حذرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في افتتاحيتها من مخاطر التقارب والدفء الأمريكي الجديد تجاه
إسرائيل، مشيرة إلى أنه قد يغري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو بمواصلة سياسة التوسع والضم الخطيرة.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إن "آخر ثلاثة رؤساء أمريكيين بذلوا جهودهم لتأكيد أهمية حل الدولتين للنزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومع أن أيا منهم لم يتقدم بخطوات لجعل الدولة الفلسطينية حقيقة، لكنهم اعتقدوا أن وجودها مصلحة أمريكية وإسرائيلية في الوقت ذاته".
وتشير الصحيفة إلى أن "الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، أظهر بشكل واضح أنه داعم لسياسة الائتلاف الحكومي في إسرائيل الساعي للضم، حيث أظهر أن لا طموح له في المساعدة في إئشاء الدولة الفلسطينية، بالإضافة إلى أنه يفكر في الاعتراف بمزاعم إسرائيل بأن القدس عاصمة لها، من خلال نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إليها، ما سيؤدي إلى إشعال المشاعر الدينية في المنطقة، ولن تستطيع إسرائيل تحسين علاقاتها مع جيرانها العرب".
وتعلق الافتتاحية قائلة إن "موقف ترامب صادق؛ لأن رؤساء الولايات المتحدة لم يقدموا إلا كلاما، لكنهم كانوا يعرفون أهمية إسرائيل لسمعة الولايات المتحدة في المنطقة، ولهذا فإنهم كانوا يؤدون دور الضابط لتصرفاتها، وعليه فإن التخلي عن هذا الدور سيكون خطيرا لإسرائيل، مثلما هو خطر على الفلسطينيين".
وتبين الصحيفة أن "حكومة
نتنياهو فسرت وصول ترامب إلى البيت الأبيض بأنه الضوء الأخضر للاحتفال ببناء
مستوطنات في الضفة الغربية، فعلى مدى أيام قليلة فقط، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن بناء 3066 وحدة سكنية جديدة، وفي حالة مضى نتنياهو قدما بضم مستوطنة معاليه أدوميم إلى القدس الشرقية، فإنه سيقضي على فكرة قيام الدولة الفلسطينية".
وتقول الافتتاحية: "في الحقيقة، فإن إمكانية عيش الفلسطينيين والإسرائيليين جنبا إلى جنب وفي دولتين منفصلتين تراجعت خلال السنوات الماضية، حيث أعلن وزير الخارجية السابق جون كيري، الذي كرس ساعات لا تحصى لتحقيق نتيجة كهذه، عن وفاة هذا الحل، في خطابه الوداعي من منصب وزير الخارجية الشهر الماضي".
وتفيد الصحيفة بأنه "عندما يصبح حل الدولتين ضربا من الخيال، وتؤكد هذا الأمر المستوطنات الجديدة كلها، فإن احتمال وجود دولة إسرائيل الكبرى، أو دولة واحدة تتضمن الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، قد يفرح المتشددين الصهاينة في إسرائيل والولايات المتحدة، إلا أن (الدولة الواحدة) ستكون ضدهم في نهاية المطاف".
وتبين الافتتاحية أن "بقاء خيار حل الدولتين على الطاولة لم يعط المجتمع الدولي الدافعية للضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان، على فرضية أن بعضها ستتم مبادلتها في أي حل مع الفلسطينيين، وأهم من هذا كله، كما قال رئيسا وزراء إسرائيل السابقان أيهود باراك وأيهود أولمرت، فإن حل الدولة الواحدة سيؤثر في المبادئ التي قامت عليها إسرائيل، وهي أن تكون دولة ديمقراطية لليهود".
وتجد الصحيفة أن "التغيرات الديمقراطية ستجعل من الموازنة بين المبدأين أمرا صعبا، ففي العام الماضي تساوى عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية وداخل إسرائيل مع السكان اليهود".
وتلفت الافتتاحية إلى أن باراك حذر من مخاطر الدولة الواحدة، التي تريد أن تكون دولة لليهود فقط، وقال: "لو لم يسمح لهذه الكتلة من الفلسطينيين بالتصويت فإنها ستكون دولة تمييز عنصري"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة ستجد نفسها مدفوعة لمساءلة علاقاتها مع هذه الدولة في ظل هذه الظروف.
وترى الصحيفة أن "النتيجة الوحيدة لموت حل الدولتين، هي تحول إسرائيل لدولة ذات غالبية عربية، أو ترحيل الفلسطينيين لمنع تحقق هذا السيناريو".
وتنوه الافتتاحية إلى أنه "في الوقت الذي يشعر فيه نتنياهو بسعادة غامرة؛ لوجود حليف له في البيت الأبيض، الذي سيستخدم حق النقض (الفيتو) ضد قرارات مجلس الأمن التي تشجب إسرائيل، فإن عليه إدراك المخاطر طويلة الأمد عندما يتصرف دون ضبط أو قيد".
وتختم "فايننشال تايمز" افتتاحيتها بالقول: "لا أحد يشك في إخلاص ترامب بكونه صديقا جيدا لإسرائيل، إلا أن هدوءه وتوسعات نتيناهو يحملان مخاطر تسريع مسار الأمة نحو خاتمة خطيرة".