أثارت الاستعدادات الجارية لعقد "
المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" في إسطنبول نهاية الشهر الجاري، حفيظة
منظمة التحرير الفلسطينية التي اعتبرته مسا بتمثيلها ودروها وكينونتها.
وتعرض المؤتمر الذي تشارك فيه عشرات الشخصيات الفلسطينية الاعتبارية، لهجوم من دائرة المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية، التي حذرت في بيان لها مما وصفته "الاستخدام الفئوي للثوابت الوطنية والعبث بالصفة التمثيلية للمنظمة".
ويرفض رئيس السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير محمود عباس حتى اللحظة تنفيذ مقررات المصالحة الفلسطينية المتعددة في كل من القاهرة ومكة والدوحة، والتي جرى فيها الاتفاق على اعادة إصلاح وتفعيل منظمة التحرير وعقد انتخابات المجلس الوطني بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها حركات المقاومة وعلى الأخص منها حماس والجهاد والاسلامي .
، فما الذي أثار حفيظة المنظمة، وما الذي تخشاه من انعقاد مثل هذه المؤتمرات الشعبية، التي يرى فيها فلسطينيو المهجر سلوى لغربتهم، وتفعيلا لدورهم المغيب عن دوائر القرار الفلسطيني.
ليس بديلا
وفي رده على بيان وهجوم المنظمة، اعتبر محمد مشينش رئيس جمعية التضامن مع فلسطين " فيدار" ورئيس مؤتمر فلسطينيي تركيا ، أن المؤتمر لا يشكل بديلا عن منظمة التحرير، بل جهدا رافعا ومحركا للحالة الفلسطينية في الخارج.
إقرأ أيضا : هل فشلت جهود موسكو في إنجاز المصالحة الفلسطينية؟
وأشار مشينش الذي يشارك في المؤتمر، أن القائمون يؤكدون حالة المنظمة، باعتبارها الممثل للشعب الفلسطيني، لكنهم ينادون ككل الفلسطينيين بوجوب النهوض بواقعها.
وعن هجوم المنظمة وتشكيكها بأهداف المؤتمر قال مشينش في حديثه لـ"
عربي21" ،:"المنظمة أخطأت في هذا السلوك، يفترض أن تكون جسما يضم أي حراك وطني يصب في مصلحة القضية الفلسطينية، مضيفا:"لا يملك أحد أن يحجر على الشخصيات الفلسطينية أداء دورها النضالي والوطني".
لكن مشينش أشار أن دور المنظمة القائم لا ينسجم مع الاحتياجات الموجودة خارج الوطن، وفي
الشتات، وأضاف :"الفراغ الذي تركته المنظمة لاشك أنه سيملأ من قبل الشخصيات الوطنية، والمؤتمر الشعبي في إسطنبول يركز على جميع شرائح المجتمع الفلسطيني كافة، ولا يعنى بالشأن السياسي فقط".
إقرأ أيضا : لجنة تحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني.. لماذا الآن؟
وبين مشينش أهداف المؤتمر قائلا":" القائمون على المؤتمر يريدون أن يخرجوا بنتيجة عملية تؤدي إلى النهوض في الحالة الفلسطينية في الشتات، من أجل عودته لدوره التاريخي والنضالي، بعد أن أصبح بعيدا عن القرار والاهتمام الرسمي الفلسطيني.
وتابع:"ترك الشتات الفلسطيني بلا عنوان؛ يعتبر مشكلة والمؤتمر يأتي استكمالا للموروث النضالي الفلسطيني وأقصد هنا منظمة التحرير، وكل القائمين على المؤتمر لا يريدون التعرض لهذا الموروث التاريخي، والكل مع بقاء منظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني، لكن يجب أن يفعل دورها".
وعن الاستفراد بالقرار الفلسطيني قال مشينش، :"لا أحد يملك احتكار القرار الفلسطيني، فالشتات الفلسطيني يمتد لكل دول العالم، وبه أكتر من 7 مليون فلسطيني، ولا يصح أن يهمشوا بهذه الطريقة الحاصلة".
المنظمة تشارك
وفيما يتعلق بالمشاركين في المؤتمر أكد مشينش أن شخصيات كثيرة من كافة ألوان الطيف الفلسطيني ستشارك من سياسيين ومفكرين، ونشطاء، وأكاديميين، وكتاب، مشيرا أن أعضاء في منظمة التحرير نفسها ربما يشاركون أيضا.
ولفت إلى أن الكثيرين من أعضاء المنظمة يشعروا بحالة الفراغ الموجودة في الخارج وهم منسجمون مع الحالة ويدعون لوجود حراك خارج فلسطين للملمة الشتات.
بدوره أكد المتحدث الرسمي باسم "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" زياد العالول، في بيان له اطلعت عليه "
عريي21" على مشاركة عدد من القيادات التاريخية في منظمة التحرير الفلسطينية وأعضاء المجلس الوطني والشخصيات الوطنية في المؤتمر والإعداد له.
وقال العالول: "المؤتمر مفتوح لمشاركة الشعب الفلسطيني بكامل مكوناته، المسيحية والإسلامية، وبجميع تياراته السياسية، ومن كل دول الشتات في العالم العربي وفي أوروبا الغربية والشرقية والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية".
سياسة التخوين
من جهته قال المحلل السياسي الدكتور أحمد محيسن أن منظمة التحرير تهمش الفلسطينيين في الشتات والمهجر تهميشا ممنهجا و يتم تجاوز دورهم في المشهد النضالي الفلسطيني.
وفي مقال له نشرته "
عربي21" انتقد الكاتب ما سماه حالة التسلط وحالة الاستفراد التي تمارسها المنظمة بحق فلسطيني الشتات، ساخرا :"نشكر دائرة المغتربين وهي تحذر من أن أي لقاء فلسطيني بدون أخذ الإذن منها.. لأنها هي الوصية الوحيدة على فلسطين وعلى الفلسطينيين.. رغم انتهاك حرماتها وشطبها وتذويبها وعدم بقاء شيئ يذكر منها سوى اسمها وبعض المتحدثين باسمها".
إقرأ أيضا : مع رفض فتحاوي.. هل تنجح مبادرة شلح بلمّ الشمل الفلسطيني؟
وعن سياسة التخوين والاتهام بالتآمر لأي نشاط وطني في الشتات، لفت الكاتب لدور رئيس السلطة محمود عباس في الاستحواذ على قرارات المنظمة وقال :" أي لقاء فلسطيني في الشتات لا يخرج من عباءة الآمر الناهي في قصره العاجي في المقاطعة .. فهو لقاء تآمري ويخدم العدو ويفسخ الصف المفسوخ .. ويخرج عن الصف الوطني الفلسطيني.. ".
وتابع الكاتب "السلطة العليا للمنظمة قد تبخرت وذابت ولم تعد موجودة وهدمت بمعول الهدم والعبث بقضيتنا".
تشكيك بالأهداف
وكانت دائرة شئون المغتربين في منظمة التحرير شككت في أهداف وهوية المؤتمر، وأبدت في بيان لها اطلعت عليه "
عربي21" استغرابها من تجاهل القائمين على المؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية، ودوائرها وخاصة دائرة شؤون المغتربين ودائرة شؤون اللاجئين، واعتبرت ذلك انكارا للدور الذي تضطلع به المنظمة ودوائرها تجاه الفلسطينيين في الشتات.
كما حذرت المنظمة مما وصفته الرهان على المحاور الإقليمية ومنابرها المعروفة، والاستقواء بها على المؤسسات الرسمية الفلسطينية .
ويعقد في إسطنبول "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" يومي 25 و26 شباط /فبراير الجاري ،ضمن تظاهرة فلسطينية هي الأكبر والأنظم لفلسطينيي الشتات، ويسعى فلسطينيو الخارج لتفعيل دورهم في صياغة مستقبل قضيتهم، ومستقبلهم ، والتأكيد على حقهم في العودة إلى ديارهم حسب بيان الهيئة التحضيرية للمؤتمر.