توقع خبراء ومصرفيون، أن تشهد
الصيرفة الإسلامية مزيدا من النمو خلال الفترات المقبلة، خاصة مع اتجاه دول الغرب إليها واتجاه غالبية دول العالم إلى الإصدارات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وأوضحوا أن تيارا كبيرا من المصرفيين الأوروبيين والغربيين أصبحوا مؤمنين بقدرة
التمويل الإسلامي على تلبية الطموحات العالمية، وإحداث درجة أعلى من الاستقرار المصرفي على المستوى الدولي، وخلق مزيد من التوازن في آليات الاقتصاد الكلي، بما يمكن النظام الاقتصادي العالمي من استعادة معدلات النمو المرتفعة.
وقال الدكتور روبرت تشاب مان أستاذ المالية العامة سابقا والاستشاري في عدد من مؤسسات الإقراض المالي الدولية، إن الاهتمام الغربي بالتمويل الإسلامي أمر طبيعي، مشيرا إلى أن التمويل الإسلامي يشمل حاليا مجموعة متنوعة للغاية من الأنشطة المالية والتمويلية، ووفقا لتقديرات مؤسسة دولية مثل صندوق النقد الدولي فإن أصول الصيرفة والصكوك تمثل حاليا نحو 95 في المائة من مجموع أصول التمويل الإسلامي.
وأوضح وفقا لصحيفة "الاقتصادية"، أنه في العام قبل الماضي قدر الصندوق أن أصول التمويل الإسلامي قفزت من 200 مليار دولار أمريكي عام 2003 إلى 1.8 تريليون دولار بنهاية عام 2013 إلى تريليوني دولار العام الماضي، لتصل هذا العام وفقا لتقديرات بعض الخبراء إلى ما يتراوح بين 2.3 و2.5 تريليون دولار وسط توقعات بأن تصل إلى ما يتراوح بين 5.5 و6 تريليونات دولار بحلول عام 2025، وتتركز بالأساس في البلدان الخليجية وتحديدا السعودية وماليزيا وتركيا.
ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، فإن نمو التمويل الإسلامي تفوق خلال الأعوام العشرة الماضية على نظم التمويل التقليدية، وتجاوز معدل نفاذ الصيرفة الإسلامية إلى الأسواق 15 في المائة في 12 بلدا من بلدان الشرق الأوسط وآسيا، وقدر الصندوق مقدار الزيادة في الصكوك الإسلامية بنحو عشرين ضعفا لتصل عام 2013 إلى 120 مليار دولار أمريكي، بينما يقدرها بعض المصرفيين حاليا بما يتراوح بين 250 و285 مليارا وسط تقديرات بأن تبلغ تريليون دولار بحلول عام 2025، جراء التوسع المتزايد في أسواق غير تقليدية وتحديدا الأسواق الأوروبية.
ويرى وليام تشتر الخبير المصرفي والباحث السابق في البنك الدولي، أن التمويل الإسلامي قد يمثل منافسا شديد الخطورة لأنظمة التمويل المصرفي التقليدية بحلول منتصف القرن.
وأوضح أن إدراج صندوق النقد للتمويل الإسلامي رسميا ضمن تنظيماته الرقابية، وتأكيده اعتماد لوائح للتمويل الإسلامي بحلول العام المقبل، يعود أساسا إلى إدراك القائمين على تلك المؤسسة المالية العملاقة، للدور المهم والمتزايد الذي يقوم به التمويل الإسلامي في الوقت الراهن في العديد من البلدان.
على صعيد آخر، فإن اهتمام الصندوق بالتمويل الإسلامي سيمنح هذا النمط من التمويل، دفعة قوية إلى الأمام ستسهم في تعزيز مكانته في أسواق المال العالمية.
وشددت الدكتورة سو دوغلاس الخبيرة في مجال الاستثمار، على أهمية تلك العوامل في تعزيز دور التمويل الإسلامي في أنظمة التمويل العالمية، لكنها تعتقد أن أسباب صعود التمويل الإسلامي على المستوى الدولي، تعود إلى أسباب كامنة في المفهوم في حد ذاته، بحيث تجعله أكثر أمنا للمودعين والمستثمرين، ما يجعله جذابا للطرفين.
وأوضحت أن فكرة تقاسم المخاطر وحظر المضاربات، هي فكرة أصيلة وجوهرية في النظام المالي الإسلامي، تجعله ملائما للعديد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتلك من الأسباب التي عززت من مكانة التمويل الإسلامي في فترة الأزمة الاقتصادية والمالية الدولية الراهنة.
وقال الاقتصادي العربي أحمد سيف فخري، إن الأفق مفتوح للتمويل الإسلامي، لكنه يجب أن يحرص على إحداث بعض الإصلاحات التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في حال القيام بها، في إحداث طفرة نوعية في إجمالي أصوله الكلية، وحجم مساهمته الفعلية في سوق التمويل العالمي.
وأشار إلى أن الجزء الأكبر من التمويل الإسلامي لا يزال محصورا في نطاق المعاملات البنكية، وهذا يضيق إلى حد كبير القنوات الأخرى المتاحة لتوسيع أشكال التمويل الإسلامي وما يرتبط بها من ربحية.