برز الحديث عن "معركة
صنعاء" من جديد إلى واجهة المشهد
اليمني، كآخر المعارك التي يمكن من خلالها استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب بالقوة العسكرية، في ظل تقدم ملحوظ للقوات الحكومية مكنها من الوصول إلى مشارف صنعاء، لاسيما بعد فشل مشاورات الكويت بين الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة "أنصارالله" (الحوثيين) وجناح علي عبد الله صالح في حزب المؤتمر الشعبي العام.
أسباب عدة فرضت معركة صنعاء حسب مركز "أبعاد" للدراسات، أهمها "هروب الحوثيين إلى الإمام بتشكيل مجلس سياسي مناصفة مع صالح، واستخدام مؤسسة البرلمان في شرعنه الانقلاب الثاني" الذي أسقط آخر مرجعيات الحكم الانتقالي "المبادرة الخليجية"، وهو ما شجع التحالف العربي بقيادة السعودية لدعم العمل العسكري، إضافة إلى عودة عمليات الحوثيين وحلفائهم على حدود اليمن مع المملكة.
وتوقع المركز اليمني في تقرير حديث وصل "
عربي21" نسخة منه، الأربعاء، سقفا زمنيا لـ"معركة الفرصة الأخيرة" في صنعاء، يتراوح ما بين "شهرين وأربعة أشهر"، نظرا لأهميتها كمركز إداري ومالي استخدمه الحوثيون للسيطرة وبقاء سلطتهم الانقلابية.
أهمية نهم الاستراتيجية
وقال التقرير إن قوات
الشرعية اختارت أن تكون معركتها الكاسرة مع الانقلابيين على مشارف العاصمة صنعاء وبالتحديد في منطقة
نهم لأسباب جيو عسكرية، تشير إلى أن من يفرض سيطرته عليها يفرض نفوذه على هذه المنطقة الكبيرة ومحيط صنعاء.
البعد الجغرافي لنهم، أحد أهم تلك الأسباب، فهي البوابة الشرقية للعاصمة التي تتساوى من حيث مساحاتها المقدرة بـ (1841) محافظتي "صعدة (شمالا) وعدن (جنوبا) إضافة إلى تضاريسها الوعرة، واتصالها بالطوق القبلي من الشمال "أرحب وبني الحارث وهمدان" و"بني حشيش وخولان وسنحان" من جهتي الغرف والجنوب.
من جانب آخر، عسكريا تشكل السلاسل الجبلية الممتدة من مفرق الجوف ومأرب صعودا إلى منطقة (مسورة) في بلدة نهم، ومن ثم جبل المنارة الذي يهيئ السيطرة عليه السيطرة على مرتفع مهم جدا على بعد 25 كيلومترا (تل بن غيلان).
وتمكن السيطرة على "التل" قوات الجيش اليمني من إحكام قبضتها على أهم معسكرات صنعاء الواقعة تحت قبضة الحوثيين وقوات صالح، وهي الصمع الذي يتألف من اللواء 83 مدفعية والفريجة الذي يتمركز فيه للواء 62 مشاة، ومعسكر بيت دهرة وفيه اللواء 63 مشاة، وهو ما يعني السيطرة عمليا على مطار صنعاء وإطباق الحصار على العاصمة من الشرق نهم والشمال أرحب. حسب تقرير أبعاد.
سيناريوهات معركة صنعاء
وطرح التقرير الصادر عن مركز "أبعاد" ثلاثة سيناريوهات لمعركة صنعاء التي تخوضها القوات الحكومية بإسناد من المقاومة الشعبية وقوات التحالف مع المتمردين الحوثيين وقوات المخلوع علي صالح.
ويشير السيناريو الأول إلى "اجتياح صنعاء عسكريا وإسقاط الانقلاب بالقوة"، وهو ما يعد انتصارا للشرعية، ولكن عامل الوقت وحجم الدعم المقدم من التحالف قد يحددان نجاح وفشل هذا السيناريو.
أما السيناريو الثاني حسب المركز فهو القيام بعمليات عسكرية محدودة في محيط صنعاء والاكتفاء بحصارها لفرض الاستسلام على الانقلابيين والقبول بالعودة خطوة إلى الوراء تتمثل في تنفيذ القرار الدولي رقم 2216. مشيرا إلى "تحقق هذا الأمر في حال حدوث انشقاقات داخل معسكر الانقلابيين، لكنه استبعد وقوعها في الوقت الراهن".
يذكر أن انطلاق جولة جديدة من المشاورات السياسية، قد تجمد العمليات العسكرية، كسيناريو أخير يوقف قوات الجيش اليمني منتصف الطريق، ما يعيد للطرف الآخر ترتيب أوراقه تمنحه الفرصة لفتح معسكرات تجنيد جديدة والحصول على سلاح نوعي تضمن له السيطرة على الدولة وابتلاعها.
عوامل القوة لدى الشرعية
ولفت مركز أبعاد في تقريره إلى عوامل القوة التي مهدت وصول قوات الشرعية والمقاومة الشعبية إلى مشارف العاصمة اليمنية وتتلخص أهمها الجاهزية القتالية والتدريب الكافي والسلاح النوعي، حيث تمتلك الحكومة 100 ألف مقاتل يتوزعون على 10 ألوية فاعلة في أكثر من خمسة محاور عسكرية ضمن ثلاثة مناطق عسكرية مهمتها الحسم العسكري في صنعاء، 70% من مقاتليها اجتازوا تدريبا نوعيا لأكثر من عام ونصف.
وأشار إلى أن بقاء محافظة مأرب محررة كمقر قيادة وسيطرة ساهم في ترتيب الوضع العسكري واستقبال المجندين والعسكريين الفارين من مطاردة الانقلابيين. مؤكدا أن تعرض معسكرات الانقلابيين لخسائر كبيرة جراء ضربات جوية دقيقة لقوات التحالف أدت إلى منع تحريك آليات قتالية أيضا، إضافة إلى أن انتصار الجيش والمقاومة في الجوف، أمن الخطوط الخلفية للقوات في نهم.
كما أن تشكيل مجلس أعلى للمقاومة في صنعاء بقيادة شخصيات اجتماعية كان له التأثير على المحيط القبلي، الذي وفر حاضنا اجتماعيا داعما لوجستيا وبشريا للقوات الحكومية. وفقا للمركز.
ويلفت التقرير إلى أن تزايد الانشقاقات في أوساط العسكريين التابعين للميلشيات الانقلابية مع كل تقدم للجيش الوطني والمقاومة، تسبب في اهتزاز معنويات الحوثيين وقوات صالح، والتي كان آخرها انضمام كتيبتين أحداها تابعة للواء العمالقة في عمران (شمال صنعاء) الذي سيطر عليه الحوثيون مؤخرا، وأخرى تابعة للواء حرس جمهوري موالي لصالح.