ملفات وتقارير

المصريون يغرقون بالبحر.. الجيش يتفرج والحكومة تحبس الناجين

مصر
سادت حالة من الغضب بين أهالي المفقودين في مركب الهجرة غير الشرعية التي غرقت يوم الأربعاء الماضي قبالة السواحل المصرية بالبحر المتوسط، وعلى متنها مئات المهاجرين غير الشرعيين.
 
وكان مركب يحمل أكثر من 450 شخصا من المهاجرين غير الشرعيين من مصر وسوريا والسودان والصومال وإريتريا، قد تعرض للغرق يوم الأربعاء أمام مدينة رشيد.
 
وأعلنت وزارة الصحة انتشال 165 جثة حتى مساء الجمعة.
 
الأهالي يقطعون الطريق الدولي
 
وتظاهر المئات من الأهالي الغاضبين احتجاجا على تقاعس السلطات عن انتشال جثث ذويهم من مياه البحر، وقطعوا الطريق الدولي الساحلي، وأكدوا أن جهود الإنقاذ تتم بمعرفة الصيادين، دون أي مساعدة من السلطات.
 
وطالب المتظاهرون القوات المسلحة وخفر السواحل باستغلال إمكانياتها في انتشال الضحايا، بدلا من ترك الصيادين والمواطنين يحاولون بإمكانياتهم المتواضعة البحث عن ذويهم في عرض البحر لليوم الثالث على التوالي.
 
وقال شهود عيان من الناجين أن مئات الجثث لا تزال في مخزن داخل المركب الغارق بقاع البحر، ولابد من انتشال المركب وتعويمه حتى يتم استخراج جثامين الضحايا.
 
وبحسب روايات شهود العيان من الناجين، فإن المهاجرين على متن المركب الغارق لم يشاهدوا قوات خفر السواحل إلا بعد مرور أكثر من سبع ساعات على غرق المركب، وأن الصيادين هم من أنقذوا عشرات الناجين وأوصلوهم إلى الشواطئ.
 
تقييد الضحايا
 
وأثارت صور الناجين من الغرق وهم مقيدين "بالكلابشات" داخل المستشفيات غضب المصريين، بعد أن ألقت السلطات القبض عليهم وعاملتهم باعتبارهم مجرمين.
 
وبعد أن تعالت الأصوات الغاضبة جراء المعاملة السيئة للضحايا، قدم محمد سلطان محافظ البحيرة اعتذاره عن تقييد الضحايا في الأسرة بالكلابشات، مؤكدا أن قرار حبسهم رغم إصابتهم يخص النيابة العامة التي تجري تحقيقات معهم.
 
وأوضح سلطان، في مداخلة هاتفية مع قناة "دريم" مساء الجمعة، أنه يشعر بالأسى والتعاطف مع الضحايا بسبب المشقة والمعاناة التي واجهوها منذ غرق المركب، مشيرا إلى أن النيابة أصدرت قرارا بالإفراج عنهم وتسليمهم إلى ذويهم.
 
اجتماع عاجل بعد ثلاثة أيام من الكارثة!
 
وبعد ثلاثة أيام من وقوع الكارثة، تحركت الحكومة، حيث أعلن مجلس الوزراء أن الحكومة شريف إسماعيل تتابع عمليات البحث وانتشال جثث الضحايا، وأنه أجرى اتصالات بوزيري الصحة والتضامن الاجتماعي، ومحافظي البحيرة والاسكندرية وحثهم على تكثيف الجهود في هذا الصدد.
 
وأكد بيان لمجلس الوزراء الجمعة، أن إسماعيل أجرى اتصالا هاتفيا بالنائب العام، وطالبه بسرعة إنهاء إجراءات استخراج شهادات الوفاة للضحايا، معلنا عقد اجتماع وزاري عاجل يوم السبت لبحث تداعيات الحادث.
 
وتعهد رئيس الوزراء بتوفير كل الموارد الممكنة لجهود الإنقاذ، مشددا على أن المسؤولين عن الحادث لابد أن يقدموا سريعا للعدالة.
 
البحث عن الحياة عن طريق الموت
 
وبسبب التقاعس الحكومي الهائل واللامباراة في التعامل مع الفاجعة، انتقد سياسيون ونشطاء استهانة السلطات بأرواح المصريين.
 
وطالب محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق، السلطات بإعلان حالة الحداد على أرواح الضحايا تقديرا لقيمة الحياة الإنسانية، مضيفا عبر "تويتر": "في غياب الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية والأمل في مستقبل أفضل ستتكرر المأساة، ليتنا نتعظ".
 
وقال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، إن "المهاجرين غير الشرعيين ضحايا يجب التعاطف معهم، فهم يهربون من واقع صعب سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، ويبحثون عن فرصة للحياة عبر طريق الموت".
 
كما علق عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، على الحادث بقوله إن "الغرقى هم من أبناء مصر الغلابة ضحايا نظم حكم الفاشلة التي ابتلي بها الوطن ونهبت ثرواته، مشددا على أن مجموعة من الفاشلين والفاسدين استهانوا بحياة وكرامة الإنسان".
 
أما هاني سري الدين، رئيس هيئة سوق المال الأسبق، فقال إن "الهجرة الشرعية وغير الشرعية في ارتفاع، فالغربة داخل الوطن أصبحت أكثر قسوة من الغربة خارجه". مضيفا أن "الشعور بالظلم الاجتماعي وامتهان الكرامة وانعدام الأمل في غد أفضل، هي أسباب الهجرة غير الشرعية رغم أنها رحلة موت وقهر".
 
ظواهر جديدة
 
وأكد ناجون أن نحو 90% من ركاب المركب المنكوب، كانوا من الأطفال المصريين الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما.
 
ولأول مرة، شهدت هذه الكارثة محاولة أسر مصرية بالكامل ومعهم نساؤهم وأطفالهم الهجرة من البلاد بطريقة غير شريعة عبر البحر، بعد أن كانت هذه الظاهرة مقتصرة على الأفارقة والسوريين.
 
أما الظاهرة الجديدة الأخرى فهي تقديم المهربين تسهيلات كبيرة للمهاجرين، حيث تم الاتفاق على تأجيل دفع تكاليف الرحلة لحين التأكد من الوصول إلى أوربا عن طريق أقاربهم في مصر، بخلاف ما كان يحدث في السابق، من الدفع مقدما.
 
كما تم تقديم تخفيضات للعائلات بحيث يدفع الفرد 30 ألف جنيه مصري، أما الأسرة المهاجرة فتدفع 55 ألف جنيه فقط!