في تحد واضح لقرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية بإيقافه عن العمل، التقى وزير الدفاع العقيد المهدي البرغثي؛ بمجموعة عسكرية وقادة في غرفة عمليات "البنيان المرصوص" في مكتبه بالعاصمة طرابلس للحوار حول "المستجدات العسكرية".
ودعا البرغثي؛ الضباط لـ"اليقظة والاستعداد لتنفيذ المهام المكلفين بها لتأمين المواطنين ومكافحة النشاطات الإرهابية"، بحسب المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع الليبية.
وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فائز السراج، قد أصدر قرارا بإيقاف البرغثي وآمر القوة الثالثة جمال التريكي عن العمل، للتحقيق في أحداث قاعدة براك الشاطئ الجوية (جنوب
ليبيا)، حيث طردت القوات تابعة لحكومة الوفاق؛ قوات اللواء خليفة
حفتر من القاعدة، وقُتل أكثر من 140 عنصرا من قوات حفتر، علما بأن البرغثي كان أحد القيادات في قوات حفتر قبل أن ينشق عنه وينضم لحكومة الوفاق.
وطرح هذا التحدي من قبل وزير الدفاع عدة تساؤلات، من قبيل: هل سيستقوي البرغثي بقوات البنيان المرصوص لمواجهة السراج؟ وهل بدأ الانشقاق والتفسخ فعليا في المجلس الرئاسي بعد سياساته المرفوضة من قبل عسكريين في الغرب الليبي؟ وهل يمكن أن تشهد طرابلس انقلابا على السراج ومجلسه؟
"انقلاب وشيك"
من جهته، أكد رئيس المجلس العسكري في صبراتة (غرب ليبيا)، العميد الطاهر الغرابلي، أن "هناك خلافا حقيقيا بين وزارة الدفاع ووزيرها، وبين المجلس الرئاسي بخصوص أحداث الجنوب الأخيرة وبعض الأمور الأخرى، التي نرى فيها أن المجلس يكيل بمكيالين"، حسب قوله.
وكشف لـ"
عربي21"؛ أنه "ربما يكون هناك أي عمل عسكري أو سياسي ضد الرئاسي في الوقت القريب، نتيجة سوء الأوضاع وضعف المجلس في وضع حلول جذرية للمشكلات"، مشيرا إلى أن "سحب المجلس العسكري لمدينة مصراتة اعترافه بالمجلس الرئاسي؛ ينذر بشيء قريب، وربما يصل الأمر إلى طرد المجلس من المنطقة الغربية كلها"، وفق تقديره.
وتابع: "لقاء الوزير بقيادات عسكرية كبيرة ومعروفة في البنيان المرصوص؛ له دلالة عسكرية تؤكد رفض قرار الإيقاف من ناحية، وتراجع الدعم الشعبي والعسكري للرئاسي من ناحية أخرى"، مضيفا: "حقيقة نرى أن التحقيق مع "البرغثي" خاصة في هذا التوقيت غير مقبول، ونتساءل: وأين الرئاسي من جرائم حفتر في بنغازي وغيرها؟".
وأوضح الغرابلي أن "عملية براك الشاطئ (ضد قوات حفتر في الجنوب) كانت ضرورية لضرب قوات تابعة لما يسمى عملية "الكرامة"، وهي عملية استباقية، خاصة بعد رصد طائرات تحمل خزينة وعتادا تابعة لحفتر هبطت في القاعدة الجوية هناك لدعم مؤيدين له، وهو ما فجر الأحداث"، بحسب وصفه.
وهذا ما أكده أيضا الناشط الحقوقي الليبي، المهدي أحميد، بقوله لـ"
عربي21"، إن "أكبر دليل على أن الانقلاب في المنطقة الغربية بات وشيكا؛ هو آخر بيان لأعيان وثوار مصراتة والمليشيات التابعة لها، بالتضامن والوقوف مع القوة الثالثة في أحداث براك الشاطئ".
خط أحمر
لكن الكاتب والباحث السياسي، عز الدين عقيل، استبعد من جانبه حدوث أي انقلابات سياسية أو عسكرية على المجلس الرئاسي؛ لأن الأخير له تأييد وحماية دولية، ولن تسمح القوى الدولية بإسقاطه أو حدوث حرب في العاصمة لأنها "خط أحمر".
وأوضح أن "القوى الدولية سبق وأن منعت انقلابا عسكريا من قبل على الرئاسي حاولت القيام به مجموعات مسلحة تابعة لحكومة الإنقاذ السابقة، في عملية أسموها فخر ليبيا"، كما قال لـ"
عربي21".
وبخصوص دلالة تحدي الوزير لقرار "الرئاسي"، قال عقيل: "البرغثي يتصرف كأنه قائد ميليشيات وهو من الصعب إقناعه بالإقالة والتخلي عن المنصب، وتحديه للقرار يخالف العرف العسكري، وللعلم فإن هذا الشخص نفسه جاء مفروضا على المجلس الرئاسي من قبل مجموعات مسلحة، ومن ثم فالطبيعي أنه يرفض إيقافه عن العمل".
مصراتة وحفتر
لكن المدون الليبي، فرج كريكش، رأى من جانبه؛ أن "التحدي الصعب في الغرب الليبي هو مدينة مصراتة، كما أن تحدي حفتر في الشرق، وكل محاولات الالتفاف على هذين التحديين هو محض عبث"، حسب وصفه.
وأضاف لـ"
عربي21": "أعتقد أن السراج لم ولن يستطيع أن يكتشف الشفرة التي يجمع فيها بين سلاح مصراتة وسلاح حفتر، ولذلك فإن تصرفاته الأخيرة مع "البرغثي"، ما هي إلا مرآة تعكس ذلك التخبط في البحث عن كلمة سر غير موجودة".
وقال المحلل السياسي، أسامة كعبار، إن "قرار إيقاف البرغثي لم يكن قرارا جماعيا من الرئاسي، وعليه فلا قيمة له"، بحسب تعبيره.
وتابع: "بكل تأكيد هذا الأمر هو انشقاق وتصدع في حكومة السراج، وهذا سيكون له تبعات قادمة"، مضيفا لـ"
عربي21": "السراج أصبح غير مرغوب فيه لكثرة تخاذله، وعليه المغادرة ولن تحدث أي انقلابات عسكرية، لكن سيغادر بالمسار الديمقراطي المدني"، على حد قوله.