ملفات وتقارير

هكذا تعامل مرسي مع أزمات سيناء.. وهذا ما يصنعه السيسي

قام مرسي بأربع زيارات علنية لسيناء خلال سنة من حكمه- أرشيفية
"تعدّ سيناء مؤشرا واضحا بين عهدين؛ الأول عسكري طويل فرّط في الأرض التي ارتوت بدماء المصريين، ورهنها في بيت الطاعة الإسرائيلي، والثاني عهد وطني ديمقراطي قصير حاول أن يجعل سيناء قاطرة تدفع عجلة الاقتصاد، كما حاول وللمرة الأولى أن يعيد الاعتبار ويعزز مشاعر الانتماء لدى أهلها".

كانت تلك هي كلمات الناشط السيناوي، أبو الفاتح الأخرسي، في معرض مقارنته بين تعامل قادة العسكر مع سيناء، وطريقة تعامل الرئيس محمد مرسي مع هذه المنطقة المأزومة.

وتشهد سيناء، البوابة الشرقية لمصر، توترا أمنيا على مدى أربع سنوات، ومواجهات يقودها الجيش والشرطة ضد ما تسميها السلطات عناصر إجرامية وتكفيرية، حيث ينشط هناك تنظيم الدولة، فيما أدت المواجهات لقتل وتشريد الآلاف من الأهالي وتدمير مئات المنازل، فيما قام الجيش بعزل مناطق واسعة متاخمة للحدود مع غزة وأراضي فلسطين 48، وتفريغها من السكان.

ومؤخرا، ومع تصاعد الأحداث هناك، انتقد محللون ومتابعون غياب قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي عن المشهد بسيناء، وعدم زيارته المنطقة الملتهبة، فيما أشاروا إلى زيارة مرسي سيناء أربع مرات خلال حكمه الذي استمر عاما واحدا.

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أبو الفاتح الأخرسي أن الرئيس "المخلوع مبارك زار شمال سيناء مرتين طوال فترة حكمه (30 سنة)، وزارها مرسي أربع مرات خلال سنة واحدة (منتصف 2012 وحتى منتصف 2013).

وأضاف الأخرسي: "أما السيسي، فقد قيل إنه زار سيناء مرة واحدة سرا، محاطا بعناصر مخابراتية وقوات خاصة، فيما لم يتمكن أحد في سيناء من معرفة مكان الزيارة وموعدها، إن كانت حقيقية"، كما قال.

أرادها جنة

وحول المقارنة بين مرسي والسيسي في ملف سيناء، قال الأخرسي: "لا وجه للمقارنة، فالرئيس مرسى رآها كنزا مهملا، وتطلع لتنفيذ مشروع عاجل للنهضة والتنمية بها، ورصد 4.6 مليار جنيه كبداية، يتم إنفاقها خلال ستة أشهر فقط، بما يعكس رغبة حقيقية، وخطوات جادة لم يشهدها تاريخ شبه الجزيرة".

وأشار الأخرسي إلى أن مشروع تنمية محور قناة السويس الواعد كان نصيب سيناء منه كبيرا، بحكم أن نصفه الشرقي يقع داخل شبه الجزيرة، مضيفا أن "مرسي أصر على تنفيذ المشروع، رغم كل محاولات قيادات الجيش آنذاك تعطيله بشتى الطرق والحيل، ومنها التعلل بالأمن القومي المصري".

وأكد الأخرسي أن "رفض قادة الجيش مشروع مرسي أعطى مؤشرا وقتها على أن المجلس العسكري لا يعتبر القناة قطعة من الوطن، بل يعتبرونها تقع على أطراف البلاد، بما يوحي بأنهم لا يعتبرون سيناء ضمن جسد القطر المصري"، حسب قوله.

.. وأرادوها خرابا

وأضاف الأخرسي: "على الجانب الآخر، فإن قائد الانقلاب اعتبر سيناء شهادة اعتماده لدى إسرائيل ودوائر الحكم النافذة في دوائر اتخاذ القرار الغربي والأمريكي".

وقال الأخرسي: "الجنرال المنقلب سعى لإفراغ سيناء من أهلها، في خطوة قرأها المحللون في سياق تأمين حدود إسرائيل وخدمة أمنها القومي، والعبث بسيادة البلاد وتهديد مصالحها"، مشيرا إلى أن "تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير أحد أوجه التلاعب الخطير بالأمن القومي المصري"، وفق الأخرسي.

أراد فتحها فأغلقوها


ورأى البرلماني السابق، طارق مرسي، أن "المقارنة في ملف سيناء لا محل لها من الإعراب، فالدكتور مرسي أراد تنميتها، واعتبر أن تعميرها إحدى ركائز الأمن القومي"، مشيرا إلى ملف كامل لتنمية سيناء أعدته حكومة هشام قنديل خلال رئاسة مرسي.

ولفت النائب السابق، في حديث لـ"عربي21"، إلى أن "مرسي زار سيناء وسط أحداث قتل وخطف الجنود (2012)، رغم التحذيرات الأمنية، والتقى الأهالي أكثر من مرة، وجلس معهم، واستمع منهم"، مضيفا: "لعل جزءا مما يقوم به السيسي في سيناء هو عقاب للأهالي على ولائهم لشرعية الرئيس المنتخب"، بحسب قوله.

وأشار طارق مرسي إلى أن "سيناء بعهدة مرسي كانت كتابا مفتوحا أمام وسائل الإعلام، ويزورها رئيس الوزراء والوزراء وأعضاء برلمان الثورة، ومستشارو الرئيس"، مذكّرا بزيارات مساعد مرسي لملف التواصل المجتمعي، عماد عبد الغفور، المتتالية للقاء أهالي سيناء.

وأضاف أن السيسي لم يزر سيناء "في الوقت الذي أصبحت فيه شبه جزيرة معزولة لا يدخلها الإعلام، ولا يزورها نواب الشعب ولا الوزراء ولا المسؤولون".

وأشار إلى أن "المتحدث العسكري للجيش هو الناقل الحصري لما يحدث في سيناء، في الوقت الذي يصر فيه النظام على منع الصحفيين والإعلاميين من دخولها لنقل الحقائق"، كما قال.

وتحدث طارق مرسي عن "مخطط" تقوده مخابرات السيسي بالتعاون مع القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح محمد دحلان، وإسرائيل؛ بهدف "تفريغ سيناء" من أهلها لتصبح ميدانا للتوسع الإسرائيلي في أي ظرف. وفي الوقت ذاته، لعمل كماشة على قطاع غزة، على حد قوله.

وأكد أن ما يقوم به السيسي "يخالف تماما رؤية الرئيس مرسي الذي كان يريد إعمار سيناء؛ بتنمية الأرض وزيادة والموارد وكسب ود الأهالي، والحفاظ في الوقت ذاته على الأشقاء في قطاع غزة".

من الذي باع؟

وقال الناشط حسام قاسم: "السيسي عقب الانقلاب على مرسي دمر المنازل والحقول والمزارع، وقتل الأطفال قبل الكبار"، معتبرا أنه "جاء لمهمة تدمير سيناء وتفريغها من أهلها"، على حد قوله.

وأضاف قاسم عبر صفحته على فيسبوك: "الحديث الآن يدور عن قوات دولية بسيناء، لتكتمل للمؤامرة، ومن ثم تسليمها لإسرائيل، وتكون وطنا للفلسطينيين"، مشيرا إلى أن "تلك الجرائم اتهموا بها الرئيس مرسي كذبا وزورا"، بحسب تعبيره.