سياسة عربية

هل احتجاجات عمال مصر شرارة ثورية ضد الانقلاب؟ (شاهد)

عدد العاملين في مصر يبلغ 23.829 مليون عامل من بين تعداد الدولة البالغ 92 مليونا - أرشيفية
شهدت مصر، الأربعاء، ثلاثة إضرابات لـ4500 عامل بمصانع غزل المحلة الكبرى، ومئات العمال بمصنع اسمنت بني سويف، إلى جانب عمال شركة المقاولون العرب العاملين بالعاصمة الإدارية الجديدة؛ وذلك للمطالبة بحقوقهم المادية والمالية والمطالبة بتحسين أحوالهم المعيشية، وسط تجاهل حكومي.

وتأتي تلك الاحتجاجات العمالية وسط توقعات من المحللين أن تكون بداية لانطلاق شرارة ثورية ضد النظام العسكري؛ في ظل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وسوء سياسات الانقلاب الاقتصادية، مذكرين بدور الاحتجاجات العمالية في انطلاق الثورة ضد المخلوع مبارك.

صرخة عمالية

 وشهدت شركة غزل المحلة توقف العمل بثمانية مصانع، الثلاثاء والأربعاء، واضراب 4500 عاملا بسبب عدم صرف العلاوة الاجتماعية لهم بنسبة 10 في المائة، فيما تشهد الشركة الأعرق في قطاع الغزل والنسيج بمصر؛ احتجاجات عمالية على فترات.

إقرأ أيضا: مصر تستبق زيارة صندوق النقد برفع الأسعار.. وخبراء يحذرون

ونظم عمال مصنع أسمنت بني سويف المحالين على المعاش المبكر عدة مسيرات بشوارع مدينة بني سويف (جنوب) الأربعاء، احتجاجا على امتناع الشركة عن تنفيذ حكما يقضي بعودتهم لعملهم.

كما شهدت العاصمة الإدارية الجديدة احتجاجات واسعة لعمال شركة المقاولون العرب، التي تقوم بأعمال إنشائية بالمدينة بعد خروج الشركة الإماراتية والصينية من العمل؛ ويطالب عمال الشركة الوطنية بتحسين أحوالهم المعيشة.



كل الاحتمالات مفتوحة

وفي تعليقه على إضرابات العمال وإمكانية تحولها لثورة ضد النظام؛ أكد رئيس حزب الجيل الديمقراطي، ناجي الشهابي، "أن النار تحت اللهيب وكل الاحتمالات مفتوحة وصبر الشعب بدأ يضيق من الغلاء الذي حول حياتهم إلى معاناة حقيقية سببتها السياسات الاقتصادية الفاشلة للحكومة وعجزها عن الوفاء بمتطلبات الجماهير".

وقال الشهابي، لـ"عربي21"، إن "تعدد الإضرابات ما بين المحلة وبني سويف والعاصمة الإدارية الجديدة؛ ينذر بعواقب وخيمة وخاصة مع قرب انتهاء مهلة الشهور الستة التي طلبها  عبدالفتاح السيسي لتحسين الأحوال".

واتخذت سلطات الانقلاب إجراءات تقشفية ورفعت أسعار السلع والخدمات مرات عدة، وخضعت لشروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بـ12 مليار دولار، ما أدى لتراجع سعر الجنيه مقابل الدولار، وسط زيادة عجز الميزان التجاري بعشرات المليارات من الدولارات، وغضب شعبي من تلك السياسات.

حكومة عاجزة وبرلمان فاقد الثقة

وأضاف الشهابي أنه "يمكن للحكومة أن تحتوى هذه الاحتجاجات وغيرها قبل تفاقمها؛ بتغيير السياسات التي أدت للحالة السيئة التي يعيشها المواطن. مطالبا بتغيير وزاري يشمل رئيس الوزراء ذاته ووزراء المجموعة الاقتصادية ووزراء الخدمات".

وحول دور البرلمان، قال البرلماني المصري إن الشعب فاقد الثقة بالبرلمان، واعتبر أنه "مسئول مسئولية مباشرة فيما آلت إليه أحوال البلاد والعباد بتخليه طواعية عن قيامه باختصاصاته الرقابية ومحاسبة الحكومة على قراراتها مثل تعويم الجنيه وتحرير سعر صرف الدولار ورفع الأسعار والتي لم تعرض علي البرلمان بالمخالفة للدستور"، معتبرا أن البرلمان "أصبح مفعولا به وأرتضى ذلك الوضع".

قبضة الدولة الغليظة

من جانبه أكد رئيس اللجنة القانونية في حزب الحرية والعدالة، المحامي، مختار العشري، أن الاحتجاجات الفئوية لم تتوقف خلال الفترة السابقة إلا قليلا.

وأضاف العشري لـ"عربي21"، أن "تواصل الإضرابات العمالية والمطالب الفئوية ليس دليلا على أن تلك الاحتجاجات شرارة لاحتجاجات واسعة"، مشيرا إلى أن احتجاجات ما قبل تشرين الثاني/ يناير 2011 "ليست هي السبب في الثورة، وإن كانت سببا من عدة أسباب لاندلاع الثورة".

وأوضح العشري أن "العمال من الفئات الضعيفة التي تستطيع الدولة بقبضتها الغليظة؛ الضغط عليها لوقف مثل الاحتجاجات وإن لم تستجب لمطالبهم".

وتشن السلطات المصرية حملات أمنية بشكل يومي ضد المعارضين لسياساتها وتمنع التظاهر بقانون اعتبره الكثيرون سيئ السمعة، وتقوم بعمليات إخفاء قسري لمئات المعارضين، وتزج بالآلاف في السجون بتهم التظاهر، فيما يعد العمال هم الفئة الأكثر تعرضا لتلك التجاوزات.

وأكد العشري على ضرورة توجيه هذه الاحتجاجات للتخلص من الانقلاب العسكري، وقال "هنا يأتي دور الإعلام والقيادات العمالية والثورية في الخارج التي يمكن أن تسلط الضوء بشكل كبير وتوضيح عدالة قضايا العمال وأنهم طليعة الثورة وتذكيرهم بدورهم في كل الثورات في العالم". 
الصفوف المناهضة

وترى الكاتبة الصحفية أسماء شكر، أن الاحتجاجات العمالية لن تكون شرارة لأي ثورة وخاصة في تلك المرحلة، واعتبرتها "موجات من السحب التي تتراكم لزيادة الصفوف المناهضة للنظام المصري".

وقالت شكر لـ"عربي21"،  "رغم أن تلك الإضرابات قامت نتيجة سلب العمال حقوقهم المقررة لهم قانونا وعرفا؛ إلا أن الدولة تكون أحيانا مُستفيدة من تفاقُم الأوضاع داخل بعض المؤسسات التي يدخل عمالها في إضراب، وتسعى لتخسير ما تبقى من هذه القطاعات لخصخصتها، لذلك لا تدخل الدولة لحل أزمة العمال في مصر".

وتواصل سلطات الانقلاب نفس سياسات نظام حسني مبارك في خصخصة شركات حكومية، فيما طالت يد الإهمال القطاعات الحكومية ليتصدر الجيش المشهد الاقتصادي بكافة القطاعات.

وأكدت شكر أنه "يجب علي مناهضي الانقلاب الوقوف بجانب العمال ودعمهم في أي إضراب يقومون به؛ لأن مطالبهم مشروعة وكل ما يريدوه هو الحصول على حقوقهم المهدورة".

ويبلغ عدد العاملين في مصر 23.829 مليون عامل من بين تعداد الدولة البالغ 92 مليونا، فيما ارتفعت نسب الفقر بين السكان، إلى 27 في المائة في 2016، حيث يقع 30 مليون مصري تحت خط الفقر، ويعيشون بأقل من 1.5 دولار في اليوم، حسب تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.