على الرغم من التعزيزات العسكرية الكبيرة التي استقدمها الأتراك إلى الشمال السوري خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أن مجلس الأمن التركي أعلن الأربعاء، انتهاء "عملية
درع الفرات" في الشمال السوري، الأمر الذي اعتبره عدد من المراقبين إعلانا سياسيا، أكثر منه إعلانا عسكريا.
وقال القيادي في "درع الفرات"، وعضو المكتب السياسي لألوية المعتصم "مصطفى سيجري" لـ"
عربي21": "إن العملية نجحت في الوصل ما بين المحور الثلاثي في الشّمال السوري (إعزاز، الباب، جرابلس)، بمسافة تتجاوز ألفي كيلو متر، وهي بحسب "سيجري" محمية من الهجمات الصاروخية، والجوية".
وأشار إلى أنّ الإعلان التركي، هو بداية لمرحلة جديدة من العمل، وأن الحرب على "
داعش" ونظام
الأسد لن تتوقف، مؤكدا في الوقت ذاته على الاستمرار في تحرير المناطق من الميلشيات الكردية في "تل رفعت" و"منبج" وغيرها من المناطق السورية.
وبحسب "مصطفى سيجري"، فإن
تركيا تراعي في قراراتها "التوازنات الدولية التي تحاول حشرها في الزاوية"، لكن الجيش الحر سيستمر في العمل من أجل تحرير كامل المناطق السورية، من المحتلين.
وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أعلن، الأربعاء، انتهاء عملية درع الفرات، بالسيطرة على الباب، والتي انطلقت في آب/ أغسطس من العام الماضي، مشيرا إلى استمرار الحرب على الإرهاب، ومؤكدا أن أي عملية عسكرية ستطلقها "تركيا" سيكون لها أسماء أخرى.
من جهته، يؤكد المحرر في صحيفة "ريفرنس التركية" الصحفي فراس ديب لـ"
عربي21" نجاع عملية "درع الفرات" في تحقيق الأهداف الإستراتيجية التركية، من خلال دفع تنظيم "الدولة" عن الشريط الحدودي الواقع بين "جرابلس" و"إعزاز".
ويشير ديب إلى ارتدادات العملية على الداخل التركي أيضا، من خلال ضرب بعض شبكات الاتصال، والدعم اللوجستي، لعدد كبير من الخلايا النائمة للتنظيم داخل الأراضي التركية.
وسبق الإعلان التركي عن انتهاء عملية "درع الفرات"، استقدام الجيش التركي في 23 من الشهري الجاري، لتعزيزات إلى الشّمال السوري في منطقة "إعزاز"، من أجل تعزيز مواقعه العسكرية على خطوط التماس مع وحدات الحماية الكردية في محيط "مارع"، وغيرها.
وكشف قائد "اللواء 51" المشارك في عملية "درع الفرات"، العقيد هيثم العفيسي لـ"
عربي21" أنّ التعزيزات التركية الأخيرة، تهدف إلى تأمين المنطقة الآمنة المزمع إقامتها في الشّمال السوري، تحت الوصاية التركية، ولقطع الطريق على المقاتلين الأكراد، ومنع حلمهم في إقامة دولة كردية على حدودها.
ونفى العفيسي، أن تكون تلك التعزيزات من أجل تأمين مدينة الباب من خلال السيطرة على "تادف"، منوها بكون الأخيرة نقطة فصل وخط تماس، بين قوات النظام، ومقاتلي "درع الفرات".
وأشار إلى أنّ الشمال السوري، سيبقى منطقة نزاع دولي، فيما ستبقى المنطقة الآمنة (إعزاز- الباب) تحت الوصاية التركية، حتى الانتهاء من الحرب على تنظيم "الدولة" على الأقل.
وينظر البعض إلى أنّ استقدام الأتراك لتعزيزات عسكرية إضافية في الشّمال السوري، يهدف للضغط على "واشنطن" من أجل إشراكها في عملية الرقة ضد تنظيم "الدولة".
وهو الرأي الذي يرجحه الصحفي "فراس ديب"، حيث يقول: "التعزيزات التركية، متعلّقة بمعركة الرقة على الأرجح، حيث تنتظر تركيا جوابا واضحا من واشنطن حول الجهة التي سيتحرك التحالف إلى جانبها في عملية الرقة"، و"المفاضلة بين قوات
سوريا الديمقراطية، ذات الغالبية الكردية، وبين الأتراك وحلفائهم من التشكيلات العسكرية المنضوية في درع الفرات".
ويختتم ديب حديثه بالقول: "يصعب التنبؤ بمسار الأحداث هناك بالنسبة لتركيا دون قراءة إشارات واضحة من الجانب الأمريكي، وهو الأمر المفقود في الوقت الراهن، لعدة أسباب قد يكون أبرزها عدم استتباب الأمر في البيت الأبيض واستمرار سياسة الإدارة السابقة في المنطقة".
ويبقى الإعلان التركي عن انتهاء "درع الفرات" مجرد رسالة طمأنة سياسة لا أكثر، للروس، بعدم الاقتراب من معاقل المقاتلين الأكراد في "منبج" و"تل رفعت" وغيرها، دون مفاعيل عسكرية على الأرض، ريثما يتضح المشهد السوري بشكل أكبر، حول معركة "الرقة"، والموقف الدولي من الفيدرالية الكردية، إضافة إلى رمزية سيطرة الأمريكان على مطار "الطبقة"، وإمكانية الاستغناء عن الخدمات التركية الجوية لهم من خلال قاعدة "انجرليك".