر بذويهم؟ لنزيد من أعداء أعدائنا داخل وطننا؟".
وأضافت: "هناك من ينتمون تعاطفا أو نسبا أو ميراثا أو لدوافع أخرى.. لماذا لا نجمعهم ونضمهم معنا داخل الصف؟ لماذا لا نعطي أنفسنا الفرصة بذلك التصالح الرشيد؟".
لابد من مجلس حكماء عقلاء
وخلصت "شرشر" إلى أنه "لابد من مجلس حكماء عقلاء يجمعهم بسائر المصريين.. خبراء تربويون.. علماء نفس.. علماء اجتماع.. علماء دين.. حريصون على أن يخرجوا عن كتمان الدين، وكتم النصيحة.. وبدلوهم لصالح الوطن والدين".
وأكدت أنه "لن يكون "الإخوان المسلمون" أشد وعورة من جماعات السبعينيات والثمانينيات، وعادوا.. مراجعات.. ومصالحات.. واتفاقيات.. وفتحوا بابا جديدا ليصبحوا منا وعلينا بعد تجديد الثقة معهم.. هم أبناؤنا نشد عليهم بحنان.. ثم نتابعهم حتى ينخرطوا معنا ثانية مثل السابقين عليهم داخل صفوفنا".
واستدركت: "لكن السادة البرلمانيون المفروض أنهم أكثر اتساعا للأفق، وأكثر إحساسا بالمسؤولية التي يمارسونها، التي تستوجب شحن وشحذ كل الطاقات لإتمام المصالحة.. فلتأخذ وقتها، ولكن لنسرع فيها".
رسالة إلى "الإخوان المسلمين"
ثم وجهت زوجة "حبيب العادلي" رسالة إلى الإخوان "الإخوان المسلمين"، فقالت: "أقول لكم بيني وبينكم الله.. بيني وبينكم كتاب الله ورسوله.. حديثي إليكم يا من تبحثون عن الله حقا يا من تريدون كتاب الله صدقا.. يا من ترفعون سنة النبي يقينا وعهدا".
وتابعت: "إخواني.. الإخوان المسلمون.. ماذا تريدون؟ هل تعلمون أن الجيش المصري هو آخر الجيوش العربية، وآخر حصن للإسلام، والمسلمين في أرجاء المعمورة، فضلا عن البلاد العربية.. هل تعلمون أن إسرائيل.. لو لا قدر الله، وهذا لن يحدث، لأن مصر وجيشها حماهم الله.. ولكن يعني؟ ستحاربون بأي شيء؟ بالطوب أم بالحجارة؟".
استغاثاتكم تأكل قلبي.. لكن أنتم السبب
وتابعت "إلهام شرشر" القول: "صدقوني.. أنتم تؤلمونني كثيرا.. استغاثاتكم وأنتم لا تعرفون بعد من أنا؟ لا تزال تأكل قلبي، حرقة عليكم، لذلك أقول لكم ساعدوني حتى أساعدكم.. صدقوني.. يعز علي ما أنت عليه".
لكنها استدركت مبررة ما يحدث بحق الإخوان من مظالم فقالت: "لكن أنتم من جلبتوه على أنفسكم.. وعلى أهليكم.. وعلى أمهاتكم.. وعلى أبنائكم.. وعلينا جميعا".
الحب في الله يجمعنا.. ولا خلاف بيننا
وواصلت حديثها للإخوان: "صدقوني.. أنتم توجعوننا.. تؤلموننا.. يحزنني أكثر أنه حين دخول إسرائيل وأعوانها بلادنا.. لن تهونوا علينا، ولن نهون عليكم.. لماذا لأن الحب في الله الذي جمع بيننا وبينكم.. أقوى وأعظم من أي خلاف بيننا مهما بلغت".
وتابعت: "صدقوني.. لا خلاف بيننا.. صدقوني.. إسرائيل هي عدونا.. جميعا.. صدقوني.. لم يكن من الوقت كثيرا.. أراها قريبة جدا.. انضموا إلينا بحق الله ورسوله.. الذي تجتمع عليها أرواحنا.. برغم تفرق أجسادنا، وشرور أنفسنا".
وأردفت: "اسمعوني.. لو كان ما تبحثون عنه منهج الله والممارسة الدينية.. كونوا معنا.. في الزمان.. قدر الاستطاعة.. وأنا على "الفيسبوك" معكم.. قدر جهدي.. إلى أن يتحرك الأزهر الشريف يساعدنا في ذلك".
وتابعت: "الممارسة الدينية التي أعلم أنكم تحبونها، وتريدونها.. نحن جميعا عاشقون لله.. تعالوا معا نعيش في حب الله في النور".
وملمحة إلى إلغاء جماعة الإخوان نفسها استطردت: "إذا كنتم تريدون الله ورسوله.. لله ورسوله.. إذن لماذا الجماعات؟ هل لا تعلمون؟ أم أنتم لا تنسون؟ سوف تقبض أرواحنا وحدنا، مع ملك الموت وحدنا، رفيقنا هو عملنا.. سوف ننزل القبور فرادى.. سوف نسير على الصراط المستقيم فرادى، سوف نأتي الله فرادى".
وأضافت: "حزني عليكم.. من حزني على ديني.. من حزني على الإسلام، والتشفي فيه.. لهذه الفرقة بيننا وبينكم.. من حزني على رسول الله لأننا أصبحنا لسنا أتباعا له.. دخل بيننا الغل والحقد، والانتقام والتشفي والشماتة.. إذن بعدنا عن منهج السماحة والرحمة.. الذي ما كان "صلى الله عليه وسلم" في الدنيا إلا من أجله".
وعادت مجددا لسؤال الإخوان: "هل يهون عليكم القرآن الكريم؟ الذي أحرقوه (الأعداء) وداسوه بالأقدام.. لأننا لم نلتزم فيه بعصمته.. وهو الاعتصام بحبل الله جميعا دون تفرق أو افتراق.. فأضعفتم منه.. لأننا حين تخلينا عن عصب القرآن في ذلك التوحد.. أضعفناه فأضعفنا أنفسنا".
وأردفت: "نعم.. الدين يوحد.. ويجمع.. ويوم ألا يوحد وألا يجمع إذن لا دين".
واختتمت مقالها بالقول: "أرجو من الجميع أن يفتحوا صدروهم لدعوتي، وأن يتقبلوا رسالتي، وأن ينزلوها المنزلة التي يرتضيها الله ورسوله، وأسأل العزيز القدير أن يتقبلنا بها في شهر كريم.. قال تعالى: "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم".. صدق الله العظيم".
مبادرة "إلهام شرشر" شخصية أم موجهة؟
ويذكر أن "إلهام شرشر" هي زوجة وزير الداخلية المصري حبيب العادلي، المتهم بالفساد والتسلط على المعارضين، وتعذيبهم والتنكيل بهم، فضلا عن الإثراء غير المشروع، في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وأصدرت - منذ قرابة شهرين - جريدة أسبوعية سمتها "الزمان"، تنشر فيها مقالاتها المطولة، المتسمة بالجرأة والحركية والروح الإسلامية التي يندر وجودها بين كبار المسؤولين في مصر، وزوجاتهم، ولا يعرف هل تكتب بحرية أم أنها تنسق مع الأجهزة الأمنية بمصر بشكل غير مباشر، أو تستخدمها تلك الأجهزة أداة لجس نبض الإخوان تجاه مسألة المصالحة، التي يرى مراقبون أن نظام حكم رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي يلجأ إليها لتمرير انتكاساته الداخلية.